تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَأنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ لَوْ أنَّ لِأحَدِهِمْ مِثْلَ أحُدٍ ذَهَبًا فَأنْفَقَهُ مَا قَبِلَ الله مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالقَدَرِ، ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنِي أبِي عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ ... ».

* قُلْتُ: إنَّ إشْكَالاتِ هَذَا الحَدِيْثِ لَيْسَتِ عَنْ سَابِقِهِ ببَعِيْدٍ، بَلْ زَادَتْ عَلَيْهِ مِنَ الإشْكَالاتِ والتَّعْقِيْدَاتِ مَا يَسْتَشْكِلُ على الطَّالِبِ، ويَغْلِقُ عَلَيْهِ حِفْظَهُ، فَمِنْ ذَلِكَ:

أنَّ اليَحْيَى قَدْ ذَكَرَ في المَتْنِ حَدِيْثًا وَاحِدًا مِنْ رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ، ثُمَّ ضَمَّنَهُ بَأرْبَعِ رِوَايَاتٍ أْخَرَى، إحْدَاهَا مُعْلَّقَةٌ، وأخْرَى مِنْ إفْرَادَاتِ البُخَارِيِّ، ثُمَّ أعْقَبَهُ في الحَاشِيَةِ بسِتِّ رِوَايَاتٍ، هِيَ مِنْ إفْرادَاتِ مُسْلِمٍ عَلى البُخَارِيِّ.

ومِنْ هُنَا كَانَ الإشْكَالُ قَائِمًا؛ حَيْثُ نَجِدُ في الحَدِيْثِ الوَاحِدِ عَشْرَةَ إشْكَالاتٍ: فمَرَّةً يَأتي بالحَدِيْثِ مِنْ رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ، وثَانِيَةً مَعَ تَضْمِيْنِ رِوَايَتَيْنِ، وثَالِثَةً مَعَ تَضْمِيْنِ رِوَايَةٍ مُعَلَّقَةٍ، ورَابِعَةً مَعَ تَضْمِيْنِ رِوَايَةٍ مِنْ أفْرَادِ البُخَارِيِّ، وخَامِسَةً وسَادِسَةً وسَابِعَةً وثَامِنَةً وتَاسِعَةً وعَاشِرَةً مَعَ إفْرَادَاتِ مُسْلِمٍ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ في رِوَايَةِ المَتْنِ مَعَ إلْحَاقَاتِ الحَاشِيَةِ ... فَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الإشْكَالاتِ والمُضَايَقَاتِ على حِفْظِ الطَّالِبِ بطَرِيْقٍ أو آخَرَ، في حِيْنَ أنَّنا لا نَجِدُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ التَّعْقِيْدَاتِ والإشْكَالاتِ عِنْدِ حِفْظِ أصْلِ الصَّحِيْحَيْنِ، كَما سَيَأتي بَيَانُهُ، إنْ شَاءَ الله تَعَالى!

* * *

ثُمَّ بَعْدَ هَذَا؛ لا تَذْهَبَنَّ بِنَا الظُّنُوْنُ؛ بأنَّ كَثِيْرًا مِنْ طُلَّابِ العِلْمِ ممَّنْ حَفِظُوا كِتَابَ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ» لليَحْيَى لم يَجِدُوا شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الإشْكَالاتِ!

قُلْتُ: إنَّ هَذَا الظَّنَّ لا يَشْفَعُ لَنَا أنْ نَسْتَمِرَّ في تَسْوِيْقِ هَذِهِ الإشْكَالاتِ بحُجَّةِ أنَّ بَعْضَ الطُّلَّابِ قَدْ حَفِظُوْهَا دُوْنَ إشْكَالٍ ... لأنَّنَا وإيَّاكُم نَعْلَمُ جَمِيْعًا: أنَّ هَؤلاءِ الطُّلَّابَ قَدْ أجْمَعُوا أمْرَهُم على حِفْظِ السُّنَّةِ، ولاسِيَّما الصَّحِيْحَيْنِ، كَمَا أنَّهُم قَدْ وَطَّنُوا أنْفُسَهُم على تَحَمُّلِ ورُكُوْبِ الصِّعَابِ في سَبِيْلِ حِفْظِ الصَّحِيْحَيْنِ خَاصَّةً، وكُتُبِ السُّنَّةِ بعَامَّةٍ، لِذَا فَقَدْ اسْتَقَرَّ الأمْرُ عِنْدَهُم على الحِفْظِ على أيِّ وَجْهٍ كَانَ، وأيِّ إشْكَالٍ بَانَ، فَهَذَا وغَيْرَهُ ممَّا يَدْفَعُنَا ضَرُوْرَةً إلى دَفْعِهِم إلى حِفْظِ الأصُوْلِ الحَدِيْثِيَّةِ أوَّلًا بأوَّلٍ، وإلَّا كُنَّا عَيَاذًا بالله ممَّنْ يُغَالِطُ بِهَذِهِ الهِمَمِ العَالِيَةِ، والفُهُوْمِ الوَقَّادَةِ، والجُهُوْدِ الكَبِيْرَةِ في غَيْرِ طَرِيْقِهَا الصَّحِيْحِ، والله أعْلَمُ.

* * *

الاسْتِدْرَاكُ التَّاسِعُ: أنَّ الشَّيْخَ اليَحْيَى قَدْ جَنَحَ إلى تَصْنِيْفِ كِتَابٍ فَرِيْدٍ في بَابِهِ لم يَسْبِقْهُ إلَيْهِ أحَدٌ مِنَ المُتَقَدِّمِيْنَ، وهُوَ كِتَابُ: «أفْرَادِ البُخَارِيِّ على مُسْلِمٍ»، وهَذَا مِنْهُ يَدُلُّنَا أنَّ اليَحْيَى حَفِظَهُ الله وَاسِعُ الخَطْوِ في ضَبْطِ عِلْمِ «الزَّوَائِدِ»، وأيًّا كَانَ الأمْرُ؛ فَإنَّ المَسْألَةَ أيْضًا قَابِلَةٌ للاجْتِهَادِ، والله أعْلَمُ.

* * *

وأمَّا الكِتَابُ الآخَرُ الَّذِي ألَّفَهُ الشَّيْخُ اليَحْيَى حَفِظَهُ الله، فَهُوَ بعِنْوَانِ: «زِيَادَاتِ الكُتُبِ الحَدِيْثِيَّةِ العَشَرَةِ على الصَّحِيْحَيْنِ»، أيْ: زِيَادَاتِ سُنَنِ أبي دَاوُدَ، وسُنَنِ التِّرمِذِيِّ، وسُنَنِ النِّسَائِيِّ، وسُنَنِ ابنِ مَاجَه، ومُوَطَّأ مَالِكٍ، وسُنَنِ الدَّارِميِّ، ومُسْنَدِ أحمَدَ، وصَحِيْحِ ابنِ خُزَيْمَةَ، وصَحِيْحِ ابنِ حِبَّانَ، ومُسْنَدِ البَزَّارِ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير