وهل القاريء يحتاج لرأي الحاكم وقد علم بالضرورة من كتابه أنه وضعه لسرد الأحاديث الصحيحة على شرط الشيخين أو مثلها؟
لو حصرت كم الأحاديث التي سكت عليها الذهبي وهي بالمئات، لرأيت أنه في الغالب لا يرى تصحيحها أو لم يهتدي فيها إلى حكم ساعتئذ ..
وعدم نقله لكلام الحاكم يؤيد أنه إنما ينقل ما يقره عليه، وبالتالي فسكوته أولى من نقله كلامه إذ نقله له يعتبر إقرار لحكم الحاكم على الحديث، والذهبي لا يرى ذلك عند السكوت ..
وكلامك يبين بجلاء أنك لم تطلع على مختصر الذهبي لمستدرك الحاكم ..
وأنا عندي نسخة مصورة عن المخطوطة، وعليها الترقيم في جانبها موافق لعدد أحاديث المستدرك وهي [8803] حديثا ..
فظهر بهذا أن المختصر نقل كل أحاديث الكتاب، وعلق عليه من أوله إلى آخره، وسكت عن مواضع فلم يحكي فيها كلام الحاكم لأنه إذا حكاه فإنه مقر له عليه، وقد بينا ذلك ..
وإلا فماذا تقول عن الأحاديث التي سكت عليها الذهبي ولم ينقل كلام الحاكم؟ الجواب لو تكرمت.
أتريدني أن أسوي بين ثلاثة مواقف من الأحاديث التي اختصرها الذهبي:
الأول صححه الحاكم لذاته أو على شرط الشيخين أو أحدهما ثم عقب الذهبي بأنه ضعيف وبين علته.
والثاني: صححه الحاكم كالذي قبله، ونقل الذهبي تصحيحه عليه.
والثالث: صححه الحاكم كاللذين قبله، وسكت الذهبي فلم يحكي فيه قول الحاكم ولا تعقبه.
أسألك بالله عليك: أيكون الثالث مثل الثاني؟ وكيف ذلك؟
وقولك: فكل هذا يدلك أخي الكريم أن عدم نقل حكم الحاكم ليس سكوتا إنما هو إما غفلة منالحاكم!! كذا ..
وما دخل الحاكم في مختصر الذهبي أخي الكريم؟ أم لعلك أردت غفلة من الذهبي ..
فان كنت أردت أن تكون الغفلة من الذهبي - وقد صرحت بهذا في مشاركتك قبل الأخيرة - فلا ضير حينئذ أن ينسب له الوهم والخطأ لا سيما ومختصره كان في أوائل التصنيف وقبل إخراج كتبه في الرجال .. فعذره حينئذ واضح ولا إشكال.
وقولك: ولا تستطيع أخي الكريم أي جهة مهما بلغت من العلم أن تُقنع بدون دليل أن نقل الذهبيلحكم الحاكم هو إقرار. ولا بد هنا من الرجوع [إلى] الأصل، وهو سكوت العالم عند تلخيصهالأصل، هل هو إقرار أم سكوت؟ الجواب أن الأصل هو السكوت، لأنه لا يُنسب لساكتقول.
قد رددت عليك في قاعدة (لا ينسب لساكت قول) وأنها ليست على إطلاقها، فلا حاجة لإعادته ..
وقد يقلب عليك الأمر هنا أيضا فيقال:
لا تستطيع -أخي الكريم- أي جهة مهما بلغت من العلم أن تقنع بدون دليل على أن نقل الذهبي لحكم الحاكم ليس هو باقرار ..
والسكوت الذي تتمسك به هو آفة الفهم في هذه المسألة ..
لأننا نقول سكوته غير تقريره غير تعقبه، كما نقلت لك ثلاث صور لعمل الذهبي في المختصر.
كما أنكم تتغافلون عن عمد أو عن سهو - الله أعلم – أن مختصر الذهبي للحاكم كان قبل كتبه في الرجال، كالميزان والتاريخ والمغني وسير النبلاء ... الخ. وهذا مربط الفرس كما يقال ..
كما أنك – أو أصحاب هذا القول المخترع – تتغافل عن نقل تلاميذ الذهبي لتصحيح الحاكم وأنه عندهم إقرار .. فمن يا ترى يحكم على منهج وعمل الذهبي؟ تلاميذه أم طلبة العلم المتأخرون في عصرنا؟
كما أنكم تتغافلون عن نص مقدمة مختصره التي جاء فيها: فأتى بالمتون، وعلقالأسانيد، وتكلم عليها.
وأياً كان واضع هذه المقدمة، فهو أدرى بعمل الذهبي من المتأخرين.
كما أنكم تتغافلون عن إقرار الذهبي لتصحيح الحاكم في نصه من السير ..
بل ذكر الإمام الذهبي في تاريخ الإسلام (28/ 132) [وهو قبل السير] عند ترجمة الإمام الحاكم، قول أبي سعد الماليني: طالعت كتاب المستدرك على الشيخين الذي صنفه الحاكم من أوله إلى آخره، فلم أر فيه حديثاً على شرطهما.
قلتُ [الذهبي]: هذا إسراف وغلو من الماليني، وإلا ففي هذا المستدرك جملة وافرة على شروطهما، وجملة كبيرة على شرط أحدهما، لعل مجموع ذلك نحو النصف، وفيه نحو الرُبع مما صح سنده، وفيه بعض الشيء ... وما بقي، وهو نحو الرُبع، فهو مناكير وواهيات لا تصح.
وفي بعض ذلك موضوعات، قد أعلمت بها لما اختصرت هذا المستدرك ونبهت على ذلك. اهـ
¥