تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومِنْ هُنَا؛ فلْيَعْلَمِ الجَمِيْعُ أيْضًا أنَّني مَا أرَدْتُ بِرِسَالَتِي هَذِهِ إلَّا تَسْدِيْدًا لهَذِهِ الدَّوْرَاتِ في مَسِيْرَتِهَا، وتَأيِيْدًا لهَا في إحْيَاءِ حِفْظِ السُّنَّةِ بَيْنَ أبْنَاءِ المُسْلِمِيْنَ مِنْ طُلَّابِ العِلْمِ المُبْتَدِئِيْنَ، الَّذِيْنَ أقْبَلُوا وكُلُّهُم عَزِيْمَةٌ وهِمَّةٌ لحِفْظِ القُرْآنِ والسُّنَّةِ، الَّذِيْنَ أقْبَلُوا في جُمُوْعِهِم وقَدْ رَفْرَفُوا بأعْلامِ السُّنَّةِ والأثَرِ فَوْقَ رُؤوْسِهِم ضَارِبِيْنَ وَرَاءَهُم مُخَلَّفَاتِ التَّعَصُّبِ المَذْهَبِيِّ، والآرَاءَ الفَاسِدَةَ، وتَقْلِيْدَ الرِّجَالِ، الَّذِيْنَ أعْرَضُوا صَفْحًا عَنْ مُخَلَّفَاتِ الدَّوْرَاتِ الفِكْرِيَّةِ والإدَارِيَّةِ الوَافِدَةِ مِنْ بِلادِ الإفْرَنْجِ مُؤخَّرًا، والله خَيْرٌ حَافِظًا!

* * *

* وهَذِهِ ثَانِيَةً؛ فَقَدْ حَمَلَنِي أيْضًا على تَثْقِيْفِ النَّصِيْحَةِ في هَذِهِ الرِّسَالَةِ أمْرَانِ:

* الأوَّلُ: الإقْبَالُ الكَبِيرُ الَّذِي نَرَاهُ عِنْدَ طُلَّابِ العِلْمِ هَذِهِ الأيَّامَ نَحْوَ هَذِهِ الدَّوْرَاتِ الَّتِي يُقِيْمُهَا مَشَايِخُ أفَاضِلُ مِمَّنْ لهُم عِنَايَةٌ بالسُّنَّةِ والأثَرِ، وعلى رَأسِهِم أخُوْنَا الشَّيْخُ الحَافِظُ يَحْيَى بنُ عَبْدُ العَزِيْزِ اليَّحْيَى حَفِظَهُ الله تَعَالى، وهَذَا ممَّا يَدُلُّ على أنَّ هَؤلاءِ الطُلَّابَ المُقْبِلِيْنَ على هَذِهِ الدَّوْرَاتِ لحِفْظِ السُّنَّةِ: أنَّهُم قَدْ رُزِقُوا هِمَّةً عَالِيَةً، وعَزِيْمَةً قَوِيَّةً، وإرَادَةً صَالحَةً ... الأمْرُ الَّذِي يَجْعَلُنَا نَنْظُرَ إلى هَذِهِ النُفُوْسِ المُقْبِلَةِ في هِمَمِهَا العَالِيَةِ بِشَيءٍ مِنَ النَّصِيْحَةِ والتَّصْحِيْحِ.

هَذَا إذَا عَلِمْنَا؛ أنَّ كُتُبَ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ»، لم تُؤلَّفْ ولم تُصَنَّفْ عِنْدَ عَامَّةِ أهْلِ العِلْمِ إلَّا لتَقْرِيْبِ أحَادِيْثِ «الصَّحِيْحَيْنِ» لمَنْ ضَاقَ وَقْتُهُ، وقَصُرَتْ هِمَّتُهُ، وضَعُفَتْ عَزِيْمَتُهُ عَنْ حِفْظِ ودِرَاسَةِ أحَادِيْثِهِمَا مَتْنًا وسَنَدًا، وهَذَا السَّبَبُ وغَيْرُهُ لا نَجِدُهُ (ولله الحَمْدُ!) عِنْدَ هَؤلاءِ الطَّلَبَةِ المُقْبِلِيْنَ بكُلِّ هِمَّةٍ وعَزِيْمَةٍ على حَفْظِ السُّنَّةِ، وسَيَأتي إنْ شَاءَ الله ذِكْرُ بَعْضِ مَقَاصِدِ تَألِيْفِ كُتُبِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ»، و «الزَّوَائِدِ» عِنْدَ أهْلِ الحَدِيْثِ مِنْ أئِمَّةِ السَّلَفِ.

* الثَّاني: انْتِشَارُ هَذِهِ الدَّوْرَاتِ العلْمِيَّةِ، واتِّسَاعُ حَلَقَاتِها هُنَا وهُنَاكَ؛ ممَّا يَجْعَلُنَا نَنْظُرَ إلَيْهَا أيْضًا بشَيءٍ مِنَ النَّصِيْحَةِ والتَّصْحِيْحِ.

ولاسِيَّما؛ وأنَّهَا قَدْ أخَذَتْ، بَلِ قَدِ اخْتَطَّتْ لنَفْسِهَا بَعْضَ التَّراتِيْبِ الاجْتِهَادِيَّةِ في طَرِيْقَةِ حِفْظِ السُّنَّةِ لَدَى النَّاشِئَةِ مِنْ طُلَّابِ العِلْمِ؛ حَيْثُ قَدْ شَابَها مَيْلٌ عَنِ الجَادَّةِ في حِفْظِهِم للسُّنَّةِ، الأمْرُ الَّذِي يَدْفَعُنَا ضَرُوْرَةً إلى الوُقُوْفِ مَعَ هَذِهِ التَّراتِيْبِ بشَيءٍ مِنَ النَّقْدِ والاسْتِدْرَاكِ، والله وَليُّ الصَّالِحِيْنَ.

* * *

* ولعَمْرُ الله! لَوْ أنَّ هَذِهِ الدَّوْرَاتِ العلْمِيَّةَ كَانَتْ قَاصِرَةً على نَفْسِهَا، أو أنَّها خَاصَّةٌ ببَعْضِ طُلَّابِهَا، وذَلِكَ في حُدُوْدٍ مُعْتَبرَةٍ لمَا كَتَبْتُ سَوْدَاءَ في بَيْضَاءَ، ولمَا رَضِيْتَ بسَحْبِ القَلْمِ في بِسَاطِ الأوْرَاقِ، ولمَا أشْغَلْتُ أيْضًا نَفْسِي ووَقْتِي بشَيءٍ مِمَّا هُنَا؛ لكِنَّ وَاقِعَ الحَالِ ودَلِيْلَ الشَّاهِدِ يَقْطَعُ بأنَّ هَذِهِ الدَّوْرَاتِ العلْمِيَّةَ قَدْ أخَذَتِ انْتِشَارًا وَاسِعًا، بَلْ لم تَزَلْ في تَوَسُّعٍ في دَوْرَاتِهَا وحَلَقَاتِهَا هُنَا وهُنَاكَ، ولاسِيَّما في بِلادِ الحَرَمَيْنِ عِنْدَنَا، فمِنْ هُنَا كَانَ العُذْرُ مَوْصُوْلًا بَيْنَنَا، والنَّصِيْحَةُ وَاجِبَةً عَلَيْنَا، والله المُوَفِّقُ والهَادِي إلى سَوَاءِ السَّبِيْلِ!

* * *

* وعَلى هَذَا؛ فَقَدْ رَسَمْتُ هَذِهِ الرِّسَالَةَ المُخْتَصَرَةَ تَحْتَ عُنْوَانِ «أوْهَامِ الرَّائدِ في جَمْعِ الصَّحِيْحَيْنِ والزَّوَائِدِ»، وقَدْ قَصَدْتُ بِهَا مَنِ اسْتَعَاضَ عَنِ الصَّحِيْحَيْنِ بحِفْظِ كُتُبِ الجَمْعِ والزَّوَائِدِ ممَّنْ عَلَتْ هِمَّتُهُم، وقَوِيَتْ حَافِظَتُهُم.

كَمَا أنَّني أمْلَيْتُ مَوَاضِيْعَ هَذِهِ الرِّسَالَةِ، وقَرَنَتُ مَضَامِيْنَهَا مِنْ خِلالِ ثَلاثَةِ أبْوَابٍ، كَما يَلي:

* البَابُ الأوَّلُ: النَّقْدُ والاسْتِدْرَاكَاتُ لكُتُبِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ»، وفِيْهِ اثْنَا عَشَرَ اسْتِدْرَاكًا.

* البَابُ الثَّاني: النَّقْدُ والاسْتِدْرَاكَاتُ لكِتَابِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ»، و «زِيَادَاتِ الكُتُبِ الحَدِيْثِيَّةِ العَشَرَةِ» للشَّيْخِ اليَحْيَى، وفِيْهِ ثَلاثَةَ عَشَرَ اسْتِدْرَاكًا.

* البَابُ الثَّالِثُ: حِفْظُ «السُّنَّةِ» عِنْدَ حُفَّاظِ السُّنَّةِ.

فإلى هَذِهِ الاسْتِدْرَاكَاتِ والتَّصْحِيْحَاتِ على وَجْهِ الاخْتِصَارِ.

والحَمْدُ لله رَبِّ العَالمِيْنَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على عَبْدِهِ ورَسُوْلِهِ الأمِيْنِ

وَكَتَبهُ

ذِيَاب بن سَعد آل حمدَان الغَامديّ

لَيْلَةَ الأحَدِ مِنَ اليَوْمِ الأوَّلِ مِنْ شَهْرِ جُمَادَى الأوَّلِ

لعَامِ ألفٍ وأرْبَعْمائَةٍ وثَلاثِيْنَ

(1/ 5/1430)

الطَّائِفُ المأنُوْسُ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير