لاحظوا الآن مساكين هنا جاء بصفة الجمع هذه القراءة عن ابن عباس ليست صحيحة الإسناد بهذا الصورة، ضعيفة؛ لأن فيه ليثَ بن أبي سليم، وهو ضعيف، لكن هل نكتفي بالحكم على هذا الحديث أنه ضعيف، أقول: لا نكتفي بالحكم عليه أنه ضعيف، بل نقول: هذا الحديث زيادة على الضعيف، فهو منكر، كيف عرفنا أنه منكر؟ لأن ليث بن أبي سليم خالف من هو أوثق منه جاءت هذه الرواية مخالفة للصحيح الثابت عن ابن عباس.
وذلك أننا وجدنا البخاري -رحمه الله- في صحيحه أخرج بالإسناد الصحيح من طريق عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح أنه سمع ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- يقرأ " وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين " أيش؟ الإفراد فهذه قراءة ابن عباس "يطوقونه" بدل "يطيقونه" و"مسكين" بدل "مساكين" هذا هو الصحيح، وهو الذي أخرجه البخاري في صحيحه، فإذن أصبح الثابت عن ابن عباس ماذا؟ قراءة مسكين بلفظ الإفراد، فتبين بهذا أن ليث بن أبي سليم قد أخطأ في تلك الرواية، فمع كون حديثه ضعيفا، فهو أيضا حصل فيه المخالفة، فنقول: عن رواية ليث بن سليم هذه: إنها رواية منكرة.
إن شاء الله بهذا المثال يكون واضحا الأمر يعني في أي طبقة ليث بن أبي سليم؟ يعني من الذي يوازيه؟ يمكن عمرو بن دينار.
فإذن يعني بهذا نعرف أن الحديث الشاذ والحديث المنكر نستطيع أن نعرفهما بالتعريفين الآتيين، لو سألنا ما هو تعريف الحديث الشاذ، وما هو تعريف الحديث المنكر، فالحديث الشاذ نستطيع أن نعرفه، فنقول: هو ما يرويه الثقة مخالفا من هو أوثق منه.
والحديث المنكر: هو ما يرويه الضعيف مخالفا من هو أوثق منه، فلا بد إذن في الحديث الشاذ والحديث المنكر من قيد المخالفة، فيشتركان في قيد المخالفة، لكنهما يفترقان في كون هذا راويه ثقة، وهذا روايه ضعيفا، أعيد تعريف المنكر.
تعريف المنكر: هو ما يرويه الضعيف مخالفا من هو أوثق منه، والشاذ: هو ما يرويه الثقة مخالفا من هو أوثق منه.
الآن أيها الإخوة بهذا التعريفات، يعني: أنا أذكر لكم الشيء الراجح، وليس معنى هذا أنه ليس هناك خلاف في تعريف الشاذ أو تعريف المنكر، بل هناك خلاف، يعني أشير إليه إشارة عابرة حتى تكونوا يعني فقط على اطلاع، لو جاء مثلا من يذكر لكم خلاف هذا تقولون: نعم، لكن هذا هو الرأي الراجح، فتعريف الشاذ هو التعريف الراجح، هو الذي رجحه الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى-.
لكن هناك من جعل الشاذ مجرد التفرد، فقال: الشاذ هو: ما يرويه .. ما يتفرد بروايته الثقة، أو ما ينفرد بروايته الثقة، فبهذا الاعتبار يكون حديث: إنما الأعمال بالنيات على هذا القول حديثا شاذا؛ لأنه ينفرد بروايته ثقة، وهو علقمة بن وقاص، بل وينفرد به أيضا عن علقمة محمد بن إبراهيم التيمي، بل وينفرد به عن محمد إبراهيم التيمي يحيى بن سعيد الأنصاري، فإذن هذا لا خلاف بأنه بناء على هذا الرأي يعتبر شاذا.
كذلك أيضا المنكر، بعضهم يعتبر المنكر هو ما ينفرد به الراوي المستور أو المضعف الذي في حفظه ضعف يسير مجرد ما ينفرد بأي حديث يسمونه حديثا منكرا، ولكن كلا هذين الأمرين مرجوح، والصواب أنه لا بد من قيد المخالفة.
فنقول في الشاذ: ما يرويه الثقة مخالفا من هو أوثق منه، وفي المنكر: ما يرويه الضعيف مخالفا من هو أوثق منه، لكن لو جاء حديث ينفرد بروايته الراوي الثقة نقول عنه: حديث أيش؟ صحيح، ولو جاءنا حديث ينفرد بروايته الضعيف نقول عنه: حديث ضعيف، فمعنى هذا أيهما يعني أشد ضعفا؟ الضعيف أو المنكر؟ المنكر ما دام أنه يعني اجتمع الضعف والمخالفة، فظلمات بعضها فوق بعض، يعني ضعف مع ضعف، لا حسن غريب، هذا يعني له تفصيل آخر، نتركه الآن في الأسئلة، يعني نقف عند هذا الحد، وبعد ذلك نتابع إن شاء الله في الحديث، أو بعض أنواع الحديث، وهو المتابع والشاهد والاعتبار، ونجيب أول شيء عن سؤال الأخ حينما قال: على فكرة أيها الأخوة يعني جاءني ملاحظة: يقول بعض الأخوة: إن غدا بعض الأخوة يكون صائما وقد لا يناسبهم الدرس بعد المغرب فهذا أيضا إشكال، طيب تفضلون بعد العصر وننتهي يعني قبيل المغرب بيسير حتى يعني الذي يكون صائما يفطر، أو بعد العشاء؟.
¥