تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَالْحَاصِل أَنَّ الْأَدِلَّة الْمُصَرِّحَة بِأَنْ لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب وَإِنْ كَانَ ظَاهِرهَا أَنَّهَا تَكْفِي الْمَرَّة الْوَاحِدَة فِي جُمْلَة الصَّلَاة فَقَدْ دَلَّتْ الْأَدِلَّة عَلَى وُجُوبهَا فِي كُلّ رَكْعَة دَلَالَة وَاضِحَة ظَاهِرَة بَيِّنَة. إِذَا تَقَرَّرَ لَك هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَام عَلَى حَاله فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَع الْإِمَام , فَمَنْ وَصَلَ وَالْإِمَام فِي آخِر الْقِيَام فَلْيَدْخُلْ مَعَهُ فَإِذَا رَكَعَ بَعْد تَكْبِير الْمُؤْتَمّ فَقَدْ وَرَدَ الْأَمْر بِمُتَابَعَتِهِ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا , كَمَا فِي حَدِيث " إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَام لِيُؤْتَمّ بِهِ " وَهُوَ حَدِيث صَحِيح , فَلَوْ تَوَقَّفَ الْمُؤْتَمّ عَنْ الرُّكُوع بَعْد رُكُوع الْإِمَام وَأَخَذَ يَقْرَأ فَاتِحَة الْكِتَاب لَكَانَ مُخَالِفًا لِهَذَا الْأَمْر , فَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يَدْخُل مَعَ الْإِمَام وَتَقَرَّرَ أَنَّهُ يُتَابِعهُ وَيَرْكَع بِرُكُوعِهِ ثُمَّ ثَبَتَ بِحَدِيثِ " مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَام رَكْعَة قَبْل أَنْ يُقِيم صُلْبه فَقَدْ أَدْرَكَهَا " أَنَّ هَذَا الدَّاخِل مَعَ الْإِمَام الَّذِي لَمْ يَتَمَكَّن مِنْ قِرَاءَة الْفَاتِحَة قَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَة بِمُجَرَّدِ إِدْرَاكه لَهُ رَاكِعًا. فَعَرَفْت بِهَذَا أَنَّ مِثْل هَذِهِ الْحَالَة مُخَصَّصَة مِنْ عُمُوم إِيجَاب قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي كُلّ رَكْعَة , وَأَنَّهُ لَا وَجْه لِمَا قِيلَ أَنَّهُ يَقْرَأ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب وَيَلْحَق الْإِمَام رَاكِعًا , وَأَنَّ الْمُرَاد الْإِدْرَاك الْكَامِل وَهُوَ لَا يَكُون إِلَّا مَعَ إِدْرَاك الْفَاتِحَة , فَإِنَّ هَذَا يُؤَدِّي إِلَى إِهْمَال حَدِيث إِدْرَاك الْإِمَام قَبْل أَنْ يُقِيم صُلْبه , فَإِنَّ ظَاهِره بَلْ صَرِيحه أَنَّ الْمُؤْتَمّ إِذَا وَصَلَ وَالْإِمَام رَاكِع وَكَبَّرَ وَرَكَعَ قَبْل أَنْ يُقِيم الْإِمَام صُلْبه فَقَدْ صَارَ مُدْرِكًا لِتِلْكَ الرَّكْعَة وَإِنْ لَمْ يَقْرَأ حَرْفًا مِنْ حُرُوف الْفَاتِحَة , فَهَذَا الْأَمْر الْأَوَّل مِمَّا يَقَع فِيهِ مَنْ عَرَضَتْ لَهُ الشُّكُوك لِأَنَّهُ إِذَا وَصَلَ وَالْإِمَام رَاكِع أَوْ فِي آخِر الْقِيَام ثُمَّ أَخَذَ يَقْرَأ وَيُرِيد أَنْ يَلْحَق الْإِمَام الَّذِي قَدْ صَارَ رَاكِعًا فَقَدْ حَاوَلَ مَا لَا يُمْكِن الْوَفَاء بِهِ فِي غَالِب الْحَالَات , فَمِنْ هَذِهِ الْحَيْثَيَّة صَارَ مُهْمِلًا لِحَدِيثِ إِدْرَاك الْإِمَام قَبْل أَنْ يُقِيم صُلْبه. الْأَمْر الثَّانِي أَنَّهُ صَارَ مُخَالِفًا لِأَحَادِيث الِاقْتِدَاء بِالْإِمَامِ وَإِيجَاب الرُّكُوع بِرُكُوعِهِ وَالِاعْتِدَال بِاعْتِدَالِهِ وَبَيَان ذَلِكَ أَنَّهُ وَصَلَ حَال رُكُوع الْإِمَام أَوْ بَعْد رُكُوعه ثُمَّ أَخَذَ يَقْرَأ الْفَاتِحَة مِنْ أَوَّلهَا إِلَى آخِرهَا وَمَنْ كَانَ هَكَذَا فَهُوَ مُخَالِف لِإِمَامِهِ لَمْ يَرْكَع بِرُكُوعِهِ وَقَدْ يَفُوتهُ أَنْ يَعْتَدِل بِاعْتِدَالِهِ , وَامْتِثَال الْأَمْر بِمُتَابَعَةِ الْإِمَام وَاجِب وَمُخَالَفَته حَرَام. الْأَمْر الثَّالِث أَنَّ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَام عَلَى حَالَة فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَع الْإِمَام , يَدُلّ عَلَى لُزُوم الْكَوْن مَعَ الْإِمَام عَلَى الْحَالَة الَّتِي أَدْرَكَهُ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ يَصْنَع مِثْل صُنْعه , وَمَعْلُوم أَنَّهُ لَا يَحْصُل الْوَفَاء بِذَلِكَ إِلَّا إِذَا رَكَعَ بِرُكُوعِهِ وَاعْتَدَلَ بِاعْتِدَالِهِ , فَإِذَا أَخَذَ يَقْرَأ الْفَاتِحَة فَقَدْ أَدْرَكَ الْإِمَام عَلَى حَالَة وَلَمْ يَصْنَع كَمَا صَنَعَ إِمَامه , فَخَالَفَ الْأَمْر الَّذِي يَجِب اِمْتِثَاله وَتَحْرُم مُخَالَفَته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير