تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكن هناك من يشدد وينازع في هذا، فأقول: مثل هذه الطرق التي يعني الحكم عليها بالقبول، إنما يكون عند فئة من العلماء دون فئة أخرى، فهذا يمكن أن يقال عنه: إنه لا يفيد إلا الظن، وقد يفيد العلم عند الناظر فيه الذي -مثلًا- حسَّن الحديث لذاته أو لغيره واقتنع بهذا قد يقول: أنا أعتقد أن هذا الحديث يفيدني العلم النظري الذي تَحَصَّل لي من جراء النظر نقول: أنت وذاك، لكن هل يلزم هذا الكلام كل أحد؟ لا، لا يلزم كل أحد.

لكن أما حديث آخر لا مطعن فيه، حديث تتوفر فيه شروط الصحة عند جميع علماء الحديث فهذا الحديث بهذه الصورة لا يجوز بحال من الأحوال أن يقال: إنه يفيد مجرد الظن بل يفيد العلم، ويجب العمل به سواء في باب الاعتقاد، أو في غيره من الأمور كالأحكام والمواعظ وغير ذلك، فالأمر سِيَّان، ولا يجوز لمسلم أن يفرق بين الأحكام والعقائد فكل ذلك شرع لله --جل وعلا-- ومن فَرَّقَ فإنه فَرَّقَ بين المتماثلات، وقسم دين الله --جل وعلا-- قسمة ضيزى، فالأحكام نجد أنها في بعض الأحيان تدخل في باب الاعتقاد أيضًا.

وعلى كل حال يعني لا أحب أن أستطيل في إثبات حجية خبر الآحاد، فهذا له مقام آخر والوقت قد انتهى، وإلا كان يمكن أن نفيض في هذا، لكن أذكركم بحديث واحد وهو حديث معاذ بن جبل -رضي الله تعالى عنه- هل بعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- وحده أو معه أناس؟ بعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أهل اليمن وحده وقال: إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه -أي شيء؟ - شهادة أن لا إله إلا الله عقيدة هذا ولا أيش؟ هذا عقيدة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- غبي حينما لا يبعث مع معاذ بن جبل من تقوم به الحجة ويصبح خبره متواترًا أو الغباء في غيره؟ الغباء في غيره الذي يعتقد أن دين الله --جل وعلا-- لا يقوم إلا بمجرد التواتر وما لم يكن متواترًا فإذا هو ليس بدين.

النبي -صلى الله عليه وسلم- يبعث معاذ بن جبل لأهل اليمن وهو بمفرده ويبعثه بأصول الاعتقاد ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ثم يلحق بعد ذلك ما يلحق من الأحكام فلا يفرق بين عقيدة وأحكام وهو نبي الله -صلى الله عليه وسلم- ويرتضي هذا لأهل اليمن، وأهل اليمن لا يرفضون مجيء معاذ إليهم بحجة أنك فرد واحد، وأنك لا تقوم بك الحجة بل يرضونه ويسلمون بما جاءهم به من عند النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعد ذلك يأتي من يدعي الإسلام ويرفض أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بحجة أنها أخبار آحاد لا شك أيها الإخوة أن المنهج مختلف، وأنه شتان بين الفريقين فهؤلاء لهم منهج، وأولئك لهم منهج آخر، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

س: أحد الإخوة يسأل ويقول: ما رأيكم بكتاب تيسير مصطلح علم الحديث للدكتور محمود الطحان؟

ج: أقول: أجبت عن هذا السؤال لكن يبدو أن الأخ ما كان موجودًا فالكتاب يعني جيد من حيث تقسيمه المنهجي مع أن هناك بعض الملاحظات التي لا تقدح يعني في هذا الكتاب، ملاحظات يسيرة علمية على بعض النقاط التي ذكرها في الكتاب، أما كتاب "مباحث في علوم الحديث" للشيخ مناع القطان فالحقيقة أنا ما اطلعت على هذا الكتاب.

س: أحد الإخوة يقول: أريد مراجع خاصة في هذا البحث يعني حجية الآحاد؟.

ج: أقول: نعم إن أردت المراجع فابن حزم في كتابه "إحكام الأحكام" أفاض في هذه المسألة إفاضة جيدة وعنه أخذ وزاد ابن القيم، -رحمة الله عليه- في كتابه "الصواعق المرسلة" فارجعوا إليها أيها الإخوة، فإن البحث في ذلك بحث جيد وأيضًا للشيخ عبد الله الجبرين -حفظه الله- رسالة جيدة وممتعة جدًا في حجية خبر الآحاد يعني بحث علمي رصين جدًا، وقبل هذا كله الشافعي -رحمه الله- في كتابه "الرسالة" فإنه هو ممن تصدى للقائلين بعدم حجية أخبار الآحاد.

س: أحد الإخوة يقول: إن البيقوني يقول في منظومته:

والفرد ما واحد به انفرد

وأجمعوا لضعفه فهو كرد

هل الفرد مجمع على ضعفه؟ يرجو التوضيح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير