تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[علي العجمي]ــــــــ[07 - 05 - 09, 04:33 م]ـ

البَابُ الأوَّلُ

النَّقْدُ والاسْتِدْرَاكَاتُ

لكُتُبِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ»

لَقَدْ شَاءَ الله تَعَالى أنْ أقِفَ على بَعْضِ الكُتُبِ الَّتِي صُنِّفَتْ وألِّفَتْ في فَنِّ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ» ممَّا كَتَبَهَا أهْلُ العِلْمِ سَلَفًا وخَلَفًا، ابْتِدَاءً بكِتَابِ الجَوْزَقيِّ (388)، والحُمَيْدِيِّ (488)، وعَبْدِ الحَقِّ الإشْبِيليِّ (582) وغَيْرَهُم، وانْتِهَاءً بكِتَابِ ابنِ حَجَرٍ العَسْقَلانيِّ (852)، وعَبْدِ الحَقِّ الهَاشِميِّ (1394)، ومُحَمَّد فُؤَاد عَبْدَ البَاقي (1388)، ومُحَمَّد لُقْمَانَ السَّلَفِيِّ، وصَالِحٍ الشَّاميِّ، ويَحْيَى اليَحْيَى وغَيْرَهُم، وسَيَأتي ذِكْرُهُم على التَّفْصِيْلِ إنْ شَاءَ الله.

عِلمًا أنَّنِي هُنَا لم أقْصِدْ (عِيَاذًا بالله!): الاسْتِدْرَاكَ على طَرِيْقَةِ ومَنْهَجِ أصْحَابِ هَذِهِ الكُتُبِ آنِفَةِ الذِّكْرِ، لأنَّ التَّصْنِيْفَ في كُتُبِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ» هِيَ جَادَّةٌ مَطْرُوْقَةٌ عِنْدَ أهْلِ العِلْمِ مُنْذُ القَرْنِ الرَّابِعِ الهِجْرِيِّ إلى وَقْتِنَا هَذَا، كَمَا أنَّني لا أعْلَمُ أحَدًا مِنْ أهْلِ العِلْمِ أنْكَرَهَا أو حَذَّرَ مِنْهَا، إلَّا مَا كَانَ مِنْ بَعْضِهِم في نَقْدِ طَرِيْقَةِ بَعْضِ المُؤلِّفِيْنَ في كُتُبِهِم الجَامِعَةِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ، ممَّا هُوَ جَارٍ في دَائِرَةِ الاجْتِهَادِ والتَّصْحِيْحِ.

وعَلى هَذَا؛ فَإنَّ اسْتِدْرَاكِي ومَلْحُوْظَاتي هُنَا هِيَ قَائِمَةٌ وجَارِيَةٌ حَوْلَ كُلِّ مَنِ اسْتَعَاضَ بحِفْظِ هَذِهِ الكُتُبِ عَنْ أصْلِ كُتُبِ السُّنَّةِ، ولاسِيَّما الصَّحِيْحَانِ ... كَمَا أنَّني مَا أرَدْتُ برِسَالَتِي هَذِهِ ابْتِدَاءً إلَّا الوُقُوْفَ والاسْتِدْرَاكَ على هَذِهِ الدَّوْرَاتِ العِلْمِيَّةِ السَّائِرَةِ في حِفْظِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ» لأخِيْنَا الشَّيْخِ المُحَدِّثِ يَحْيَى اليَحْيَى حَفِظَهُ الله، و «الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ»!

* * *

فَعَوْدًا على بَدْءٍ؛ فإنَّني مِنْ خِلالِ مُطَالَعَاتي وقِرَاءَاتي قَدِيْمًا وحَدِيْثًا لكُتُبِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ» في الجُمْلَةِ؛ فَقَدْ تَبَيَّنَ لي أنَّ لكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم مَنْهَجَهُ وطريقَتَهُ في التَّألِيْفِ والتَّصْنِيْفِ، الأمْرُ الَّذِي يَدُلُّ ضَرُوْرَةً بِأنَّ هَذِهِ الكُتُبَ الجَامِعَةَ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ قَدْ غَدَتْ مُؤلَّفَاتٍ ومُصَنَّفَاتٍ مُسْتَقِلَّةً مُنْفَرِدَةً عَنْ أصْلِهِمَا (البُخَارِيِّ ومُسْلِمٍ)، كَمَا أنَّ غَالِبَ هَذِهِ الكُتُبِ لَيْسَ بَيْنَهَا وبَيْنَ أصُوْلهَا صِلَةٌ سَوَاءٌ أكَانَتْ في التَّرْتِيْبِ أو التَّبْوِيْبِ ... اللَّهُمَّ مَا كَانَ مِنِ انْتِقَاءٍ للأحَادِيْثِ، ثُمَّ صِيَاغَتُهَا بَعْدِ تَرْتِيْبٍ جَدِيْدٍ، فافْهَمْ هَذَا هُدِيْتَ إلى الحَقِّ والصَّوَابِ!

فَكَانَ هَذَا وغَيْرُهُ أحَدَ الأسْبَابِ الَّتِي دَفَعَتْنِي إلى تَرْسِيْمِ هَذِهِ الاسْتِدْرَاكَاتِ النَّاصِحَةِ نَحْوَ مَا تَقُوْمُ بِهِ هَذِهِ الدَّوْرَاتُ العلْمِيَّةُ مِنْ تَقْنِيْنٍ وتَرْتِيْبٍ لحِفْظِ السُّنَّةِ لدَى طُلَّابِ العِلْمِ المُقْبِلِيْنَ إلَيْهَا، الأمْرُ الَّذِي جَعَلَ هَذِهِ الدَّوْرَاتِ العِلْمِيَّةَ تَقَعُ في بَعْضِ الأخْطَاءِ الَّتِي مِنْ شَأنِهَا أنْ تَدْفَعَ أصْحَابَهَا إلى اطِّرَاحِ طَرِيْقَةِ حِفْظِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ» كَمَا هُوَ مَاثِلٌ مِنْ خِلالِ هَذِهِ الدَّوْرَاتِ، والاسْتِعَاضَةِ عَنْهَا بحِفْظِ أصْلِ البُخَارِيِّ ومُسْلِمٍ، كُمَا هُوَ الشَّأنُ عِنْدَ أئِمَّتِنَا سَلَفًا وخَلَفًا.

* * *

لِذَا كَانَ مِنْ بَيَانِ الحَقِّ، وبَذْلِ النَّصِيْحَةِ أنْ نَقُوْلَ: إنَّ طَرِيْقَةَ هَذِهِ الدَّوْرَاتِ العِلْمِيَّةِ السَّائِرَةِ في حِفْظِ السُّنَّةِ لطُلَّابِ العِلْمِ عَنْ طَرِيْقِ حِفْظِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ» لهِي طَرِيْقَةٌ غَيْرُ صَحِيْحَةٍ في الجُمْلَةِ، يُوَضِّحُهُ مَا يَلي باخْتِصَارٍ:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير