تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[موجز في علم الجرح والتعديل]

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[03 - 04 - 09, 03:53 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين

اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[موجز في علم الجرح والتعديل]

سيف النصر علي عيسى

[موجز في علم الجرح والتعديل]

(مادة مرشحة للفوز في مسابقة كاتب الألوكة)

إنَّ الحمدَ لله نحمَدُه، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومِن سَيِّئات أعمالِنا، مَن يَهدِ اللهُ فلا مضلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلاَّ اللهُ وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه.

فقد ظهرتْ في الآونةِ الأخيرة فِتنةٌ عظيمةٌ، قد عمَّت وطمَّت، وانتشر بلاؤها في الأصقاع، ويَهدِمُ - بسببها - معاولُ في الدِّين، تحتَ مُسمَّى الجرح والتَّعديل، أو إذا صحَّ التَّعبير (الجرح والتَّنكيل) بأهلِ الفضل والخَير الذين عمَّ نفعُهم القاصي والدَّاني، واهتدى بسببهم الكثيرُ والكثيرُ، وبهدفٍ نبيلٍ، ألا وهو حِمايةُ الدِّين!

فيُهدم الدِّينُ باسم حماية الدِّين! ويُذاد عن حِياضه بالطَّعن في أصحابِه والذَّابِّين عنه، الذين يَنفُون عنه تحريفَ المُبطلين وانتحالَ الغالين!

ظهر بعضُ الشُّيوخ في أرض الرِّسالة يَطعنون في كلِّ عالِمٍ وداعية، ويُحذِّرون الهمج الرِّعاع منهم، فما سلم منهم أحدٌ إلاَّ أنفسهم، ومَن سلم منهم ظاهرًا؛ كان خوفًا مِنَ التَّهييج عليهم.

لم يُراعوا شيخًا في السِّنِّ، ولا كبيرًا في العِلم، لا هَمَّ لهم غير: فلان مبتدع، وفلان فاسق، وفلان يُهجر، وفلان يَطعن في الصحابة، وفلان يَسبُّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفلان يُنكر معلومًا من الدِّين بالضَّرورة، لا يستطيع أحدٌ أن يقفَ أمامَ هذه التُّهم إلاَّ أن يَرميَ صاحبَها بالكُفر والزَّندقة؛ لكن عندَ التَّثبُّت وتَقصِّي الحقائق تجد كلَّ هذا مَحضَّ افتراءٍ، وتهم باطلة لا خُطُمٍ لها ولا أَزمَّة، وبضاعة مُزْجاة، وما يَدْعُون إليه سراب بقيعةٍ يَحسبُه الظَّمآنُ ماءً، وهو سُمٌّ قاتل.

سبحانَك ربي! يُصنِّفون النَّاس على حسب أهوائهم؛ وصَدَق اللهُ إذْ يقول: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية:23].

لا ميزانَ عندَهم، ولا كيلَ لديهم، ليس إلاَّ الهوى - نعوذ بالله مِنَ الضَّلال بعد الهُدى - قالوا: إنَّ عالِمَنا مُزكَّى مِن قِبَلِ العُلماء؛ قلنا لهم: وفلان وفلان وفلان الذين تطعنون فيهم هُمْ أيضًا مُزكَّوْن مِن قِبَلِ نَفسِ العُلماء، فَلِمَ أخذتم بجنبٍ وتركتم جنبًا آخَرَ؟!

قالوا: فَتاوى منسوخة!

قلْنا: عجبًا على الفَتاوى المنسوخة، التي لم نسمع عالِمًا قال عن فتاواه: إنَّها منسوخة! ولكن نسمع عن عالِمٍ أخطأ في فتوى، ثم تراجع عنها.

جهلٌ يتخبَّطون فيه، وعماية يَتيهون فيها، ومنهج هو بعينه منهجُ الخوارج؛ ((يَقرؤونَ القُرآنَ لا يُجاوز تَراقيَهم))، ويقرؤون أيضًا السُّنَّة لا تجاوز حَناجرَهم، يقولون كلام حقٍّ ويُراد به باطل، لا يَسمعون لمُخالفهم؛ بل يَردُّون عليه قبلَ أن يعرفوه: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت: 26].

وقد قال أحدُ الأئمَّة: كلامُنا صوابٌ يحتمل الخطأَ، وكلام غيرنا خطأٌ يحتمل الصَّوابَ.

وهؤلاء يقولون بلسانِ الحالِ: كلامُنا صوابٌ لا يحتمل الخطأَ، وكلام غيرنا خطأٌ لا يحتمل الصَّواب!

شِعارُهم مع مخالفيهم: لا نسمع، لا نقرأ، لا نقبل.

ومِن عجيب هؤلاء: أنَّهم يفعلون نفسَ أفعال جماعة التَّكفير والهجرة، والجماعات الحِزبيَّة؛ كلُّ مَن يُريد الرُّجوع إلى دِينه، ويبدأ في أداء الفرائض - يَذهبونَ إليه، ويُلقون شُبهاتِهم عليه، فإنِ استجاب لهم، فهو المؤمن، ومَن لَم يستجب أو فَكَّر، رَموْه بالبدعة والضَّلالة، والفِسق والفُجور، ومَن ظَنُّوا ضعفَه في العِلم ورَدِّ شُبهاتهم، أحاطوا به، وألقَوْا شباكَهم عليه، حتَّى يستجيبَ لهم، وإن لم يستجب، كان مصيرُه الضَّلال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير