تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالجواب عنه: أنه ليس هناك تناقض بحمد الله، يوضح ذلك: أن الشيخ إنما ألَّف هذه الرسالة لأصحاب الطريقة الأولى حيث قال في مقدمتها: (وقَدْ قَصَدْتُ بِهَا مَنِ اسْتَعَاضَ عَنِ الصَّحِيْحَيْنِ بحِفْظِ كُتُبِ الجَمْعِ والزَّوَائِدِ ممَّنْ عَلَتْ هِمَّتُهُم، وقَوِيَتْ حَافِظَتُهُم) ثم جعل الشيخ الطريق الثانية ممن هم دون ذلك حيث قال: (وإنْ كُنْتَ يَا طَالِبَ العِلْمِ دُوْنَ ذَلِكَ هِمَّةً وعَزِيْمَةً، فدُوْني ودُوْنَكَ تَرْسِيْمَ الطَّرِيْقَةِ الثَّانِيَةِ) ثم بعدها الطريقة الثالة لمن هم دون ذلك.

فتبين من ذلك أن المقصود من الرسالة بل ومن الباب الأخير: (حفظ السنة عند أهل السنة) إنما هم أهل الطريقة الأولى: ممَّنْ أعْطَاهُ الله هِمَّةً عَالِيَةً، وأعْطَاهُ عَزِيْمَةً قَوِيَّةً، وآتَاهُ ذَاكِرَةً صَافِيَةً، ورَزَقَهُ صَبْرًا وجَلَدًا في حِفْظِ ودِارَسَةِ كُتُبِ السُّنَّةِ والأثَر) وإنما ذكر الطريقة الثانية والثالثة تبعاً ليكتمل العقد، وقد قال الشيخ: (فَإنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ هُنَا مِنْ مَحْفُوْظَاتِ أهْلِ الطَّرِيْقَةِ الأوْلى هِيَ المَقْصُوْدَةُ بتَرْجَمَةِ هَذَا البَابِ: حِفْظُ السُّنَّةِ عِنْدَ أهْلِ السُّنَّةِ! ومَا يَأتي بَعْدَهَا فَهِي أغْلَبِيَّةٌ يَسَعُهَا بَابُ الاجْتِهَادِ).

- أما قولك: (من رغب في حفظ السنة على حسب طريقة الشيخ ذياب _ لأصحاب الطريقة الأولى_ فهذا نورعلى نور, لكن من لميستطع ذلك _وهم كثر_ فماذا عليه لو انخرط في سلك هذهالدورات؟!)

فالجواب عنه: أن الشيخ اليحيى حفظه الله إنما قصد بالدورات أهل الهمم العالية وأهل الحفظ والصبر، ألا ترى أن من شروط الالتحاق بالدورة استكمال حفظ القرآن والإختبار على ذلك، والمكوث شهرين أو نحوها منقطعاً في الدورة منهمكاً في الحفظ والدرس، ومن يقدر على ذلك إلا أهل الهمم العالية. فاجتمع مقصود الشيخ اليحيى بالدورات مع مقصود الشيخ ذياب بالرسالة فكان علينا أن نصحح المسار على ماكان عليه سلفنا ونجدد العهد على ماكان عليه أئمتنا.

وقد قال الشيخ: (كُتُبَ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ»، لم تُؤلَّفْ ولم تُصَنَّفْ عِنْدَ عَامَّةِ أهْلِ العِلْمِ إلَّا لتَقْرِيْبِ أحَادِيْثِ «الصَّحِيْحَيْنِ» لمَنْ ضَاقَ وَقْتُهُ، وقَصُرَتْ هِمَّتُهُ، وضَعُفَتْ عَزِيْمَتُهُ عَنْ حِفْظِ ودِرَاسَةِ أحَادِيْثِهِمَا مَتْنًا وسَنَدًا، وهَذَا السَّبَبُ وغَيْرُهُ لا نَجِدُهُ (ولله الحَمْدُ!) عِنْدَ هَؤلاءِ الطَّلَبَةِ المُقْبِلِيْنَ بكُلِّ هِمَّةٍ وعَزِيْمَةٍ على حَفْظِ السُّنَّةِ).

- أما قولك: (لايلزم من حفظ السنة على طريقة الشيخ يحيى أنه يهجر الأصول).

فالجواب عنه: أن هذا هو الغالب والحكم هو على الغالب، وإلا فاستدراكات الشيخ هي كما قال: (فَإنَّ اسْتِدْرَاكِي ومَلْحُوْظَاتي هُنَا هِيَ قَائِمَةٌ وجَارِيَةٌ حَوْلَ كُلِّ مَنِ اسْتَعَاضَ بحِفْظِ هَذِهِ الكُتُبِ عَنْ أصْلِ كُتُبِ السُّنَّةِ، ولاسِيَّما الصَّحِيْحَانِ)، ثم لو سلمنا فإن النظر إلى المدى البعيد ينذر بخطر هجر الصحيحين والأصول واستبدالها بكتب الجمع ونحوها، وقد أشار الشيخ إلى ذلك حيث قال: (الاسْتِدْرَاكُ الثَّالِثُ: ومِنَ الاسْتِدْرَاكَاتِ أيْضًا أنَّ التَوَسُّعَ في حِفْظِ ونَشْرِ ودِرَاسَةِ كُتُبِ «الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ» بَيْنَ طُلَّابِ العِلْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وسَائِرٌ هَذِهِ الأيَّامَ مِنْ خِلالِ هَذِهِ الدَّوْرَاتِ العِلْمِيَّةِ: يُعْتَبرُ في حَقِيقَتِهِ دَعْوَةً صَرِيحَةً إلى مُزَاحمَةِ أصْلِ «الصَّحِيْحَيْنِ»، ورُبَّما أدَّى ذَلِكَ إلى هَجْرِ «الصَّحِيْحَيْنِ» ولَو في الأمَدِ البَعِيْدِ، عَلِمْنَا هَذَا أم جَهِلْنَاهُ!

يُوَضِّحُهُ أنَّ طَائِفَةً مِنْ كُتُبِ المُخْتَصَرَاتِ (الحَدِيْثِيَّةِ والفِقْهِيَّةِ واللُّغَوِيَّةِ والتَّارِيْخِيَّةِ وغَيْرَهَا) قَدْ أخَذَتْ شُهْرَةً أكْبَرَ مِنْ أُصُوْلهَا، بَلْ إنَّ بَعْضَهَا قَدْ غَلَبَ وغَالَبَ الأُصُوْلَ؛ بسَبَبِ أنَّها نَالَتْ خِدْمَةً واهْتِمامًا مِنْ قِبَلِ بَعْضِ أهْلِ العِلْمِ؛ الأمْرُ الَّذِي جَعَلَهَا تَفُوْقُ أُصُوْلهَا شُهْرَةً وانْتِشَارًا، كَمَا هُوَ مَعْلُوْمٌ للجَمِيْعِ).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير