تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومَهْمَا يَكُنْ؛ فَإنَّ كُتُبَ «الزَّوَائِدِ» لا تَخْلُو مِنْ فَوَائِدَ كَثِيْرَةٍ قَدْ تَطَرَّقَ إلَيْهَا بَعْضُ المُشْتَغِلِيْنَ بعِلْمِ «الزَّوَائِدِ» مِنْ أئِمَّةِ الحَدِيْثِ، ولاسِيَّمَا بَعْضُ الفَوَائِدِ المُتَعَلِّقَةِ بتَرْتِيْبِ الأحَادِيْثِ على المَسَانِيْدِ أو الأطْرَافِ، أو الأبْوَابِ الفَقْهِيَّةِ، وأيْضًا مَا يَتَعَلَّقُ بمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ اتِّصَالًا وانْقِطَاعًا، وسَمَاعًا وإرْسَالًا، وشَاهِدًا ومُتَابِعًا، وكَذَا في مَعْرِفَةِ عِلَّةٍ خَفِيَّةٍ، أو شُذُوْذٍ مُخِلٍّ، وغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الفَوَائِدِ الَّتِي لا تَسَعُهَا هَذِهِ الرِّسَالَةُ المُخْتَصَرَةُ، والله أعْلَمُ.

* * *

الاسْتِدْرَاكُ الثَّاني: ومِنَ الاسْتِدْرَاكَاتِ أيْضًا، أنَّ كُلَّ مَنْ ألَّفَ أو صَنَّفَ في «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ» لَهُ مَنْهَجٌ خَاصٌّ، وطَرَيْقَةٌ مَعْلُوْمَةٌ في جَمْعِهِ لأحَادِيْثِ الصَّحِيْحَيْنِ؛ سَوَاءٌ كَانَ في طَرِيْقَةِ التَّبْوِيْبِ والتَّرْتِيْبِ، أو في الزِّيَادَاتِ والاخْتِصَارَاتِ، أو في التَّقْدِيْمِ والتَّأخِيْرِ، أو في الاتِّفَاقَاتِ والإفْرَادَاتِ، أو في مَخْرَجِ الحَدِيْثِ وذِكْرِ الرَّاوِي، أو في السَّمَاعَاتِ والتَّحْدِيْثَاتِ، أو في المَوْقُوْفَاتِ والمَقْطُوْعَاتِ، أو في المُعَلَّقَاتِ والبَلاغَاتِ ... أو غَيْرَ ذَلِكَ ممَّا هُوَ مَعْلُوْمٌ عِنْدَ أهْلِ الشَّأنِ مِنْ أئِمَّةِ الحَدِيْثِ.

ومِنْ خِلالِ هَذِهِ المَنَاهِجِ والطَّرَائِقِ الخَاصَّةِ الَّتِي الْتَزَمَ بِهَا أصْحَابُهَا في تَألِيْفِ كُتُبِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ»، نَكُوْنُ عِنْدَهَا على يَقِيْنٍ بِأنَّهَا قَدْ أصْبَحَتْ كُتُبًا ذَاتَ مَنْهَجٍ وطَرِيْقَةٍ لا تَتَّفِقُ والصَّحِيْحَيْنِ في شَيءٍ مِمَّا ذُكِرَ، الأمْرُ الَّذِي يَجْعَلُهَا كُتُبًا جَدِيْدَةً مُنْفَرِدَةً عَنْ أصْلِهَا: تَرْتِيْبًا وتَبْوِيْبًا ومَنْهَجًا وتَخْرِيْجًا ... ولا يُخَالِفُ هَذَا إلَّا جَاهِلٌ بأبْجَدِيَّاتِ كُتُبِ السُّنَّةِ، ومَنَاهِجِ أئِمَّةِ الحَدِيْثِ.

* * *

ومَنْ أرَادَ مَعْرِفَةَ حَقِيْقَةِ الاخْتِلافِ بَيْنَ طَرِيْقَةِ أصْحَابِ «الصَّحِيْحَيْنِ»، وبَيْنَ كُتُبِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ»، فلْيَنْظُرْ إلى طَرِيْقَةِ ومَنْهَجِ عَامَّةِ أصْحَابِ كُتُبِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ»، كَي يَعْلَمَ حِيْنَهَا بَأنَّ القَوْمَ لم يَدَعُوا مَجَالًا لمُتَعَقِّبٍ، ولم يَتْرُكُوا شَكًّا لمُتَحَقِّقٍ في مَعْرِفَةِ مَنَاهِجِهِم في التَّألِيْفِ، وذَلِكَ حِيْنَما يَعْلَمُ الجَمِيْعُ بأنَّهُم قَدِ الْتَزَمُوا في تَألِيْفِ كُتُبِهِم طَرَائِقَ شَتَّى ومَنَاهِجَ مُخْتَلِفَةً تَدُلُّ بمَجْمُوْعِهَا على أنَّ عَامَّةَ كُتُبِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ» قَدِ ارْتَسَمَتْ مَنْهَجًا فَرِيْدًا، واتَّخَذَتْ طَرِيْقًا مُغَايِرًا عَنْ حَقِيْقَةِ أُصُوْلِهَا!

وتَحْقِيْقًا لمَطْلُوْبِ أهْلِ التَّحْقِيْقِ، ونُزُوْلًا عِنْدَ مَرْغُوْبِ أهْلِ التَّدْقِيْقِ ممَّنْ تَاقَتْ نُفُوْسُهُم، وشَاقَتْ قُلُوْبُهُم إلى مَعْرِفَةِ الاخْتِلافِ المَنْهَجِي بَيْنَ تَألِيْفِ «الصَّحِيْحَيْنِ»، وبَيْنَ كُتُبِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ»: فَقَدْ سُقْنَا لهُم طَرَفًا مِنْ كُتُبِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ»، وذَكَرْنَا لهُم بَعْضَ أسْمَائِهَا على وَجْهِ التَّرْتِيْبِ والتَّهْذِيْبِ بحَسَبِ تَألِيْفِ أصْحَابِهَا ووَفَيَاتِهِم، فَكَانَ مِنَ ذَلِكَ:

كِتَابُ «المُسْتَخْرَجِ على الاتِّفَاقِ»، ويُقَالُ: «المُتَّفَقُ الكَبِيْرُ»، ويُقَالُ: «الجَمْعُ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنَ» للحَافِظِ أبي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الله الشَّيْبَانيِّ الجَوْزَقِيِّ رَحِمَهُ الله (388).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير