تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والله يُؤتي فَضْلَهُ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبَادِهِ المُؤمِنِيْنَ!

والحَالَةُ الَّتِي ذَكَرْتُ؛ فَقَدِ اقْتَصَرَ أكْثَرُ أئِمَّةِ الحَدِيْثِ على حِفْظِ أصُوْلِ الكُتُبِ السِّتَّةِ أو التِّسْعَةِ، ومَا زَادَ عَلَيْهَا اسْتَدْرَكُوْهُ مِنْ خِلالِ صِنَاعَةِ كُتُبِ «الزَّوَائِدِ»، و «الأفْرَادِ» الَّتِي قَرَّبَتْ إلَيْهِمُ البَعِيْدَ، وسَهَّلَتْ عَلَيْهِمُ العَصِيْبَ.

وهَذَا مَا قَرَّرَهُ شَيْخُ الصِّنَاعَةِ ورَئِيْسُ البِضَاعَةِ ممَّن مَهَرَ واشْتَهَرَ في فَنِّ «الزَّوَائِدِ» الحَافِظُ نُوْرُ الدِيْنِ عليُّ بنُ أبي بَكْرٍ الهَيْثَمِيُّ رَحِمَهُ الله (807) كَمَا جَاءَ في مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ «كَشْفِ الأسْتَارِ عَنْ زَوَائِدِ البَزَّارِ» (1/ 5): «فَقَدْ رَأيْتُ مُسْنَدَ أبي بَكْرٍ البَزَّارِ المُسَمَّى: بـ «البَحْرِ الزَّخَّارِ» قَدْ حَوَى جُمْلَةً مِنَ الفَوَائِدِ الغِزَارِ يَصْعُبُ التَوَصُّلُ إلَيْهَا على مَلْتَمِسِهَا، ويَطُوْل ذَلِكَ عَلَيْهِ قَبْلَ أنْ يُخَرِّجَهَا، فأرَدْتُ أنْ أتَتَبَّعَ مَا زَادَ فِيْهِ على الكُتُبِ السِّتَّةِ!».

وبنَحْوِهِ قَالَ تَلْمِيْذُهُ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانيُّ رَحِمَهُ الله (852) في «المَطَالِبِ العَالِيَةِ» (1/ 3): «قَدْ جَمَعَ أئِمَّتُنَا مِنَ الحدِيْثِ الشَّتَاتِ، على المَسَانِيْدِ والأبْوَابِ المُرَتَّبَاتِ، فَرَأيْتُ جَمْعَ جَمِيْعِ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ في كِتَابٍ وَاحِدٍ، ليَسْهُلَ الكَشْفُ فِيْهِ على أُوْلي الرَّغَبَّاتِ!».

ومِنْ خِلالِ مَا ذَكَرنَاهُ هُنَا؛ فلْيَعْلَمِ الجَمِيْعُ أنَّ كُتُبَ «الجَوَامِعِ»، و «الزَّوَائِدِ»، و «الأفْرَادِ» لم تُؤلَّفْ في غالَبِ وحَقِيْقَةِ الأمْرِ إلَّا لتَقْرِيْبِ البَعِيْدِ وتَهْذِيْبِ الشَّرِيْدِ مِنَ الأحَادِيْثِ الَّتِي غَدَتْ بَعِيْدَةَ المَنَالِ، عَزِيْزَةَ النَّوَالِ، بَلْ أضْحَتْ عَسِيْرَةَ الحِفْظِ على رَاغِبِهَا، عَصِيْبَةِ العَدِّ على طَالِبِهَا ... فَكَانَ والحَالَةُ هَذِهِ أنْ جُمِعَتْ ودُوِّنَتْ وصُنِّفَتْ كُتُبُ «الزَّوَائِدِ» وغَيْرِهَا لهَذَا الغَرَضِ النَّبِيْلِ، وهَذَا الشَّرَفِ الجَلِيْلِ ... لا أنْ تَبْقَى مُزَاحِمَةً لأصُوْلِ كُتُبِ السُّنَّةِ والأثَرِ، فَافْهَمْ هُدِيْتَ إلى الحَقِّ والتَّوْفِيْقِ، آمِيْنَ!

الرَّابِعُ: أنَّ كُتُبَ «الزَّوَائِدِ» لم تُؤَلَّفْ أيْضًا إلَّا للحِفَاظِ على كُتُبِ السُّنَّةِ الَّتِي يُخْشَى انْدِثَارُهَا ونِسْيَانُهَا لخُمُوْلِ ذِكْرِهَا، وقِلَّةِ العِنَايَةِ بِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مِنَ الكُتُبِ الَّتِي صُنِّفَتْ قَبْلَ الصَّحِيْحَيْنِ أو بَعْدَهُمَا، وهَذَا مَا ذَكَرَهُ الفَقِيْهُ الدِّهْلَويُّ رَحِمَهُ الله في كِتَابِهِ «حُجَّةِ الله البَالِغَةِ» (1/ 134): «والطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ: مُسَانِيْدُ وجَوَامِعُ ومُصَنَّفَاتٌ، صُنِّفَتْ قَبْلَ البُخَارِيِّ ومُسْلِمٍ، وفي زَمَانِهِمَا وبَعْدِهِمَا، جَمَعَتْ بَيْنَ الصَّحِيْحِ والحَسَنِ والضَّعِيْفِ، والمَعْرُوْفِ والغَرِيْبِ، والشَّاذِّ والمُنْكَرِ، والخَطَأ والصَّوَابِ، والثَّابِتِ والمَقْلُوْبِ، ولم تُشْتَهَرْ في العُلَمَاءِ ذَلِكَ الاشْتِهَارَ، وإنْ زَالَتْ عَنْهَا النَّكَارَةُ المُطْلَقَةُ ... فَهِيَ بَاقِيَةٌ على اسْتِتَارِهَا واخْتِفَائِهَا وخُمُوْلِهَا، كـ «مُسْنَدِ أبي يَعْلى»، و «مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ»، و «مُصْنَفِ أبي بَكْرٍ بنِ أبي شَيْبَةَ»، و «مُسْنَدِ عَبْدِ بنِ حُمَيْدٍ» و «الطَّيَالِسِي»، وكُتُبِ البَيْهَقِيِّ، والطَّحَاوِيِّ، والطَّبَرانيِّ.

وكَانَ قَصْدُهُم جَمْعَ مَا وُجَدُوْهُ، لا تَلْخِيْصَهُ وتَهْذِيْبَهُ مِنَ العَمَلِ» ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1038192#_ftn2)) انْتَهَى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير