[الفزعة يا أهل الحديث أحد الأشخاص بإشكالات لا يفهمها في الحديث وعلومه]
ـ[هاني عزيز]ــــــــ[07 - 08 - 09, 04:36 م]ـ
الأخوة الأحباء السلام عليكم
حدثني أحد الأشخاص بإشكالات لا يفهمها في الحديث وعلومه، أرجو من كل أخ أن يتفضل بالتوضيح على علم وبدليل حتى نشفي صدره
1 - المرويات الحديثية غير مقدسة في ألفاظها وبالتالي المقصود منها المعنى العام للحديث لا اللفظ؛ ولذلك لايجوز الاستدلال بحرفية النص في المسائل الفقهية والعقدية؛ لأن البخاري عندما يروي ما ورد عن النبي من قول فإنه يرويه عن شيخه عن شيخه عن التابعي عن الصحابي وهو يروي ما سمعه من الرسول، ومع الاعتقاد التام بعدالة الرواة فإن ضبطهم لقول النبي ضبطا حرفيا قد يخالطه سهو أو خطأ أو نسيان غير متعمد، وقد يخالطه تصحيف عند الكتابة أو الرواية أو عبارة مدرجة أو تعديل بسيط لايخلو من هوى في حق المتأخرين من الرواة الذين عاصروا الفتن، ولهذا تتعدد الروايات وتختلف في ألفاظها مع أن الأصل واحد وهو كلام الرسول فبأي لفظ نأخذ؛ وإذا كان المحدثين قد يجدوا في الحديث علة فإن ذلك لايمنع وجود علل في أحاديث كثيرة لا ينتبه إليها أحد. ومن تعريف الرواية المقبولة للقرآن وهو مقدس اللفظ أنه منقول إلينا بالتواتر وهذا لايوافقه في الحديث إلا الحديث المتواتر لفظيا لذا يجوز الاستدلال بلفظه حرفيا لأن نسبة حدوث خطأ في لفظة منعدمة، أما غيره من الأحاديث فلا يمكن التسليم بحفظها من الزيادة أو النقصان أو التعديل.
3 - مانقل عن النبي من فعل هو عبارة عن شرح من الصحابي لما رآه وهذا يختلف من شخص لآخر فلو طلبت من إنسان أن يصف القطار أثناء سيره فإنه يصفه بطريق غير التي يصفه بها إنسان آخر، لذا فهذا الوصف قد يخالطه تصور معين أو رأي معين لدى الصحابي فهو يصف من وجهة نظره وبهذا يكون الاستدلال بحرفية النص غير ملائم للواقع.
4 - قبول رواية المدلس إذا صرح بالسماع غير مطمئن للنفس لأنه كيف نقبل رواية مدلس غاش مهما علا قدره.
ـ[أبو بكر الغنامي]ــــــــ[07 - 08 - 09, 10:14 م]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله , على آله وصحبه ومن والاه , أما بعد.
فلتعلم - أخي الفاضل - أني لست ممن يُرجع إليه في مثل هذه المسائل , و إنما وضعت هذا الجواب لطلبك " الفزعة " , ولا يصح عند البوادي إغفال طالبها - إبتسامة -.
وقبل الجواب يجب أن تعلم - حفظك الله ومن تحب - , أن مشكلة كثير من الناس , هي مشكلة نفسية , فالبواعث النفسية هي من أقوى مايتحكم في الإنسان - إن لم يكبتها - فتريه الباطل حقا , وتريه الحق باطلا , نسأل الله السلامة وإخلاص النية , و إنما قلت ذلك , لأن ما ذكره مما لا يجهله أبسط مشتغل بعلم الحديث , و ظهور أجوبة " إستشكالاته " مما يُستغنى عن الإشارة إليه , و عموماً و على تقدير عدم ظهورها إليك الجواب.
أولاً: فلنسمي الأشياء بمسمياتها , فهذه ليست " إشكالات لايفهمها " بل هي تقريرات يتوهم صدقها , ولا نسلم له منها فتيلاً , و هي تدور حول:
• الرواية بالمعنى.
• و التدليس.
ثانياً: جواباً على هذه المغالطات , و اسميها مغالطات , لأنه أفترض بلا برهان أن جميع الراواة يروون الحديث بالمعنى , وليس الأمر كذلك , بل منهم من لم ير جواز ذلك أصلاً.
ثم أنهم إذا رووا الحديث بالمعنى , أفترض أن رواياتهم متناقضة ومتضادة , و ليس الأمر كذلك , بل الرواية الصحيحة التي أُديت بالمعنى , لا تناقض مثيلتها , فإن فعلتْ , دل ذلك على أنها وهم من أحد الرواة , وليست صحيحة , فتنبه!
ثم أنه توهم أن الألفاظ ليس فيها مايؤدي معنى بعضها بعضاً , ولا الأساليب الكلامية مايدل على معنى أسوب آخر , وهذا الوهم لا يقع إلا لجاهل بكلام العرب , بل القرآن الكريم لم ينقل كله لفظاً واحداً , فهو ينسى أو يتناسى أن للقرآن قراءات متواترة.
فإن قراءة القارئ: {سراط الذين أنعمت عليهم} , و قراءة الآخر {سراط من أنعمت عليهم} لايغير المعنى , لأن لفظ الذين , ولفظ من , كلاهما صيغتي عموم لها أفراد هم الجماعة التي أنعم الله عليهم! , وكذلك رواية الحديث بالمعنى , ولا فرق!.
و مثل ذلك حكاية الصحابي لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم , فإنه لا يخرج عن ما ذكرت , فلو جمعت شخصين عارفين بما تؤديه الألفاظ من المعاني , فقلت لهم: صفوا لي الكعبة , فإنهم يقيناً لن يختلفوا في كونها , جسماً كبيراً مكعباً مكسياً بقماش أسود مكتوب عليه بالذهب! , لها باب , ولها سقف , وو إلى آخره , فكيف بمن صحب النبي صلى الله عليه وسلم , وعرف أحواله و عادته , وما يحب و ما يكره , والمعتاد من أمره , وغير المعتاد , ومن هم أرباب اللسان العربي , وأهل الفصاحة , ومن يحتج بلسانهم!.
و أما التدليس , فهي مغالطة أيضاً , لأنه إستفاد من المعنى اللغوي , وليس المعنى الإصطلاحي , تماماً كما يفعل الرافضة , فإن قيل أليس التدليس غشاً , قلنا لا , فقد استمعل لفظاً دال على عدة معاني , أنت الذي فهمت أحدها , بل لو قال قائل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. لإتهمناه بالتدليس - بمفهوم المغالط - لأنه لم يسمعه صلى الله عليه وسلم يقول ذلك , وهذا بين لا إشكال فيه , ولذلك أرى أنه إما شخص مشوش , أو أنه ممن يقرر المغالطات ويتظاهر بالإستفهام , وعلى كل حال أعانك الله على صاحبك , ولا تدعه لوساوسه.
و عموماً هذا كله - أعني إشكالاته - لا تحقق عند فرض صحتها - وهذا محال - إلا في الحديث الغريب غرابة مطلقه , بحيث لا يعرف إلا من طريق شيخ البخاري مثلاً , و مع ذلك عمم ما قد يعترض به على الحديث الغريب غرابة مطلقة , على السنة النبوية كلها , إضافة إلى عدة مغالطات أخر لم أُشر إليها , كإيقاعه الإمكان موقع النقيض الراجح , بل كجعله المرجوح موضع الراجح بلا برهان.
والله أعلم.
¥