إنّ ما ذهبت إليه ليس ببدع من القول كما سبق أن نقلته عن بعض السلف، ثم هو مقتضى العقل والشرع والعدل الرباني، وقد سألت شيخنا العلامة المحدث الدكتور الشريف حاتم بن عارف العوني رفع الله قدره وأعلا ذكره الأسبوع الماضي وطرحت له وجهة نظري، فقال: لا شكّ في ذلك مع الالتزام بأّن الصحابة كلهم عدول إلاّ ما خصّه الدليل، وقال: وإلا كيف نصنع بذي الخويصرة وهو من الصحابة الذي قال اعدل يا ر سول الله، فأخبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه سيكون رأس طائفة ضالة، والصحابي الذي غلّ شملة فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنّه في النار يعذّب بها. اهـ بتصرف
ثم إذا تأملنا في بعض النماذج الفريدة من سلف هذه الأمة كسعيد بن جبير وابن المسيب وعطاء ابن أبي رباح والحسن ومجاهد والأوزاعي وابن المبارك ومالك و الشافعي وأحمد والبخاري وابن تيمية رحمه الله ورضي عنهم وأرضاهم، وما قدموه لهذا الدين وما نالهم من أذى في جنب الله من ذبح وصلب وتعذيب وسجن ورد شبه الزنادقة والجهمية والفلاسفة والمتكلمين وذب عن حمى التوحيد ألا يتصور أن يكون أحدهم أفضل من بعض الصحابة المفصولين الذين نالوا شرف الصحبة فقط، أو حصلت من أحدهم ردة ثم عاد إلى حظيرة الإسلام على الصحيح في تعريف الصحابي، بل في عصرنا هذا من قدم نفسه ودمه رخيصة في سبيل الله ومن فقد يديه ورجليه وعينيه ذكورا وإناثا وأقرب مثال إخواننا في غزة وقبل ذلك في بلاد البلقان والشيشان وأفغانستان والعراق (مع أنّي أجزم أن هؤلاء السلف لو خيّر أحدهم بين رؤية النبي صلى الله عليه وسلّم وبين ما أكرمه الله به من الإمامة في الدين لاختار أن يكون أعرابيا مغمورا في البادية حظي برؤية الحبيب صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه من الإمامة، لكن المسألة ليست في الأماني والعواطف المسألة في الأفضيلة عند الله جلّ وعلا) والله الذي لا إله غيره لا يخالجني أدنى الشك أن هذا هو الحق فيما أدين به ربّي، وإن كنت أعتقد في نفسي أنّي أحقر مخلوق يشهد ألا إله إلا الله حقا لا تواضعا، فالتواضع ذهب مع أهله، ولكن هذا ما توصلت إليه من خلال تأمّلي في هذه المسألة وأسأل الله أن يعفو عنّي بمنّه وكرمه.
ولا زلت أركزّ على قضية أن الصحبة ليست شيئا مكتسبا، بل هو محض تفضل تفضّل الله به على من يشاء من عباده ولا يمنع أن يتفضّل الله بهذا الفضل على من كان في المرتبة العليا في الخيرية والسبق كتفضله على الأنبياء بالنبوة وعلى العشرة بالصحبة وهم خيرة خلق الله أجمعين، أو على من دونهم ممن يمكن أن يكون فيمن بعدهم من هو أفضل من آحادهم، ولهذه العلّة فضل بعض أهل العلم صالحي البشر على بعض الملائكة لأن درجة الملائكة ليست شيئا مكتسبا، مع عدم شكّنا أنّ في الملائكة من هو أفضل من جميع البشر من غير نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم ـ من حيث الواقع والحقيقة كجبريل الروح الأمين وحملة العرش، وهذا لا يمنع ما قررناه سابقا.
فأنت قد تكرم مجموعة من الطلاب نفس الإكرام بنفس القيمة والقدر مع أن فيهم من نال هذا الإكرام بجدارة واستحقاق، ومنهم من ناله من باب هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
وأمّا الأخ الكريم (حسن بن الشيخ علي ورسمه) فأقول له لا تحقرن من الكلام شيئا ولو كان إنشاءً، فرُبَّ إنشاءٍ أنفع لك عند ربّك من كثير من الأخبار، وها قد جاءك الإنشاء والخبر و المعاينة.
وأنا من الذي لا يحبون أن يُعِيرُوا عقولهم لغيرهم كائن من كان كي يفكروا لهم بدل أنفسهم، فالله وهبني عقلا ووهبني فهما وأمامي نصوص الكتاب والسنة وأقوال السلف، وحسبي ألا أخرق إجماعا معتبرا والباقي كلّه هين، وأنا أكتب ما أدين به ربّي لا، ما يرضي طائفة من الناس.
وثق تماما والله الذي لا إله غيره: لو كان ناقل هذا الكلام أو من تبنّى هذه الفكرة أحد الناس المعروفين ممن يشار إليهم بالبنان، أصحاب المعالي، لكان كلاما مستساغا، والمسألة خلافية، ووجهة نظر مقبولة.
فأنا لم أحتقر ولم أهوّن من شأن ما تفضلت به أنت أو ما نوّه إليه سعادة المشرف، فأرجو المعاملة بالمثل، وإن كان احتقارُ الغير منقصةً للنفس في الحقيقة.
وفي الختام:
نقل الخلاف القاضي عياض وبعده ابن تيمية، واختار ما ذهبت إليه ابن عبد البر ونصره الشوكاني بقوة وهو ظاهر كلام ابن سعدي وصريح كلا م شيخنا الشريف حاتم العوني، والله أعلم وصلى الله على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم
وكتب:
أخوكم أبو وائل غندر
ودمتم ساليمن
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[08 - 05 - 09, 08:09 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
كطالبة علم أفكر فيما سبق:
"إن من ورائكم أيام الصبر، المتمسك فيها يومئذ بمثل ما أنتم عليه له كأجر خمسين منكم ".
1. (أيام الصبر) أي أن الفساد سينتشر، فالزمان لا يمكن مقارنته بزمن الصحابة.
2. (المتمسك بمثل ما كان عليه الصحابة) له أجر كأجر خمسين من الصحابة.، وهل الأجر له دخل بمن هو أفضل، فإذا كان الجواب: نعم.
نحن كما نعلم جميعا أن أجر العمل (الصلاة، الصيام، الزكاة) سيضاعف للمتمسك (بمقياس عمل خمسين من الصحابة)، لكن هل يستطيع هذا الإنسان المتمسك بما كانوا عليه، أن ينصر النبي صلى الله عليه وسلم ويؤيده ويجاهد معه، هذا العمل لن يستطيع أن يبلغه، فإذا لم يبلغه، فما مقياس عمله عند عمل الصحابة رضوان الله عليهم.!
والله أعلم وأحكم.
¥