تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الاسْتِدْرَاكُ الثَّاني: أنَّ تَرْتِيْبَ اليَحْيَى في الكُتُبِ العَشَرَةِ، لَيْسَ سَدِيْدًا؛ حَيْثُ نَرَاهُ قَدْ قَدَّمَ مَا حَقَّهُ التَّأخِيْرُ، وأخَّرَ مَا حَقَّهُ التَّقْدِيْمُ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَأخِيْرِهِ لمُسْنَدِ أحْمَدَ عَنْ مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ، في حِيْنَ أنَّنِي لا أعْلَمُ أحَدًا مِنْ أهْلِ الحَدِيْثِ المُعْتَبرِيْنَ أنَّهُ قَدَّمَ مُسْنَدَ الدَّارِمِيِّ على مُسْنَدِ أحْمَدَ فِيْمَا أعْلَمُ.

ورُبَّما كَانَ الخَطَأ أيْضًا في تَقْدِيْمِ مُوَطَّأ مَالِكٍ على مُسْنَدِ أحْمَدَ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَنْ يُقَدِّمُ مُسْنَدَ أحْمَدَ على المُوَطَّأ باعْتِبَارِ الشُّمُولِيَّةِ والسِّعَةِ، لا باعْتِبَارِ الصِّحَّةِ في غَيْرِهَا مِنَ الاعْتِبَارَاتِ!

* * *

الاسْتِدْرَاكُ الثَّالِثُ: أنَّ هَذِهِ الزِّيَادَاتِ الَّتِي طَرَقَهَا الشَّيْخُ اليَحْيَى لَيْسَتْ مَنْهَجِيَّةً ولا عِلْمِيَّةً، بَلْ فِيْهَا مِنَ المُغَالَطَاتِ والتَّكَلُّفَاتِ الشَّيءُ الَّذِي لا يُقِرُّهُ أهْلُ العِلْمِ مِنْ جَهَابِذَةِ الحَدِيْثِ وحُفَّاظِهِ، وذَلِكَ لمَا يَلي:

أنَّهُ قَدِ الْتَزَمَ طَرِيْقَةً خَاطِئَةً سَوَاءٌ في تَرْتِيْبِ هَذِهِ الكُتُبِ العَشَرَةِ، أو في التَّقْدِيْمِ والتَّأخِيْرِ.

يُوَضِّحُهُ؛ أنَّنا لَو وَقَفْنَا مَعَ كِتَابِ «زَوَائِدِ التِّرمِذِيِّ» مَثَلًا، فإنَّنَا نَقْطَعُ أنَّه لَيْسَ بالضَّرُوْرَةِ أنْ تَكُوْنَ أحَادِيْثُ التِّرْمِذِيِّ هُنَا زَائِدَةً على الصَّحِيْحَيْنِ وأبي دَاوُدَ فَقَطُ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَرْتِيْبِهِ الوَضْعِيِّ بَيْنَ الكُتُبِ العَشَرَةِ، بَلْ رُبَّما كَانَتْ أحَادِيْثُهُ زَائِدَةً أيْضًا على أحَادِيْثِ النَّسَائيِّ أو ابنِ مَاجَه أو المُوَطَّأ وهَكَذَا إلى آخِرِ الكُتُبِ العَشَرَةِ، أو رُبَّمَا كَانَتْ أحَادِيْثُهُ زَائِدَةً على بَعضِهَا دُوْنَ بَعْضٍ، وعلى هَذَا يَجْرِي القِيَاسُ على جَمِيْعِ زَوَائِدِ الكُتُبِ العَشَرَةِ المَذْكُوْرَةِ، وهَذا في حَدِّ ذَاتِهِ فِيْهِ إشْكَالِيَّةٌ مَنْهَجِيَّةٌ بَعِيْدَةٌ عَنْ مَدَارِكِ مَعْرِفَةِ عِلْمِ «الزَّوَائِدِ».

* * *

الاسْتِدْرَاكُ الرَّابِعُ: وهُوَ مِنَ الاسْتِدْرَاكَاتِ العَامَّةِ الَّتِي يَمْتَدُّ بِسَاطُهَا على طَرَائِقِ الشَّيْخِ اليَحْيَى في تَقْيِيْدِ دَوْرَاتِهِ العِلْمِيَّةِ وتَحْدِيْدِهَا مِنْ خِلالِ مُوَاضَعَةٍ عِنْدَهُ في اخْتِيَارِ وَقْتٍ ضَيِّقٍ لَدَى الطُّلَّابِ عِنْدَ حِفْظِهِم، ممَّا سَيَكُوْنُ عِبْئًا يَوْمًا مِنَ الأيَّامِ على حِفْظِ الطُّلَّابِ؛ وذَلِكَ إذَا عَلِمْنَا أنَّ الوَقْتَ الَّذِي حَدَّدَهُ الشَّيْخُ للطُّلَّابِ في حِفْظِ بَعْضِ مَرَاحِلِ هَذِهِ الدَّوْرَاتِ مَا يَكُوْنُ غَالِبًا في غُضُوْنِ شَهْرَيْنِ أو قَرِيْبًا مِنْهُما، الأمْرُ الَّذِي يُخْشَى مِنْهُ تَفَلُّتُ الحِفْظِ عِنْدَ أكْثَرِ الطَّلَبَةِ المُقْبِلِينَ على حِفْظِ السُّنَّةِ، لِذَا كَانَ مِنْ مَبَاغِي الطَّلَبِ في تَرْسِيْخِ الحِفْظِ وضَبْطِهِ، هُوَ مَا اتَّسَعَ لَهُ الوَقْتُ اتِّسَاعًا صَالحًا للمُذَاكَرَةِ بَعْدَ المُرَاجَعَةِ، ولَنَا في حِفْظِ السَّلَفِ للأحَادِيْثِ وضَبْطِهَا عِلْمًا وعَمَلًا سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ، ولَيْسَ هَذَا محَلَّ ذِكْرِهَا!

وعَلَيْهِ؛ فَلَيْسَ لَنَا أنْ نَقِفَ فَرْحًا بحِفْظِ هَؤلاءِ الطُّلَّابِ للسُّنَّةِ في أشْهُرٍ مَعْدُوْدَةٍ دُوْنَ اعْتِبَارٍ للقَرَائِنِ العِلْمِيَّةِ الأهْلِيَّةِ الَّتِي تَقْطَعُ بَأنَّ عَامَّةَ الطُّلَّابِ إذَا أجْمَعَ الوَاحِدُ مِنْهُم أمْرَهُ على حِفْظِ السُّنَّةِ، واعْتَكَفَ على مُرَاجَعَتِهَا دُوْنَ صَارِفٍ أو شَاغِلٍ، بَلْ كَانَ حِفْظُهُ دِيْمَةً، ووَقْتُهُ عَزِيْمَةً إلَّا مَا لابُدَّ مِنْهُ ... كَانَ والحَالَةُ هَذِهِ حَافِظًا لمَرْوِيَّاتِهِ، ضَابِطًا لمَحْفُوْظَاتِهِ؛ إلَّا أنَّهُ بقَدْرِ سُرْعَةِ حِفْظِهِ، وقُوَّةِ ضَبْطِهِ سَيَنْسَى كَثِيرًا، ويَذْهَلَ مِرَارًا، لأنَّ مَا أُخِذَ سُرْعَةً ذَهَبَ سُرْعَةً، وقَدْ قِيْلَ: حِفْظُ حَرْفَيْنِ خَيْرٌ مِنْ سَماعِ وِقْرَيْنِ، وفَهْمُ حَرْفَيْنِ خَيْرٌ مِنْ حِفْظِ وِقْرَيْنِ!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير