تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقوله: قطعة نحاس، معترض لا يختص به، وكذا البعير، وكذا قولهمنكوسا، لأن تعليقه على تلك الصورة هو وضعه المستقيم له.

فإن قيل: المحمود لا يشبه بالمذموم، إذ حقيقة التشبيه إلحاق ناقصبكامل، والمشبه الوحي وهو محمود، والمشبه به صوت الجرس وهو مذموم لصحة النهي عنهوالتنفير من مرافقة ما هو معلق فيه، والإعلام بأنه لا تصحبهم الملائكة كما أخرجهمسلم وأبو داود وغيرهما، فكيف يشبه ما فعله الملك بأمر تنفر منه الملائكة؟ والجواب: أنه لا يلزم في التشبيه تساوي المشبه بالمشبه به في الصفات كلها، بل ولافي أخص وصف له، بل يكفي اشتراكهما في صفة ما. فالمقصود هنا بيان الجنس، فذكر ماألف السامعون سماعه تقريبا لأفهامهم.

والحاصل أن الصوت له جهتان: جهة قوة وجهة طنين، فمن حيث القوة وقعالتشبيه به، ومن حيث الطرب وقع التنفير عنه وعلل بكونه مزمار الشيطان، ويحتمل أنيكون النهي عنه وقع بعد السؤال المذكور وفيه نظر.

قيل: والصلصلة المذكورة صوت الملك بالوحي، قال الخطابي: يريدأنه صوت متدارك يسمعه ولا يتبينه أول ما يسمعه حتى يفهمه بعد، وقيل: بل هو صوتحفيف أجنحة الملك 0 والحكمة في تقدمه أن يقرع سمعه الوحي فلا يبقى فيه مكان لغيره، ولما كان الجرس لا تحصل صلصلته إلا متداركة وقع التشبيه به دون غيره من الآلات، وسيأتي كلام ابن بطال في هذا المقام في الكلام على حديث ابن عباس: " إذا قضىالله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها " الحديث عند تفسير قوله: (حتى إذا فزع عنقلوبهم) ( http://**********:openquran(33,23,23)) في تفسير سورة سبأ إن شاء الله تعالى.

قوله: (وهو أشده علي) يفهم منه أن الوحي كله شديد، ولكن هذهالصفة أشدها، وهو واضح، لأن الفهم من كلام مثل الصلصلة أشكل من الفهم من كلام الرجلبالتخاطب المعهود، والحكمة فيه أن العادة جرت بالمناسبة بين القائل والسامع، وهيهنا إما باتصاف السامع بوصف القائل بغلبة الروحانية وهو النوع الأول، وإما باتصافالقائل بوصف السامع وهو البشرية وهو النوع الثاني، والأول أشد بلا شك.

وقال شيخنا شيخ الإسلام البلقيني: سبب ذلك أن الكلام العظيم لهمقدمات تؤذن بتعظيمه للاهتمام به كما سيأتي في حديث ابن عباس: " كان يعالج منالتنزيل شدة " قال وقال بعضهم: وإنما كان شديدا عليه ليستجمع قلبه فيكون أوعىلما سمع. ا ه.

وقيل: إنه إنما كان ينزل هكذا إذا نزلت آية وعيد أو تهديد، وهذافيه نظر، والظاهر أنه لا يختص بالقرآن كما سيأتي بيانه في حديث يعلى بن أمية في قصةلابس الجبة المتضمخ بالطيب في الحج، فإن فيه أنه: " رآه -صلى الله عليه وسلم -حال نزول الوحي عليه وإنه ليغط "، وفائدة هذه الشدة ما يترتب على المشقة من زيادةالزلفى، والدرجات.

قوله: (فيفصم) بفتح أوله وسكون الفاء وكسر المهملة أي: يقلعويتجلى ما يغشاني، ويروى بضم أوله من الرباعي. (1/ 21)

وفي رواية لأبي ذر بضم أوله وفتح الصاد على البناء للمجهول، وأصلالفصم القطع، ومنه قوله تعالى: (لا انفصام لها) ( http://**********:openquran(1,256,256)) ، وقيل الفصم بالفاء: القطع بلاإبانة، وبالقاف: القطع بإبانة، فذكر بالفصم إشارة إلى أن الملك فارقه ليعود، والجامع بينهما بقاء العلقة.

قوله: (وقد وعيت عنه ما قال) أي: القول الذي جاء به، وفيهإسناد الوحي إلى قول الملك، ولا معارضة بينه وبين قوله تعالى حكاية عمن قال منالكفار: (إن هذاإلا قول البشر) ( http://**********:openquran(73,25,25)) لأنهم كانوا ينكرون الوحي، وينكرون مجيء الملك به.

قوله: (يتمثل لي الملك رجلا) التمثل مشتق من المثل، أي: يتصور.

واللام في الملك للعهد وهو: جبريل، وقد وقع التصريح به في روايةابن سعد المقدم ذكرها.

وفيه دليل على أن الملك يتشكل بشكل البشر.

قال المتكلمون: الملائكة أجسام علوية لطيفة تتشكل أي شكل أرادوا، وزعم بعض الفلاسفة أنها جواهر روحانية، و " رجلا " منصوب بالمصدرية، أي: يتمثل مثل رجل، أو بالتمييز، أو بالحال والتقدير هيئة رجل.

قال إمام الحرمين: تمثل جبريل معناه أن الله أفنى الزائد من خلقهأو أزاله عنه، ثم يعيده إليه بعد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير