وقد نبه على ذلك الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله تعالى، فقال: " في سنن أبي داود أحاديث ظاهرة الضعف لم يبينها؛ مع أنه متفق على ضعفها، فلابد من تأويل كلامه "، ثم قال: " والحق: أن ما وجدناه في سننه مما لم يبيِّنه، ولم ينصَّ على صحته أو حسنه أحد ممن يعتمد: فهو حسن، وإن نصَّ على ضعفه مَن يعتمد، أو رأى العارف في سنده ما يقتضي الضعف ولا جابر له: حكم بضعفه، ولم يلتفت إلى سكوت أبي داود ".
قلت: وهذا هو التحقيق، لكنه خالف ذلك في مواضع من شرح المهذب وغيره من تصانيفه، فاحتج بأحاديث كثيرة من أجل سكوت أبي داود عليها؛ فلا يغتر بذلك والله أعلم " انتهى كلام ابن حجر بنصه من النكت [وانظر: البحر الذي زخر (3/ 1075 - 1108). ختم سنن أبي داود لعبد الله بن سالم البصري (78)].
مثال:
عمرو بن يحيى، عن أبي زيد، عن معقل بن أبي معقل الأسدي، قال: نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلتين ببول أو غائط.
قال أبو داود: وأبو زيد هو مولى بني ثعلبة.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 391). وابن ماجه (319). وأحمد (4/ 210). وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 139و140). وفي المسند (772). وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 295و296/ 1057و1058). والطحاوي في شرح المعاني (4/ 233). وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2513/6091). والبيهقي (1/ 91). والخطيب في الموضح (2/ 475). والحازمي في الاعتبار (38)
قال مغلطاي في شرح سنن ابن ماجه (1/ 114): "وهذا حديث: إسناده ضعيف؛ للجهل بحال راويه أبي زيد؛ فإنه لم يرو عنه غير عمرو، وينضم إلى جهالته: انقطاع حديثه؛ فيما ذكره العسكري: من أن معقلاً مات في أيام النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كان كذلك؛ فيكون حديثه عنه منقطعاً، لأنه ليس صحابياً، ولا ذكره منهم أحد؛ فتعين انقطاع حديثه" وقال أيضاً: "ولم أر أحداً - فيما أعلم- تعرض لمعرفة حاله" وقال أيضاً: "وليس بكاف سكوت أبي داود عنه، ... ، وكذا سكوت المنذري عنه" [وانظر: فيض القدير (6/ 343)].
وقال الذهبي في الكنى (2/ 89): " لم يصح ".
وقال في تهذيب السنن الكبرى للبيهقي (1/ 98/387) في أبي زيد هذا: " لا يدرى من هو ".
وقال ابن حجر في الفتح (1/ 246): " وهو حديث ضعيف؛ لأن فيه راوياً مجهول الحال ".
وقال الصنعاني في سبل السلام (1/ 78): " وهو حديث ضعيف، لا يقوى على رفع الأصل ".
وقال الشوكاني في السيل الجرار (1/ 69): "وفي إسناده: أبو زيد، الراوي له عن معقل، وهو: مجهول؛ فلا تقوم به حجة، ولم يرِد في بيت المقدس غيره".
قلت: وهو كما قالوا؛ فإن أبا زيد هذا لم يرو عنه سوى عمرو بن يحيى، قال عنه ابن المديني: "ليس بالمعروف" وقال في التقريب (1150): "مجهول". [وانظر: الاستغناء (718). فتح الباب (2919). كنى مسلم (394). التهذيب (10/ 116)].
وبهذا تعرف ضعف ما ذهب إليه النووي في المجموع (2/ 99) حين قال في هذا الحديث: "وإسناده جيد، ولم يضعفه أبو داود".
ـ[أبوعبيدة الغريب]ــــــــ[31 - 12 - 08, 12:14 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي رمضان على النقل
كلامي في الأعلى القسم الأكبر منه مأخوذ من النقول التي أوردتها
و ما عملي فيه إلا التبسيط والاختصار
ـ[أبوعبيدة الغريب]ــــــــ[01 - 01 - 09, 01:36 ص]ـ
هناك رسالة لأحد الدكاترة في الجامعة الاسلامية حول ما سكت عنه ابو داود.
جزاك الله خيرا
هل يوجد لها روابط على النت.
وهلا تكرمت باسمها جزاك الله خيرا.