تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: فهذا هو الحديث؛ ساقه هذا الحافظ المتقن عن عبيدالله بن عمر بتمامه؛ فأخطأ عليه حماد بن سلمة، فلم يسقه بتمامه، وذكر مكان الخلة: إحفاء الشارب.

وكذلك رواه الإمام مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري؛ مثل رواية يحيى عن عبيدالله.

وأخرجه الشيخان وغيرهما عن مالك به، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1554).

وكذلك رواه الطيالسي (1928) عن العمري عن سعيد به.

ولعل أصل الحديث الذي وهم فيه حماد - على ما بينا - موقوف على ابن عمر؛ فقد علقه البخاري (10/ 334 - فتح) بقوله:

"وكان ابن عمر يحفي شاربه، حتى ينظر إلى بياض الجلد؛ ويأخذ هذين؛ يعني: بين الشارب واللحية".

لكن في سنده ضعف؛ فقد قال الحافظ:

"وصله أبو بكر الأثرم من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه قال: رأيت ابن عمر يحفي شاربه حتى لا يترك منه شيئا. وأخرج الطبري من طريق عبدالله بن أبي عثمان: رأيت ابن عمر يأخذ من شاربه أعلاه وأسفله".

قلت: عمر بن أبي سلمة ضعفه جمع. وقال الحافظ:

"صدوق يخطىء".

وعبدالله بن أبي عثمان - وهو القرشي -؛ قال ابن أبي حاتم عن أبيه:

"صدوق؛ لا بأس بحديثه".

قلت: فإن صح السند إليه - كما هو الظاهر -؛ فهو جيد؛ ولكنه لا يصلح شاهدا لرواية عمر بن أبي سلمة؛ لأن المتبادر من حديثه خلافها؛ لأن قوله: يأخذ من شاربه أعلاه وأسفله؛ صريح - أو كالصريح - في أنه كان لا يحفيه؛ وإلا؛ لو أراد الإحفاء لم يكن لقوله: أعلاه وأسفله؛ معنى كما هو ظاهر.

وقريب من حديث ابن أبي عثمان هذا: ما رواه البيهقي (1/ 151) من طريق أخرى عن ابن عمر:

أنه كان يستعرض سبلته فيجزها، كما تجز الشاة أو يجز البعير.

ورجاله ثقات؛ غير شيخ شيخ البيهقي أبي بكر محمد بن جعفر المزكي؛ فلم أعرفه.

لكن الظاهر أنه لم يتفرد به؛ فقد سكت عنه الحافظ في "الفتح" (10/ 348)؛ وعزاه للطبري أيضا، وهو في طبقة المزكي هذا بل أعلى.

ويقويه ما عند البيهقي أيضا من طريق ابن عجلان عن عبيدالله بن أبي رافع قال:

رأيت أبا سعيد الخدري، وجابر بن عبدالله، وابن عمر، ورافع بن خديج؛ وأبا أسيد الأنصاري، وابن الأكوع، وأبا رافع ينهكون شواربهم حتى الحلق.

وإسناده حسن؛ إن كان شيخ ابن عجلان: عبيدالله بن أبي رافع هذا؛ فقد قال البيهقي عقبه:

"كذا وجدته. وقال غيره: عن عثمان بن عبيدالله بن أبي رافع، وقيل: ابن رافع".

وكأنه يعني بـ "غيره": إبراهيم بن سويد؛ فقد قال: حدثني عثمان بن عبيدالله بن رافع: أنه رأى أبا سعيد الخدري ... إلخ؛ إلا أنه لم يذكر أبا رافع معهم.

أخرجه الطبراني (1/ 212/ 668). وقال الهيثمي (5/ 166):

"وعثمان هذا لم أعرفه"!

كذا قال هنا! وقال في موضعين آخرين (5/ 163،164):

"وعثمان؛ ذكره ابن أبي حاتم، ولم يضعفه"!

قلت: وقال (3/ 156):

"روى عنه ابن أبي ذئب".

قلت: وإبراهيم بن سويد أيضا - كما ترى في هذه الرواية -، وهو إبراهيم بن سويد بن حبان المدني، وهو ثقة. وهو أقوى من محمد بن عجلان، فروايته أرجح.

وروى أيضا إبراهيم بن طهمان: عند الطبراني (2/ 196/ 1740 و 4/ 262/ 4240) في أثر آخر.

فقد روى عن عثمان هذا ثلاثة من الثقات، فالنفس تطمئن لروايته، ولا سيما وقد وثقه ابن حبان (3/ 177). فالإسناد حسن. والله أعلم.

لكن قد خالف ابن عمر ومن معه من الصحابة جمع آخر منهم:

فأخرج الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 255/ 3218)، والبيهقي - واللفظ له - من طريق شرحبيل بن مسلم الخولاني قال:

رأيت خمسة من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم يقصون (ولفظ الطبراني: يقمون) شواربهم، ويعفون لحاهم، ويصفرونها: أبوأمامة الباهلي، وعبدالله بن بسر، وعتبة ابن عبدالسلمي، والحجاج بن عامر الثمالي، والمقدام بن معدي كرب الكندي؛ كانوا يقصون (ولفظ الطبراني: يقمون) شواربهم مع طرف الشفة.

قلت: وإسناده جيد، كما قال الهيثمي (5/ 167).

(/2)


وسكت عنه الحافظ، ووقع فيه وهم فاحش؛ فإنه لم يذكر فيه قوله: كانوا يقصون ... إلخ، بل ذكره عقب رواية عبيدالله بن أبي رافع المتقدم؛ فإنه قال عقبها:
"لفظ الطبري. وفي رواية البيهقي: يقصون ... " إلخ!
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير