تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولخصمه أَن يعْتَرض بِأَن يَقُول: وَمن أنبأ التَّابِعِيّ بذلك، وَهُوَ لم يدْرك زمَان النَّبِي-صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ-؟ فأقصى مَا عِنْده أَن يكون هُوَ أخبرهُ بِأَنَّهُ صحب، أَو رأى، أَو سمع، فقد عَادَتْ الْمَسْأَلَة كَمَسْأَلَة أهل الصِّنْف الآخر، وهم الَّذين يَزْعمُونَ أَنهم صحبوا، أَو رَأَوْا، أَو سمعُوا، أَو لَا نعلم ذَلِك إِلَّا من أقوالهم، وَالْمَسْأَلَة مُحْتَملَة.

قَالَ الْأَثْرَم: قلت لأبي عبد الله -يَعْنِي ابْن حَنْبَل-: إِذا قَالَ رجل من التَّابِعين: حَدثنِي رجل من أَصْحَاب النَّبِي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ- وَلم يسمه، فَالْحَدِيث صَحِيح؟ قَالَ: نعم.

وَقَالَ أَبُو عَليّ بن السكن: حَدثنِي مُحَمَّد بن يُوسُف قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد ابْن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ يَقُول: "سَمِعت عبد الله بن الزبير الْحميدِي يَقُول: إِذا صَحَّ الْإِسْنَاد عَن الثِّقَات إِلَى رجل من أَصْحَاب النَّبِي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ- فَهُوَ حجَّة، وَإِن لم يسم ذَلِك الرجل؛ لِأَن أَصْحَاب النَّبِي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ- كلهم عدُول ". اهـ

وقال أيضا (5/ 132):

... وفيهَا من الْبَحْث الأصولي إِن الرجل الَّذِي لَا يعرف إِذا قَالَ عَن نَفسه: إِنَّه ثِقَة فَذَلِك غير مَقْبُول مِنْهُ، وَهَذَا مَا لَا ريب فِيهِ، فَإِذا كَانَ لَا يعرف فَادّعى أَنه رأى النَّبِي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ-[فَفِيهِ خلاف، وَعِنْدِي أَنه لايقبل مِنْهُ ذلك، و ... ]، لَو قَالَ التَّابِعِيّ [عَنهُ ذَلِك لِأَنَّهُ قد يكون التَّابِعِيّ] إِنَّمَا أَخذ ذَلِك عَن غَيره، وَهُوَ لم يسمه، أَو لَعَلَّه أَخذه عَنهُ، فَإِن التَّابِعِيّ لم يدْرك زمن الاصطحاب.

وَالَّذِي يقبل بِلَا ريب أَن يَقُول لنا ذَلِك عَنهُ صَحَابِيّ أدْرك، وَهَذَا كُله فِيمَن لَا يعرف، فَأَما من عرفت صحبته بالتواتر أَو بِالنَّقْلِ الصَّحِيح لأخباره، كمشاهير الصَّحَابَة -رَضِي الله عَنْهُم- فَلَا كَلَام فِيهِ. اهـ

وقال (5/ 392، 393):

... والاعتلال عَلَيْهِ بِكَوْن هَذَا الرجل [ادّعى الصُّحْبَة، وَلَا يقبل مِنْهُ ادِّعَاء تِلْكَ] المزية لنَفسِهِ، كَمَا لَا يقبل مِمَّن قَالَ عَن نَفسه: إِنَّه ثِقَة، هُوَ اعتلال صَحِيح، لكنه لَيْسَ على أصل أبي مُحَمَّد، لما قيل فِي أَمْثَاله مِمَّا قد استوعبناه بِالذكر فِيمَا تقدم.

وَبِهَذَا الِاعْتِبَار كتبناه الْآن هُنَا، وَأما عِنْدِي فَلَيْسَ بِصَحِيح.

فَأَما لَو شهد لَهُ التَّابِعِيّ بالصحبة، فَحِينَئِذٍ كَانَت تكون أقرب. على أَنَّهَا أَيْضا مُحْتَملَة. اهـ

والله أعلم بالصواب.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير