فأبو عبيدة رحمه الله تعالى-إذا صحت العبارة عنه في كتاب أقوال قتادة- صار إلى تأؤيل رواية النهي عن اكل لحوم الحمر الأهلية .. فنظر في ملابسات الرواية ووجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية لأنها كانت حمولة المسلمين في خيبر فهي ليست محرمة لذاتها .. وكلام الربيع الذي مضى يفسر ضمنا أن أبا عبيدة لا يرفض الرواية ولكن ظهر له –رحمه الله تعالى –أن هناك ملابسات أحاطت بالرواية أدت إلى اعتبار تحريم الحمر الأهلية لذاتها وهي ليست كذلك كما هو فهمه لهذه القضية ولم نجد أنه طعن في رجال الخبر!!
... وهذا الذي ذهب إليه ابن عباس وجملة من الصحابة رضي الله عنهم //فهل كذب ابن عباس الصحابة الذي رووا الخبر وطعن فيهم؟؟؟ لا ليس الأمر كذلك
ولم نجد فيما لدينا من مصادر قديمة يفترض ابن بركة نقل منها أن أبا عبيدة طعن في بعض رجال أحاديث تحريم الحمر الأهلية وذوات الناب!!
ومما يؤكد وهم ابن بركة –رحمه الله تعالى – في هذه القضية هو نسبة هذا الأمر إلى مالك بن أنس فنسب إليه أيضا أنه طعن في رجال ذلك الحديث!! مع أن مالك بن أنس رواه أيضا في موطأه بأصح الأسانيد!! عن علي بن أبي طالب أيضا
حيث ورد في الموطأ: 4 - حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ
وفي الموطأ ايضا:
" .. بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ أَكْلِ الدَّوَابِّ حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك أَنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ
{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً}
وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الْأَنْعَامِ
{لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}
وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
{لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}
{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}
قَالَ مَالِك و سَمِعْت أَنَّ الْبَائِسَ هُوَ الْفَقِيرُ وَأَنَّ الْمُعْتَرَّ هُوَ الزَّائِرُ قَالَ مَالِك فَذَكَرَ اللَّهُ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ وَذَكَرَ الْأَنْعَامَ لِلرُّكُوبِ وَالْأَكْلِ قَالَ مَالِك وَالْقَانِعُ هُوَ الْفَقِيرُ أَيْضًا
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ حَرَامٌ
- و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ عَبِيدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ حَرَامٌ
قَالَ مَالِك وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا .. "
فهذه الروايات صريحة في قبول مالك لرواية تحريم كل ذي ناب من السباع!! وراية علي بن أبي طالب في تحريم لحوم الحمر الأهلية
ومع ورود هذا عن مالك صراحة في موطأهفي تحريمه لحوم السباع الإ أن بعض العلماء نسب إليه خلاف ذلك
قال ابن حجر في شرحه على البخاري معلقا على روايات لحوم السباع:" ... قَالَ التِّرْمِذِيّ: الْعَمَل عَلَى هَذَا عِنْد أَكْثَر أَهْل الْعِلْم، وَعَنْ بَعْضهمْ لَا يَحْرُم، وَحَكَى اِبْن وَهْب وَابْن عَبْد الْحَكَم عَنْ مَالِك كَالْجُمْهُورِ، وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: الْمَشْهُور عَنْهُ الْكَرَاهَة، وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ: اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى اِبْن عَبَّاس وَعَائِشَة وَجَابِر عَنْ اِبْن عُمَر مِنْ وَجْه ضَعِيف، وَهُوَ قَوْل الشَّعْبِيّ وَسَعِيد بْن جُبَيْر، وَاحْتَجُّوا بِعُمُومِ (قُلْ لَا أَجِدُ) ... "
أفلا يطعن في موطأ مالك أيضا؟؟
¥