و إذا ظهر أن باعث التجريح هو التحامل بشتى صوره السابقة العقدية أو المذهبية أو التنافسية أو التخاصمية، فعندئذٍ لا يُلتفت إليه، و يعامل الراوي بتعديل المعدلين، قال الإمام الذهبي: ((كثير من كلام الأقران بعضهم في بعض ينبغي أن يُطوى ولا يُروى ويُطرح ولا يُجعل طعناً، ويعامل الرجل بالعدل والقسط)) (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=919194#_ftn13)13) .
ثم نقل الدكتور اللحيدان في معرض الحديث عن القرائن المرجحة لتقديم التعديل على التجريج مع ذكر عدد من التطبيقات على ذلك فيقول حفظه الله:
القرينة الرابعة: أن يكون باعثه المشاحنة و الحسد و التنافس بين الأقران:
التطبيق (87)
في ترجمة: عامر الشعبي، و عكرمة مولى ابن عباس حيث تكلم إبراهيم النخعي في الشعبي، و تكلم الشعبي في عكرمة.
و لم يعتد النقاد بكلامهم؛ لأنهم أقران، قال الإمام البخاري: ((لم ينج كثير من الناس من كلام بعض الناس فيهم نحو ما يُذكر عن إبراهيم من كلامه في الشعبي، و كلام الشعبي في عكرمة، و لم يلتفت أهل العلم في هذا النحو إلا ببيانٍ و حجة، و لم تسقط عدالتهم إلا ببرهان و حجة)) (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=919194#_ftn14)14) ، وهؤلاء جميعاً أقران.
التطبيق (88)
في ترجمة: عكرمة مولى ابن عباس، حيث قال الإمام سعيد بن المسيب لمولى له يقال له بُرْد: ((لا تكذب علي كما يكذب عكرمة على ابن عباس)) (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=919194#_ftn15)15) .
و لم يرتضوا كلام سعيد؛ لأمور منها: أن بينهما مشاحنة أقران سببها بيّنه أيوب السَّخْتياني، حيث روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن أيوب السَّخْتياني قال: ((سأل رجل ابن المسيب عن رجل نذر نذراً لا ينبغي له ذكر أنه معصية؟ فأمره أن يوفيه، قال: ثم سأل الرجل عكرمة فأمره، أن يكفر يمينه ولا يوفي نذره، قال: فرجع الرجل إلى ابن المسيب فأخبره بقول عكرمة، فقال ابن المسيب: لينتهين عكرمة أو ليوجعن ظهره، فرجع الرجل إلى عكرمة فأخبره، فقال له عكرمة: أما إذا بلّغتني فبلّغه، أما هو فقد ضربت الأمراء ظهره، أوقفوه في تُبّان من شعر، وسله عن نذرك أطاعة هو لله أم معصية؟ فإن قال: هو معصية، فقد أمرك بمعصية الله، وإن قال: هو طاعة لله، فقد كذب على الله حين زعم أن معصية الله طاعة)) (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=919194#_ftn16)16) .
و يُعرّض سعيد رحمه الله بمثل ذلك في كلامه، و منه ما روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن عمرو بن مرة أنه قال: ((سأل رجل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن؟ فقال: لا تسألني عن القرآن وسل عنه من يزعم أنه لا يخفى عليه منه شيء، يعني عكرمة)) (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=919194#_ftn17)17) .
و قال الإمام أبو عبد الله محمد بن نصر المَرْوَزي (394هـ): ((لهذا كان بين سعيد بن المسيب و بين عكرمة ما كان، حتى قال فيه ما حكى عنه أنه قال لغلامه بُرْد: لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس)) (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=919194#_ftn18)18) .
و قال الإمام ابن عبد البر: ((أما قول سعيد بن المسيب فيه فقد ذكر العلة الموجبة للعداوة بينهما أبو عبد الله محمد بن نصر المَرْوَزي)) (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=919194#_ftn19)19) .
و قال الإمام ابن عبد البر: ((قد كان بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم، و جلة العلماء عند الغضب كلام هو أكثر من هذا، و لكن أهل الفهم و العلم و الميز لا يلتفتون إلى ذلك؛ لأنهم بشر يغضبون و يرضون، و القول في الرضا غير القول في الغضب)) (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=919194#_ftn20)20) .
و لكلام سعيد رحمه الله محمل آخر، هو أنه استعمل الكذب في الخطأ
التطبيق (89)
¥