بينما مذهب من تقدم أنهم يقوون الخبر بتعدد أسانيده ولكن لهم شروط و هذا القول ليس على إطلاقه فالترمذي رحمه الله أو قبله الإمام الشافعي ذكر عدم الاحتجاج بالمرسل ثم ذكر متى يتقوى المرسل فذكر شروط وتفاصيل
وكذلك أيضاً أبو عيسى الترمذي في كتابه العلل الصغير، قال إن الحديث الحسن هو أن يروى من غير وجه ولايكون في إسناده كذاب ولا يكون الحديث شاذا
وكثيرا ما يقول الحفاظ عن بعض الرواة (يكبت حديثه للاعتبار)
وكما قال الإمام أحمد عن ابن لهيعة أنا لا أحتج به ولكن أكتب حديثه للاعتبار، أو نحو ذلك، وعباراتهم في هذا كثيرة ((ولكنهم لا يتوسعون في مسألة تقوية الأخبار الساقطة والمنكرة))، كما يلاحظ على بعض من تأخر أنهم يتوسعون في ذلك ويأتون بالأحاديث الضعيفة ثم يقولون أن هذا اللفظ يشهد له الحديث الفلاني وهذا اللفظ يشهد له الحديث الفلاني، وهذا ليس بصحيح و الطريقة هذه ليست بصحيحة، نعم إذا كان الإسناد فيه ضعف فيه رجل سيئ الحفظ أوكثير الخطأ أو رجل اختلط أو في الإسناد عنعنة أوفي الإسناد إرسال وجاء من وجه آخر به قوة، هنا أحدهما يقوي الآخر.
وأما أن الشخص يتوسع في هذا حتى في الأسانيد الساقطة وفي الرواة المتروكين وما شابه ذلك فهذا ليس بصحيح فينبغي الانتباه إلى مثل هذا وهذه قضية مهمة.
فعندنا في مسالة تقوية الأخبار طرفين ووسط هناك طرف لا يقوى الخبر بتعدد طرقه، وهناك طرف يتوسع في هذا وحتى يقوي الخبر بالأسانيد الساقطة والمنكرة، والمذهب الوسط هو مذهب من تقدم أنه إذا كان الإسناد فيه قوة ليس بشديد الضعف وجاء من طرق أخرى نعم هنا يتقوى هذا الخبر
يعني مثلاً ما جاء عن الرسول عليه الصلاة والسلام قال عن معاذ بن جبل قال (يحشر أمام العلماء برتوه) أي بخطوة وهذا جاء من أربعة مراسيل بعضها يعضد البعض الآخر.
ومثل أيضاً أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال كما في كتاب عمرو بن حزم (أن لا يمس القرآن إلا طاهرا)
هذا جاء بأسانيد متعددة مرسلة ومعضلة وبعضها يقوي البعض الآخر، فينبغي الانتباه إلى مثل هذا. انتهى.
قال يوسف ين هاشم اللحياني في (الخبر الثابت)
فصل
في المتابعة وتقوية الخبر
المتابعة تفيد تقوية الضعيف غير المنكر، بوروده من جهة أخرى صالحة للاعتبار، إن غلب على الظن أن تعدد الطرق يفيد صحته، وهي على قسمين:
الأول: تقوية لفظ الحديث، إذا كانت تلك الأسانيد لحديث واحد، وبذلك يكون الحديث صحيحاً، وكلما عظمت أهمية الحديث احتاج إلى متابعة قوية.
الثاني: تقوية معنى الحديث، بورود أحاديثأخرى بمعناه، ويكون المعنى صحيحاً، وهذا لا يفيد في تصحيح لفظ الحديث، ونسبته إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
واعلم أن الذي يحتاج إلى متابعة ثلاثة أشياء:
الراوي الضعيف المعتبر به غير المتروك،
والحديث المرسل،
والشيخ حينما يكون تفرده منكراً ـ وسبق شرحه ـ والكل على درجات في الضعف أيضاً.
فأما الأول: وهو الضعيف الذي يقبل في الشواهد ولم يسقط، وذلك لجبر حديثه؛ فإن تفردات الضعفاء لا يحتج بها.
قال الجوزجاني: ومنهم الضعيف في حديثه غير سائغ لذي دين أن يحتج بحديثه وحده إلا أن يقوية من هو أقوى منه فحينئذ يعتبر به (2).
وقال: إذا كان الحديث المسند من رجل غير مقنع ـ يعني لا يقنع برواتيه ـ وشدّ أركانه المراسيل بالطرق المقبولة عند ذوي الاختيار، استعمل واكتفى به، وهذا إذا لم يعارض المسند الذي هو أقوى منه (3).
قال أبو عيسى الترمذي: كل من روي عنه حديث ممن يتهم بالكذب أو يضعف لغفلته وكثرة خطئه، ولا يعرف ذلك الحديث إلا من حديثه فلا يحتج به (4).
2) أحوال الرجال (33).
(3) جامع العلوم والحكم (2/ 210).
(4) العلل الصغير (742).
وقال: وكذلك من تكلم من أهل العلم في مجالد بن سعيد وعبد الله بن لهيعة وغيرهم، إنما تكلموا فيهم من قبل حفظهم وكثرة خطئهم، وقد روى عنهم غير واحد من الأئمة فإذا تفرد أحد من هؤلاء بحديث ولم يتابع عليه لم يحتج به، كما قال أحمد بن حنبل: ابن أبي ليلى لا يحتج به، إنما عنى إذا تفرد بالشئ، وأشد ما يكون هذا لم يحفظ الإسناد فزاد في الإسناد أو نقص أو غير الإسناد أو جاء بما يتغير فيه المعنى (1).
¥