تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما السلف فكان بعضهم يتحمل في سبيل تحصيل العلم ما يتحمل بل ويحتمل من أذى الشيوخ ما يحتمل أما احتمالهم لما يحصل لهم من جراء الطلب فهذا حبر الأمة عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنه- ما كان يأتي إلى بيت الواحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فيمكث عند بابه والرياح تصبو عليه وتذرو والشمس اللاهية تصلاه من أعلى وهو ينتظر خروج ذلك الصحابي حتى يأخذ عنه حديثًا أو حديثين أو أكثر فيخرج ذلك الصحابي فيفاجئ بابن عم النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو عند بابه فيقول. يا ابن عم رسول الله ما يمنعك أن تطرق عليّ الباب فأخرج إليك فيرفض ذلك ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وحجته أنه لا بد من الاحتمال في سبيل الطلب.

ومثل هذا أيضا حصل لعروة بن الزبير -رحمه الله ورضي عن والده- فإنه أيضًا كان يمكث عند باب الواحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذه الصورة في شدة الحر حتى يخرج، وكان هذا ديدنهم. كيف لو أن الواحد منا رفسه شيخه كما رفس أبو نعيم الفضل بن دكين يحيى بن معين، وهو إمام، هل الواحد منا يحتمل مثل هذا الموقف.

كيف لو أن الواحد منا قال له شيخه: يا بارد بمحضر من الناس كما قال ابن خزيمة -رحمه الله- لتلميذه ابن حبان، وهو إمام، حينما أكثر عليه من السؤال فقال: تَنَحَّ عني يا بارد فقام ابن حبان وكتبها. كتب هذه الكلمة فقال له الذي معه: تكتب هذه الكلمة؟ قال: نعم والله لأكتب عنه كل شيء.

كيف لو أن الواحد منا ابتلي بمثل الأعمش -رحمه الله- وكان في خلقه حِدَّة يأتيه الطالب من طلابه فلا يكاد يظفر منه إلا بحديث أو حديثين وقصة وكيع معه مشهورة، وهي أن وكيعًا حينما جاءه؛ ليأخذ عنه العلم قال: من أنت؟ قال: أنا وكيع قال: من أبوك؟ قال: الجراح بن مليح، وكان والد وكيع هو الذي يتولى إنفاق الخراج على مثل الأعمش وغيره فاستغل الفرصة الأعمش قال: اذهب وائتني بعطاء من عند والدك وأحدثك خمسة أحاديث إذا جئت بالعطاء أحدثك خمسة أحاديث، فاشترط عليه هذا الشرط، هذا عسر في أخلاق الشيوخ يسمونه عسرًا.

الواحد منا لو قابل شيخًا مثل هذا الشيخ لأخذ يتكلم في عرضه وينبذه وما إلى ذلك مما لا يخفى عليكم، لكن السلف لا ما كان هذا خلقهم بل كانوا يحتملون ويصبرون ويعرفون أنه لا بد من التحمل لأجل أخذ هذا العلم، ولو أن الواحد منهم استنكر واستكبر وما إلى ذلك لما ظفروا بما ظفروا به من الطلب، أقول: هذا يعني تعليقًا على كلمة الإمام أثابه الله، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى.

نحاول أن نراجع مراجعة سريعة لما أخذناه ليلة البارحة. تكلمنا عن الحديث الغريب أو الفرد كلاهما لفظان مترادفان فمَنْ مِنَ الإخوة يعرف الحديث الغريب أو الفرد؟ تفضل: هو ما رواه راوٍ واحد سواء، أو ما انفرد بروايته راوٍ واحد أيا كان ذلك الانفراد في الأعلى أو في أثناء السند، المهم هذا هو التعريف الإجمالي هل له أقسام؟ له قسمان: فرد مطلق وفرد نسبي.

من الذي يعرف الفرد المطلق؟ الفرد المطلق هو ما كانت الغرابة فيه في أصل سنده، والفرد النسبي ما كانت الغرابة فيه في أثناء السند بالنسبة لراو معين أو جهة معينة.

طيب ما المراد بأصل السند؟ ما كان من جهة الصحابي لا بد أن يكون الصحابي نفسه أو يمكن أن يكون غير الصحابي؟ يمكن أن يكون مخرج الحديث يعني من دون الصحابي لكن أيها أكثر وجودًا؟ أصل السند في الصحابي دائمًا.

الأكثر أن يكون في الصحابي حينما نقول بالنسبة لراوٍ معين، هذا بالنسبة للفرد النسبي هل يمكن لأحد الإخوة أن يمثل بمثال.

يستغربون هذا الصنيع كيف أن الزهري -رحمه الله- برغم كثرة طلابه ما يروي عنه هذا الحديث إلا الإمام مالك فقط، طيب إذا قلنا بالنسبة لجهة معينة هل يمكن لأحد الإخوة أن يمثل؟ نعم. كأن يكون الحديث من جميع طرقه ما يرويه إلا أصحاب جهة معينة كأهل الحجاز وأهل الشام أو غير ذلك من أهل تلك الجهات فيقال: هذا حديث تفرد به أهل الحجاز.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير