عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى النَّبِيِّ r قَالَ: «مَرْحَبًا بِالوَفْدِ الَّذِينَ جَاءُوا غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى فَقَالُوا يَا رَسُولَ الله إنَّا حَيٌّ مِنْ رَبِيعَةَ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مُضَرُ وَإنَّا لَا نَصِلُ إلَيْكَ إلَّا فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ فَمُرْنَا بِأمْرٍ فَصْلٍ نَدْخُلُ بِهِ الجَنَّةَ وَنَدْعُو بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا فَقَالَ أرْبَعٌ وَأرْبَعٌ أقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَصُومُوا رَمَضَانَ وَأعْطُوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ وَلَا تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ وَالحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالمُزَفَّتِ»، وَرُبَّمَا قَالَ: «المُقَيَّرِ، قَالَ: احْفَظُوهُنَّ وَأبْلِغُوهُنَّ مَنْ وَرَاءَكُمْ» (ثُمَّ ذَكَرَ هُنَا: حَاشِيَتَيْنِ!).
(وفي حَدِيْثِ جَابِرٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ الله r عَنِ الظُّرُوفِ» فَقَالَتْ الأنْصَارُ: إنَّهُ لَا بُدَّ لَنَا مِنْهَا قَالَ فَلَا إذًا) انْتَهَى كَلامُهُ.
ثُمَّ نَرَاهُ أيْضًا قَدْ ذَكَرَ في حَاشِيَةِ هَذَا الحَدِيْثِ ثَلاثَ حَوَاشٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، هَكَذَا:
الحَاشِيَةُ الأوْلى، قَالَ: ولمُسْلِمٍ: وَقَالَ نبيُّ الله r لأشَجِّ عَبْدِ القَيْسِ: «إنَّ فِيكَ لخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا الله: الحِلْمُ وَالأنَاةُ».
وفي الحَاشِيَةِ الأخْرَى، قَالَ: ولمُسْلِمٍ: مِنْ حَدِيْثِ أبي سَعِيْدٍ: قَالُوا: يا نَبِيَّ الله! ما عِلْمُكَ بالنَّقِيْرِ؟ قَالَ: «بَلى، جِذْعٌ تَنْقِرُوْنَهُ فتَقْذِفُوْنَ فِيْهِ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ تَصُبُّوْنَ فِيْهِ مِنَ المَاءِ، حَتَّى إذَا سَكَنَ غَلَيَانُهُ شَرِبْتُمُوْهُ، حَتَّى إنَّ أحَدَكُم ليَضْربُ ابنَ عَمِّهِ بالسَّيْفِ، قَالَ: وفي القَوْمِ رَجُلٌ أصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ كَذَلِكَ، قَالَ في أسْقِيَةِ الأدَمِ الَّتِي تُلاثُ على أفْوَاهِهَا.
قَالُوا: يَا رَسُوْلَ الله! إنَّ أرْضَنَا كَثِيْرَةُ الجِرْذَانِ، ولا تَبْقَي بِهَا أسْقِيَةَ الأدَمِ، فَقَالَ نَبِيُ الله r : « وإنْ أكَلَتْهَا الجِرْذَانُ، وإنْ أكَلَتْهَا الجِرْذَانُ، وإنْ أكَلَتْهَا الجِرْذَانُ».
وفي الحَاشِيَةِ الثَّالِثَةِ، قَالَ: ولمُسْلِمٍ: مِنْ حَدِيْثِ بُرَيْدَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ: نَهَيْتُكُم عَنِ النَّبِيْذِ إلَّا في سِقَاءٍ، فَاشْرَبُوا في الأسْقِيَّةِ كُلِّهَا، ولا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا. وفي رِوَايَةٍ: إنَّ الظُّرُوْفَ لا تُحِلُّ شَيْئًا ولا تُحرِّمُهُ.
قُلْتُ: إنَّ الطَّالِبَ إذَا نَظَرَ إلى هَذَا الحَدِيْث سَوْفَ تَسْتَوْقِفُهُ بَعْضُ الإشْكَالاتِ، مِنْهَا:
أنَّ اليَحْيَى قَدْ ذَكَرَ في المَتْنِ حدِيْثًا وَاحِدًا مِنْ رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ، ثُمَّ ضَمَّنَهُ رِوَايَتَيْنِ في المَتْنِ، ثُمَّ أعْقَبَهُ بِرِوَايَةٍ مُفْرَدَةٍ للبُخَارِيِّ، كَمَا أنَّهُ ألْحَقَ الحَدِيْثَ بثَلاثِ حَوَاشٍ، هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ أرْبَعِ رِوَايَاتٍ مِنْ إفْرادَاتِ مُسْلِمٍ عَلى البُخَارِيِّ.
ومِنْ هُنَا كَانَ الإشْكَالُ قَائِمًا؛ حَيْثُ نَجِدُ في الحَدِيْثِ الوَاحِد سَبْعَةَ إشْكَالاتٍ: فمَرَّةً يَأتي بالحَدِيْثِ مِنْ رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ، وثَانِيَةً يَأتي برِوَايَتَيْنِ للحَدِيْثِ ضِمْنًا، وثَالِثَةً مَعَ أفْرَادِ البُخَارِيِّ، ورَابِعَةً وخَامِسَةً وسَادِسَةً وسَابِعَةً مَعَ إفْرَادَاتٍ مُسْلِمٍ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ المَتْنِ مَعَ إلْحَاقَاتِ الحَاشِيَةِ ... فَهَذَا كُلُّهُ مِنَ
والمُضَايَقَاتِ على حِفْظِ الطَّالِبِ بطَرِيْقٍ أو آخَرَ، في حِيْنَ أنَّنا لا نَجِدُ شَيْئًا مِنْ هَذِه الإشْكَالاتِ عِنْدَ حِفْظِ أصْلِ الصَّحِيْحَيْنِ!
أمَّا الحَدِيْثُ الثَّاني، فَقَدْ أوْرَدَهُ اليَحْيَى حَفِظَهُ الله، هَكَذَا:
¥