تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

انظر كيف تعامل ابن أبي حاتم مع عنعنة ابن جريج، فهو لم يجزم بأنَّ علة هذا الحديث هو عنعنة ابن جريج، وإنَّما قال: " وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، لأَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ يُدَلِّسُ عَنِ ابْنِ أَبِي يَحْيَى00"0

ففي جميع هذه الأمثلة - والأمثلة في هذا المجال كثيرة - تجد أنَّ المتقدمين كانوا أكثر تسمحاً مع المتأخرين، في تعاملهم من عنعنة المدلس، فمن ذلك:

1 - ما صنعه أحد المعاصرين، من رد أثر بعلة عنعنة ابن جريج، وعن من00؟؟ 0عن عطاء بن أبي رباح00!! 0

فقد روى ابن جريج عن عطاء أثراً، فقال هذا الباحث في هامش الكتاب عن ابن جريج:" مكي ثقة أعلم النَّاس بعطاء، إلاَّ أنَّه يدلس، ولم يقبلوا إلاَّ إذا صرح بالسماع "0

ثُمَّ حكم على هذا الأثر بقوله:" هذا الأثر معلول بعنعنة ابن جريج00"0ما هكذا يورد يا سعد الإبل00!!

انظر الفرق بين حكم الأئمة المتقدمون على عنعنة ابن جريج - أو بالاحرى على تدليس ابن جريج - وبين حكم المتأخرين والمعاصرين على عنعنته00!! 0

فلو أنَّ هذا الباحث أتعب نفسه قليلاً - والحقيقة أن الحكم على الأحاديث يحتاج إلى تعب وجهد ومما رسة طويلة وشاقة - ورجع إلى ترجمة ابن جريج في كتاب مشهور ومطبوع و متداول ككتاب:" تهذيب التهذيب "0لوجد أنَّ الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى قد نقل في كتابه المذكور: (6/ 360) 0 قول ابن جريج نفسه: " إذا قلت: قال عطاء: فأنا سمعتُ منه وإن لم أقل سمعتُ "0أي أنَّ ابن جريج لم يدلس عن عطاء ولو روى بصيغة العنعنة0

2 - وقد رأيت أحدهم يقول بالحرف:" الحسن البصري مدلس، وقد صرح بالتحديث هنا فانتفت علة التدليس "0أتدري أخي الحبيب ممن صرح الحسن البصري - بزعمه - بالتحديث 00؟؟ 0من ابن عبَّاس، وقد قدمنا في المشاركة الماضية الكلام على هذه المسألة0

اقول أخي الحبيب: أنَّ مثل هذه الأخطاء العلمية الفادحة، هي كثيرة جداً في صنيع المتأخرين، ولا تجد مثلها عند المتقدمين، وأقصد بقولي:" إنَّ مثل هذه الأخطاء العلمية الفادحة "0هي في هذا المجال، اي في مجال التعامل مع صيغ التحديث، أمَّا في باقي فروع العلم، فإنَّ المتأخرين في الجملة على منهج المتقدمين، ولا يجوز لنا بحال إهدار جهودهم في خدمة الحديث الشريف0

وفي الختام أخي الحبيب، أقول

إنَّ كل ما أقصده من وراء هذا الكلام هو أن نتريث كثيراً في الحكم على الحديث بالرد أو القبول، ولا نعتمد فقط على ظاهر الأسانيد، بل يجب أن نرجع إلى كلام الأئمة النقاد حول هذه الأحاديث، ونجعله العمدة في عملنا، والله أعلم0

أخوكم من بلاد الشام

ابو محمد السوري

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير