وقال: (فالذي يدل عليه كلام الإمام أحمد في هذا الباب أن زيادة الثقة للفظة في حديث من بين الثقات إن لم يكن مبرزاً في الحفظ والتثبت على غيره ممن لم يذكر الزيادة ولم يتابع عليها، فلا يقبل تفرده)
فأنت ترى اعتماد القرائن وهي شدة الحفظ والتثبت وإلا فمجرد كونه ثقة إذا خالف من هو مثله لا يحكم له عليه
ومثله قول الإمام مسلم في التمييز: (والزيادة في الأخبار لا تلزم إلا عن الحفاظ الذين لم يعثر عليهم الوهم في حفظهم).
فالأئمة المتقدمون متفقون على أن زيادة الثقة تقبل وترفض بحسب القرائن مثل:
ـ العدد
ـ الأوثق
ـ الأثبت في الشيخ المختلف عنه
ونحو ذلك
وما جاء عنهم ظاهره أن زيادة الثقة مقبولة مطلقا فمؤول بصنيعهم وتطبيقهم العملي في مصنفاتهم كما تقدم مع البخاري و الدارقطني
والله أعلم
رابعا: ذكر بعض الزيادات التي ردها البخاري
وبدأت بأصرحها وأوضحها:
ـ زيادة لمعمر بن راشد وهو إمام ثقة:
في جزء القراءة خلف الإمام:
قال البخاري: وقال معمر عن الزهري: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب فصاعدا"، وعامة الثقات لم يتابع معمرا في قوله:"فصاعدا"، مع أنه قد أثبت فاتحة الكتاب وقوله: "فصاعدا" غير معروف ما زاد به [ما أراد به] حرفا أو أكثر من ذلك إلا أن يكون كقوله: "لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعدا" فقد تقطع اليد في دينار وفي أكثر من دينار.
قال البخاري: ويقال أن عبد الرحمن بن إسحاق تابع معمرا، وأن عبد الرحمن ربما روى عن الزهري، ثم أدخل بينه وبين الزهري غيره ولا نعلم أن هذا من صحيح حديثه أم لا.
فأنت ترى كيف رد زيادة الثقة وهو معمر وهو من أثبت الناس في الزهري
لكنه لما خالف باقي أصحاب الزهري الثقات الأثبات رد زيادته لأن تفرده بها دليل على وهمه ولم يعتبر بقرينة متابعة ابن إسحاق لأنها لا تصمد أمام القرائن المضادة
فابن إسحاق ضُعف في الزهري
مثال آخر:
رد زيادة للإمام الثوري:
قال في الكبير:
"وقال لنا على حدثنا يحيى (بن سعيد) قال حدثنا سفيان عن محمد بن أبى بكر قال حدثنى عبد الملك بن أبى بكر عن ابيه عن ام سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها واقام عندها ثلاثا فقال ليس بك على اهلك هوان ان شئت سبعت لك وسبعت لنسائي.
وقال وكيع عن سفيان عن عبد الله بن أبى بكر عن عبد الملك بن أبى بكر ابن الحارث لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ام سلمة، مثله
وقال لنا اسمعيل حدثنى مالك عن عبد الله بن ابى بكر عن عبد الملك عن ابى بكر بن عبد الرحمن ان النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ام سلمة فأصبحت عنده فقال لها ان شئت سبعت عندك وسبعت عندهن وان شئت ثلثت عندك ودرت فقالت ثلث
قال أبو عبد الله والحديث الصحيح هذا هو يعنى حديث اسمعيل
وقال لى ابراهيم بن موسى اخبرنا هشام ان ابن جريج اخبرهم قال اخبرني حبيب بن ابى ثابت ان عبد الحميد بن عبد الله بن ابى عمرو والقاسم بن محمد بن عبد الرحمن اخبراه سمعا ابا بكر بن عبد الرحمن ان ام سلمة اخبرته قال قالت ثم اصبح النبي صلى الله عليه وسلم قال ان شئت سبعت لك وأسبع لنسائي
وقال لنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عبد الرحمن ابن حميد عن عبد الملك بن ابى بكر عن ابى بكر أن ام سلمة حين تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم اخذت بثو به فقال ان شئت زدت وحاسبت، ثم قال للبكر سبع وللثيب ثلاث
وقال لنا أبو نعيم حدثنا عبد الواحد قال حدثنى أبو بكر بن عبد الرحمن ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا ام سلمة ان شئت سبعت لك وسبعت لهن.
قال أبو عبد الله ولم يتابع سفيان انه اقام عندها ثلاثا. ا.هـ
فانظر كيف رد زيادة الثوري وهو جبل الحفظ لما خالفه مالك
ونص على أن الصحيح هو حديث مالك ثم لما تعارض عنده قول مالك مع الثوري ذهب يلتمس قرائن أخرى فذكر من تابع مالكا
مثال أصرح:
رد زيادة لسليمان التيمي وأبي خالد الأحمر:
قال في جزء القراءة:
حدثنا قتيبة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن ابن أكيمة الليثي، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: " هل قرأ أحد منكم معي آنفا" فقال رجل: نعم يا رسول الله، فقال: «إني أقول ما لي أنازع القرآن»
¥