تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جِبْرِيْلَ النَّبِيَّ r عَنِ الإيْمانِ والإسْلامِ والإحْسَانِ، وعِلْمِ السَّاعَةِ، وبَيَانِ النَّبيِّ r لَهُ».

ومِنْ خِلالِ وُقُوْفِنَا على تَرَاجِمِ أبْوَابِ البُخَارِيِّ الّتِي وَضَعَهَا في صَحِيْحِهِ، وبَيْنَ مَا صَنَعَهُ الشَّيْخُ اليَحْيَى يَتَّضِحُ لكُلِّ ذِي عَيْنٍ: البَوْنَ الشَّاسِعَ بَيْنَهُما، والخَطَأ الوَاضِحُ عِنْدَ اليَحْيَى، والله المُوَفِّقُ.

كَمَا أنَّ الشَّيْخَ اليَحْيَى حَفِظَهُ الله لم يَلْتَزِمْ بتَبْوِيْبِ البُخَارِيِّ؛ حَيْثُ تَرْجَمَ لحَدِيْثِ أبي هُرِيْرَةَ الثَّاني، بقَوْلِهِ: «بَابُ سُؤَالِ جَبْرِيْلَ النَّبِيَّ r عَنِ الإيْمانِ»، عِلمًا أنَّ البُخَارِيَّ رَحِمَهُ الله لم يَقْتَصِرْ في التَّرْجَمَةِ على الإيْمانِ، بَلْ قَالَ: «بَابُ سُؤَالِ جِبْرِيْلَ النَّبِيَّ r عَنِ الإيْمانِ والإسْلامِ والإحْسَانِ، وعِلْمِ السَّاعَةِ»، فأيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا؟، كَمَا أنَّنَا مَهْمَا اعْتَذَرْنَا لليَحْيَى في تَصَرُّفِهِ في اخْتِصَارِ التَّرْجَمَةِ، إلَّا أنَّنا أيْضًا لا نَعْذُرُهُ فِيْما يَأتي.

يُوَضِّحُهُ؛ أنَّ التَّرْجَمَةَ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا اليَحْيَى مُوْهِمَةٌ ومُشْكِلَةٌ؛ لأنَّ الطَّالِبَ إذَا نَظَرَ إلَيْهَا قَدْ يَفْهَمُ مِنْهَا أنَّ تَعْرِيْفَ الإيْمانِ: مَا ذُكِرَ في حَدِيْثِ ابنِ عَبَّاسٍ قَطُّ، وأنَّ سُؤالَ جَبْرِيْلَ النَّبِيَّ r كَانَ عَنِ الإيْمانِ قَطُّ!

عِلمًا أنَّ أهْلَ السُّنَّةِ قَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ تَعْرِيْفِ الإيْمانِ والإسْلامِ؛ حَيْثُ أنَّهُم جَعَلُوا لكُلٍّ مِنْهُما تَعْرِيْفًا عِنْدَ الاقْتِرَانِ، وتَعْرِيفًا آخَرَ عِنْدَ الافْتِرَاقِ، فَالإيْمانُ إذَا أُطْلِقَ دَلَّ مَعْنَاهُ على مَعْنَى الإسْلامِ، والعَكْسُ صَحِيْحٌ، كَمَا هُوَ ظَاِهِرُ حَدِيْثِ ابنِ عَبَّاسٍ الأوَّلِ، وإذَا اقْتَرَنَا دَلَّ مَعْنَى الإيْمانُ على الأعْمَالِ القَلْبِيَّةِ، ودَلَّ مَعْنَى الإسْلامِ على الأعْمَالِ الظَّاهِرَةِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيْثُ أبي هُرَيْرَةَ الثَّاني، والله أعْلَمُ.

* * *

الاسْتِدْرَاكُ السَّابِعُ: أنَّ دَعْوَى اليحْيَى بِأنّهُ قَدِ الْتَزَمَ بتَضْمِيْنِ كُلِّ أبْوَابِ البُخَارِيِّ في كِتَابِهِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ»؛ فَهِيَ دَعْوَى غَيْرُ سَدِيْدَةٍ ولا مَقْبُوْلَةٍ مِنَ النَّاحِيَةِ الحَدِيْثِيَّةِ والفَقْهِيَّةِ!

هَذَا إذَا عَلِمْنَا أنَّ اليَحْيَى حَفِظَهُ الله لم يَلْتَزِمْ بَوَضْعِ الأحَادِيْثِ الَّتِي ارْتَضَاهَا واخْتَارَهَا البُخَارِيُّ رَحِمَهُ الله تَحْتَ كُلِّ تَرْجَمَةٍ وَضَعَهَا في صَحِيْحِهِ، بَلْ قْدْ أجْرَى اليَحْيَى عَلْيَهَا قَلَمَ النَّحْتِ والانْتِقَاءِ والاخْتِصَارِ، إلَّا مَا نَدَرَ وقَلَّ!

وهَذَا في حَدِّ ذَاتِهِ ممَّا يَدُلُّ على وُجُوْدِ خَلَلٍ في تَرَاجِمِ أبْوَابِ اليَحْيَى سَوَاءٌ مِنَ النَّاحِيَةِ الحَدِيْثِيَّةِ أو الفَقْهِيَّةِ، ولا يُدْرِكُ هَذَا الخَلَلَ إلَّا مَنْ أدْمَنَ النَّظَرَ في صَحِيْحِ البُخَارِيِّ، وعَلِمَ أيْضًا فِقْهَ البُخَارِيِّ في اخْتِيَارَاتِهِ وتَصَرُّفَاتِهِ في الأبْوَابِ، والله أعْلَمُ.

* * *

الاسْتِدْرَاكُ الثَّامِنُ: أنَّ الطَّرِيْقَةَ الَّتِي اتَّخَذَهَا اليَحْيَى حَفِظَهُ الله في كِتَابِهِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ» فِيْهَا تَكَلُّفٌ وَاضِحٌ، ومُزَاحَمَةٌ ظَاهِرَةٌ؛ حَيْثُ نَرَاهُ قَدْ وَقَعَ في بَعْضِ الأخْطَاءِ المَنْهَجِيَّةِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَ ذِكْرِهِ لأوَّلِ حَدِيْثَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ، فَضْلًا عَنِ الأحَادِيْثِ البَاقِيَةِ مِنْهَا.

فَأمَّا الحَدِيْثُ الأوَّلُ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ طَرِيْقِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُما، فَقَدْ أوْرَدَه هَكذَا كَمَا جَاءَ في الطَّبْعَةِ الأوْلى لعَامِ (1426) ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1038213#_ftn1)) :

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير