20ـ أولوية ابن أبي حاتم في تصنيف مراتب الجرح والتعديل، وكل من جاء بعده عالة عليه، على أنه لا ينكر فضلهم في زيادة ألفاظ على مراتب الجرح والتعديل، وتوضيحها، وبيان المراد منها. والتقسيم السداسي لمراتب الجرح بدءاً من أسهل المراتب إلى أشدها، يقضي بالاعتبار بالمرتبة الأولى والثانية؛ لأن الجرح فيها غير شديد، وترك الاعتبار بالمراتب الأربعة الأخيرة؛ لشدة الجرح فيها.
21ـ تأتي مرتبة سيء الحفظ في المرتبة الأولى من مراتب الجرح، مما يدل على صلاحية المتصف بها للاعتبار بحديثه، وارتقائه إلى الحسن لغيره عند وجود ما يعضده، وهذا كثير في كتب المحدثين ومصنفاتهم.
22ـ إن الاعتبار هو البحث والتقصي والتتبع للروايات، من أجل معرفة الشواهد والمتابعات، وأوجه المخالفة والموافقة. وقد أطلقت عدة مسميات على مصطلح الاعتبار، وكلها تشير إلى المعنى الذي ذكرت.
هذه هي أهم النتائج. وإتماماً للفائدة أشير إلى أن هذا البحث من الأبحاث المهمة في علم مصطلح الحديث؛ إذ تندرج تحته كثير من المصطلحات الحديثية، والتي هي بحاجة إلى بحث ودراسة تأصيلية تطبيقية تعتمد على الاستقراء والاستنتاج سعياً نحو تكامل منهجي. لذا أوصي بتوجيه الباحثين في علوم الحديث لدراسة هذه المصطلحات وفقاً للمنهج المذكور، حيث إن التعمق بهذه الدراسة يزيدنا علماً ومعرفة، ويكشف لنا النقاب عن النفائس الحديثية، والأصالة المنهجية المتّبعة لدى المحدثين أهل العلم والفضل.
وفي الختام: أحمد الله سبحانه على عونه وتيسيره لإتمام هذه الرسالة؛ حيث سهّل لي الصعب، وذلّل لي العقبات، وهيّأ لي من الناصحين من أخذ بيدي وأخلص في توجيهي وإرشادي. فما كان فيها من صواب فمن الله مجزل العطاء، أو من خطأ فمن قصوري وضعفي، وأنا الحرِيّ بالخطأ، وحسبي أني نويت الخير. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
ولا يفوتني وأنا أتقدم بهذا العمل أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى الدكتور المشرف نصار نصار، والدكتور المناقش بديع اللحام، والدكتور عبد القادر حسين. كما أتوجه بالشكر لكل من ساهم وساعد من أهل وأصدقاء، وأخص بالذكر منهم أخي عبدالله الطاهر، والصديق المفضال عدنان الخضر جزاه الله عني خير الجزاء. وكذلك أشكر جامعة دمشق وكلية الشريعة والقائمين عليها، وأخص بالذكر منهم عميد الكلية الدكتور محمد الحسن البغا حفظه الله، ومزيد خير وإحسان حباه.
ـ[حبيب الدين الحسني]ــــــــ[27 - 03 - 09, 12:53 ص]ـ
مقدمة الرسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
رب كما أنعمت فزد
الحمد لله على ما ألهم، وعلمنا ما لم نكن نعلم، وكان فضل الله علينا عظيماً، وصلى الله على السّيّد الأكرم، المُعطى جوامع الكلم في الموقف الأعظم، وسلّم تسليماً، ورضي الله تعالى عن الآل والأصحاب أهل الفضل والكرم، وعن التابعين ومن تبعهم، وزاد الجميع تشريفاً وتعظيماً.
? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ?. [آل عمران:102].
? يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً?. [النساء:1].
? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً _ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ?. [الأحزاب: 70،71].
أما بعد:
فإن من أعظم نعم الله علينا ـ ونعمه لا تُعدّ ولا تُحصى ـ أنْ منّ علينا ببعثة سيدنا محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ نبيه ومصطفاه وخيرته من خلقه أجمعين، فأكمل به هذا الدين، وأتم به النعمة. قال تعالى:? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً ?. [المائدة:3].
وقد تكفّل الله ـ جلّ في علاه ـ بحفظ ذلك الكتاب المبين الذي أنزله على رسوله عليه الصلاة والسلام، وقيّض لسنّته المطهرة علماء أفذاذاً، ومحدثين نقّاداً، يذبّون عنها، ويحافظون عليها.
¥