ثانياً: وأما تعقب الذهبي للحاكم فهو على صور أيضاً ومنها:
أن الحاكم قد يصحح الحديث على شرط الشيخين. فيقول الذهبي " قلت: خ".
فإذا جاء في التخليص كلمة "قلت " فهي تعني تعقب الذهبي للحاكم.
فإذا قال: " قلت: خ "، أي ليس الحديث على شرط الشيخين، وإنما هو على شرط البخاري فقط.
وإذا قال: " قلت: صحيح:، فهو يعني أن الحديث ليس على شرط الشيخين ولا أحدهما، ولكنه صحيح فقط.
وإذا قال: "قلت: فيه فلان لم يخرجا له "، فهو يعني أن الحديث ليس على شرط الشيخين؛ لأنه فيه فلاناً ولم يخرج له الشيخان.
ومثله إذا قال: " فيه فلان لم يخرج له البخاري " أو مسلم "، ومثله إذا قال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري" أو "على شرط مسلم". وتعقبه الذهبي بأحد هذه التعقبات.
وقد يكون تعقب الذهبي بالنص على الشيخين أو أحدهما قد أخرجا الحديث، فإذا قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وكان قد أخرجه الشيخان، نجد الذهبي في "التلخيص" يحكي كلام الحاكم فيقول: "خ-م"، ثم يقول: "قلت: قد أخرجاه"، أو أخرجه "خ" أي البخاري، أو أخرجه "م" أي مسلم.
وقد يكون تعقب الذهبي للحكم بتضعيف الحديث، فيحكم الحاكم على الحديث بالصحة على شرط الشيخين أو أحدهما أو بالصحة فقط، ثم يقول الذهبي: "فيه فلان وهو ضعيف" أو "وهو واه" أو "له مناكير"، أو يحكي الذهبي كلام العلماء فيه فيقول مثلاً:
" فيه فلان، ضعفه أبو حاتم، وقال النسائي: ليس بثقة".
وقد يكون تضعيفه للحديث بسبب انقطاع في سنده، فيقول: "قلت: مرسل"، وهو يعني بذلك - في الغالب - أن التابعي لم يسمع من ذلك الصحابي الذي روى الحديث. فهذا بالنسبة لبعض صورة تعقب الذهبي.
ثالثاً- وأما سكوت الذهبي:
فهو قليل في "المستدرك "، وصورته أن يترك كلام الحاكم؛ فلا يذكره ولا يتعقبه بشيء:، وإنما يذكر الحديث فقط. وهكذا يكون سكوت الذهبي.
أوهام الذهبي في التلخيص:
ومما ينبغي لنا أن نعلمه أن الذهبي قد وقع في أوهام كثيرة في "التخليص"، ومنها في موافقاته للحاكم، وأحياناً في كلامه على بعض الرواة، وعُذره في ذلك أنه ألفه في مقتبل العمر. ومعلوم بأن صغير السن لم ينضج علمياً، ويتضح هذا في اختلاف رأيه في بعض المسائل وفي بعض الرجال بين كتابه "التخليص" وبين كتبه المتأخرة كـ " ميزان الاعتدال".
وقد اعترف الذهبي في ترجمة الحاكم في " سير أعلام النبلاء" بأن عمله هذا يحتاج إلى إعادة نظر وتحرير.
تعقب الإمام الذهبي للحاكم:
وأحياناً قد يعلق الحاكم الحديث عن راوٍ مشهور مثل شعبة بن الحجاج؛ والسبب أنه يرى أن هذا الراوي هو مخرج الحديث.
فحينما يكون له على الإسناد كلام يعلق الحديث على الراوي الذي تدور عليه أسانيد الحديث مثل قوله: شعبة عن أبي بلج يحيي سمع عمرو بن ميمون الأزدي .. إلخ.
ولابد أن يبرز الراوي الذي يريد أن يتكلم فيه، مثل قوله: شعبة عن أبي بلج قال: "م"؛ أي أن الحاكم صححها على شرط مسلم، قال الحاكم: " هذا حديث صحيح لم يخرج في الصحيحين، وهو على شرط مسلم بن الحجاج".
وطريقة الذهبي أن يختصر هذا الكلام كله، فبدلاً من أن يقول: "قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، بدلاً من ذل يحذف كل هذا الكلام ويعبر برمز صغير فقط هو "م"، ومعناه أن الحاكم صححها على شرط مسلم.
وعندما قال: "م" قال: قلت: احتج "م" بأبي بلج. قلت -أي الذهبي-: لا يحتج به، ووثق، وقال البخاري: فيه نظر.
أي أن الذهبي تعقب الحاكم على هذا الحديث، فقد رأى الحاكم أن مسلماً احتج بأبي بلج هذا، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: لا يحتج به، وقد وثق"، أي يتهم من وثقه ويتهم من ضعفه.
فالذهبي إما أن يقر الحاكم أن يتعقبه؛ فإذا تعقبه فإنما يتعقبه بتصحيح أو بتضعيف أو بيان أمر من الأمور.
فإذا قال الحاكم: هذا صحيح على شرط البخاري، وحكى الذهبي كلام الحاكم ثم تركه ولم يعلق عليه، قيل: إن الذهبي أقر الحاكم على تصحيحها لهذا الحديث، وذلك مثل قول الذهبي: "يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن أبا بكر لما بعث الجيوش نحو الشام مشى معهم حتى بلغ ثنية الوداع، قالوا: يا خليفة رسول الله تمشي ونحن ركُب "خ-م".
¥