[تلامذة المستشرقين ينشرون سمومهم]
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[21 - 01 - 09, 08:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
[تلامذة المستشرقين ينشرون سمومهم]
ومرت أوقات كان الغرب فيها يزاول هذه المهمات بنفسه، ثم اهتدوا إلى (البديل) وهم المتأثرون بهم من أبناء المسلمين: فريق مخدوع تتلمذ على أيدي المستشرقين، وأشربت نفسه أغراضهم وأمراضهم، فلم يَعُدْ يرى إلا بعيونهم، ولا يسمع إلا بآذانهم، ولا يفهم ولا يعي إلا بعقولهم، شُحِنَ بالشبهات، ثم دُفِعَ به إلى دور العلم والإعلام، ينشر سمومه، ويثير في سماء السنة غيومه، فلم يترك قاعدة من قواعد علوم الحديث إلا شكك في قيمتها وجدواها، ولم يدع راويا من كبار الرواة من الصحابة والتابعين إلا نسج حوله الشبهات، واتهمه بعظيم الاتهامات توطئة لرد كل ما نقل عنه من المرويات، ولم يترك كتاباً من كتب السنة التي أجمعت الأمة علي تلقيها بالقبول، وسلمت لرجالها بالعلم والفهم والفضل إلا شكك في أصولها، وطعن في رواتها وأسانيدها ومتونها.
من أبرز هؤلاء التلاميذ: المدعو محمود أبو رية فقد ألف كتابه (أضواء على السنة المحمدية)، وما هو بأضواء؛ ولكنه ظلمات في ظلمات، حمل فيه علي السنة ونقلتها، وذهب يطعن في صحاح الأحاديث في أصح مصادرها، وقد صرح بتكذيبه بأحاديث كثيرة وردت في البخاري ومسلم وغيرهما، وزعم أن صحاح كتب السنة حوت كثيراً من الإسرائيليات والمسيحيات على حد تعبيره، وقد ضرب عرض الحائط بالقواعد والموازين التي وضعها علماء الحديث لتبين الصحيح من الباطل من الأحاديث.
انظر إلى منهجه في التصحيح والتضعيف حيث يقول: (أصبحت على بينة من أمر ما نسب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أحاديث، آخذ ما آخذ منه ونفسي راضية، وأدع ما أدع وقلبي مطمئن، ولا عليَّ في هذا أو ذاك أي حرج أو جناح) (1)، فقد جعل عقله المقياس في قبول الحديث أو رفضه، وإذا رضينا منهجه هذا، فإن السنة تصبح لعبة في أيدي الناس، يكذب كل فريق بما صدق به غيره.
وقد أمعن أبو رية في التطاول على الصحابي الجليل أبي هريرة، ومما قال فيه: (وسجل التاريخ أنه كان أَكِلاً نَهِمَاً، يُطْعَمُ كل يوم في بيت النبي، أو في بيت أحد أصحابه، حتى كان بعضهم ينفر منه) (2)، وكذب بالأحاديث التي وردت من طريق هذا الصحابي الجليل.
وقد فتح أبو رية بكتابه هذا باب شر كبير، وقد أخذ شبهاته التي سطرها كثير من المغرضين والحاقدين، فما من كاتب رام الهجوم علي السنة إلا وكانت ظلمات أبي رية أحد مراجعه.
وحسبنا أن نعلم أن جذور أبي رية تمتد إلى ما كتبه أعداء الإسلام، وليس هذا تقولاً عليه، ولكننا من فمّه ندينه، فقد جاء في كتابه قوله: (من يشاء أن يستزيد من معرفة الإسرائيليات والمسيحيات وغيرها في الدين الإسلامي، فليرجع إلى كتب الحديث والتاريخ، وإلى كتب المستشرقين أمثال (جولد تسيهر، وفون كريمر) (3).
لكن هؤلاء وأولئك ومن لفَّ لفهم وسعي سعيهم ورام هدفهم في محاربة السنة، لن يصلوا ــ بإذن الله تعالى ــ إلى هدفهم المنشود وغايتهم المطلوبة، بل سيظلون يتخبطون خبط عشواء في متاهات مظلمة، كثيرة الالتواء، صعبة المخرج، إلى أن يموتوا غيظاً وحقداً وكمداً، لأن الله تكفل بحفظ دينه وإظهاره وعلوه في دنيا العالمين، قال تعالى: (إنَّا نحن نزلنا الذكر وإنَّا له لحافظون) (4) وقال تعالى: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) (5).
وتصديقاً لهذا الوعد الإلهي فقد قيض الله للسنة ــ عبر القرون المختلفة ــ جنودا يذبون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ولهم مؤلفات ــ في القديم والحديث ــ محمودة مشكورة في هذا الباب، منها:
1 ــ كتاب (الرسالة) و (اختلاف الحديث) للإمام الشافعي.
2 ــ كتاب (تأويل مختلف الحديث) لابن قتيبة.
3 ــ كتاب (شرح مشكل الآثار) للإمام الطحاوي.
4 ــ كتاب (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي) للدكتور مصطفى السباعي.
5 ــ كتاب (دفاع عن السنة) للدكتور محمد أبو شهبة.
¥