تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بَكْر الْبَاقِلَّانِيّ وَقَالَ: لَمْ يُصَرِّحْ الْقَوْم بِالْكُفْرِ وَإِنَّمَا قَالُوا أَقْوَالًا تُؤَدِّي إِلَى الْكُفْر. وَقَالَ الْغَزَالِيّ فِي كِتَاب " التَّفْرِقَة بَيْن الْإِيمَان وَالزَّنْدَقَة وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الِاحْتِرَاز عَنْ التَّكْفِير مَا وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فَإِنَّ اِسْتِبَاحَة دِمَاء الْمُصَلِّينَ الْمُقِرِّينَ بِالتَّوْحِيدِ خَطَأ , وَالْخَطَأ فِي تَرْك أَلْف كَافِر فِي الْحَيَاة أَهْوَنُ مِنْ الْخَطَأ فِي سَفْك دَم لِمُسْلِمٍ وَاحِد. وَمِمَّا اِحْتَجَّ بِهِ مَنْ لَمْ يُكَفِّرهُمْ قَوْله فِي ثَالِث أَحَادِيث الْبَاب بَعْد وَصْفهمْ بِالْمُرُوقِ مِنْ الدِّين " كَمُرُوقِ السَّهْم فَيَنْظُر الرَّامِي إِلَى سَهْمه " إِلَى أَنْ قَالَ " فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَة هَلْ عَلِقَ بِهَا شَيْء " قَالَ اِبْن بَطَّال: ذَهَبَ جُمْهُور الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّ الْخَوَارِج غَيْر خَارِجِينَ عَنْ جُمْلَة الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ " يَتَمَارَى فِي الْفُوق " لِأَنَّ التَّمَارِي مِنْ الشَّكّ , وَإِذْ وَقَعَ الشَّكّ فِي ذَلِكَ لَمْ يُقْطَع عَلَيْهِمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْإِسْلَام , لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ عَقْد الْإِسْلَام بِيَقِينٍ لَمْ يَخْرُج مِنْهُ إِلَّا بِيَقِينٍ قَالَ: وَقَدْ سُئِلَ عَلِيّ عَنْ أَهْل النَّهْر هَلْ كَفَرُوا؟ فَقَالَ: مِنْ الْكُفْر فَرُّوا. قُلْت: وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيّ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ اِطَّلَعَ عَلَى مُعْتَقَدهمْ الَّذِي أَوْجَبَ تَكْفِيرهمْ عِنْد مَنْ كَفَّرَهُمْ , وَفِي اِحْتِجَاجه بِقَوْلِهِ " يَتَمَارَى فِي الْفُوق " نَظَر , فَإِنَّ فِي بَعْض طُرُق الْحَدِيث الْمَذْكُور كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَيْهِ وَكَمَا سَيَأْتِي " لَمْ يَعْلَق مِنْهُ بِشَيْءٍ " وَفِي بَعْضهَا " سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ " وَطَرِيق الْجَمْع بَيْنهمَا أَنَّهُ تَرَدَّدَ هَلْ فِي الْفُوق شَيْء أَوْ لَا ثُمَّ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَق بِالسَّهْمِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ مِنْ الرَّمْي بِشَيْءٍ , وَيُمْكِن أَنْ يُحْمَل الِاخْتِلَاف فِيهِ عَلَى اِخْتِلَاف أَشْخَاص مِنْهُمْ , وَيَكُون فِي قَوْله " يَتَمَارَى " إِشَارَة إِلَى أَنَّ بَعْضهمْ قَدْ يَبْقَى مَعَهُ مِنْ الْإِسْلَام شَيْء , قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي " الْمُفْهِم ": وَالْقَوْل بِتَكْفِيرِهِمْ أَظْهَرُ فِي الْحَدِيث , قَالَ: فَعَلَى الْقَوْل بِتَكْفِيرِهِمْ يُقَاتِلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَتُسْبَى أَمْوَالُهُمْ وَهُوَ قَوْل طَائِفَة مِنْ أَهْل الْحَدِيث فِي أَمْوَال الْخَوَارِج , وَعَلَى الْقَوْل بِعَدَمِ تَكْفِيرهمْ يُسْلَك بِهِمْ مَسْلَك أَهْل الْبَغْي إِذَا شَقُّوا الْعَصَا وَنَصَبُوا الْحَرْب , فَأَمَّا مَنْ اِسْتَسَرَّ مِنْهُمْ بِبِدْعَةٍ فَإِذَا ظُهِرَ عَلَيْهِ هَلْ يُقْتَل بَعْد الِاسْتِتَابَة أَوْ لَا يُقْتَل بَلْ يُجْتَهَد فِي رَدِّ بِدْعَته؟ اُخْتُلِفَ فِيهِ بِحَسَبِ الِاخْتِلَاف فِي تَكْفِيرهمْ , قَالَ: وَبَاب التَّكْفِير بَاب خَطِر وَلَا نَعْدِل بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا , قَالَ وَفِي الْحَدِيث عَلَمٌ مِنْ أَعْلَام النُّبُوَّة حَيْثُ أَخْبَرَ بِمَا وَقَعَ قَبْل أَنْ يَقَع , وَذَلِكَ أَنَّ الْخَوَارِج لَمَّا حَكَمُوا بِكُفْرِ مَنْ خَالَفَهُمْ اِسْتَبَاحُوا دِمَاءَهُمْ وَتَرَكُوا أَهْل الذِّمَّة فَقَالُوا نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ , وَتَرَكُوا قِتَال الْمُشْرِكِينَ وَاشْتَغَلُوا بِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ , وَهَذَا كُلّه مِنْ آثَار عِبَادَة الْجُهَّال الَّذِينَ لَمْ تَنْشَرِح صُدُورهمْ بِنُورِ الْعِلْم وَلَمْ يَتَمَسَّكُوا بِحَبْلٍ وَثِيق مِنْ الْعِلْم , وَكَفَى أَنَّ رَأْسَهُمْ رَدَّ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ وَنَسَبَهُ إِلَى الْجَوْر نَسْأَل اللَّه السَّلَامَةَ. قَالَ اِبْن هُبَيْرَة: وَفِي الْحَدِيث أَنَّ قِتَال الْخَوَارِج أَوْلَى مِنْ قِتَال الْمُشْرِكِينَ , وَالْحِكْمَة فِيهِ أَنَّ فِي قِتَالهمْ حِفْظ رَأْس مَال الْإِسْلَام , وَفِي قِتَال أَهْل الشِّرْك طَلَب الرِّبْح , وَحِفْظ رَأْس الْمَال

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير