فكل ذلك حكم منه على من ذكره عنه بأنه قد قال ذلك ورواه، فلن يستجيز إطلاق ذلك إلا إذا صح عنه ذلك عنه.
ثم إذا كان الذي علق الحديث عنه دون الصحابة: فالحكم بصحته يتوقف على اتصال الإسناد بينه وبين الصحابي.
وأما ما لم يكن في لفظه جزم وحكم، مثل: روي عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وكذا وكذا، وروي عن فلان كذا، أوفي الباب عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كذا وكذا، فهذا وما أشبهه من الألفاظ ليس في شيء منه حكم منه بصحة ذلك عمن ذكره عنه، لأن مثل هذه العبارات تستعمل في الحديث الضعيف أيضا. ومع ذلك فإيراده له في أثناء الصحيح مشعر بصحة أصله أشعارا يؤنس به ويركن إليه، والله أعلم.
ثم أن ما يتقاعد من ذلك عن شرط الصحيح قليل، يوجد في كتاب البخاري في مواضع من تراجم الأبواب دون مقاصد الكتاب وموضوعه: الذي يشعر به اسمه الذي سماه به، وهو: " الجامع المسند الصحيح، المختصر من أمور رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسننه وأيامه ".
وإلى الخصوص الذي بيناه يرجع مطلق قوله: ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح.
وكذلك مطلق قول الحافظ أبي نصر الوايلي السجزي: أجمع أهل العلم - الفقهاء وغيرهم - على أن رجلا لو حلف بالطلاق: أن جميع ما في كتاب البخاري مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قد صح عنه ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاله لا شك فيه، أنه لا يحنث، والمرأة بحالها في حبالته.
وكذلك ما ذكره أبو عبد الله الحميدي في كتابه " الجمع بين الصحيحين "، من قوله: لم نجد من الأئمة الماضين - رضي الله عنهم أجمعين - من أفصح لنا في جميع ما جمعه بالصحة إلا هذين الإمامين.
فإنما المراد بكل ذلك: مقاصد الكتاب وموضوعه، ومتون الأبواب، دون التراجم ونحوها، لأن في بعضها ما ليس من ذلك قطعا. اهـ
فلك أن تتأمل هذا الكلام فستجد بغيتك فيه.
فالبخاري اشترط أعلى مراتب الصحة في كتابه.
والله يهدينا ويوفقنا للصواب.
وآسف على التأخير في الرد.
ـ[أبو عبد الله بن فليفل]ــــــــ[01 - 08 - 09, 05:27 م]ـ
نرجو التواصل
جزاكم الله خيرا