تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا يسير يعني ليس هناك مثلا شيء ينبني على هذا الاختلاف المهم أن الحديث له طرق تقويه، وهذا هو المراد فقد تجد بعض العلماء السابقين يعني يتساهل، فيطلق المتابعة على الشاهد أو العكس، فكما يقول: الأمر في هذا سهل.

الحديث المحكم ومختلف الحديث

الآن سننتقل إلى بحث آخر، وهو ما يسمى بمختلف الحديث، والمحكم، وقبل أن نبتدئ يعني علينا أن نعرف المحكم ومختلف الحديث حتى يعني نركز على الفرق بينهما، ونعرف بكل منهما فنقول: أما الحديث المحكم فهو الحديث السالم من المعارضة، الحديث السالم من المعارضة وأما مختلف الحديث فهو الحديث الذي اختلفت طرقه مع إمكان الجمع بينها، الآن عندنا الحديث المقبول أيا كان صحيحا أو حسنا ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: معمول به، والقسم الثاني غير معمول به، والحديث الذي يعمل به إما أن يكون فيه معارضة مع غض النظر عن هذه المعارضة، هل تؤثر أو لا تؤثر أو لا يكون فيه معارضة بوجه من الوجوه، فالأحاديث التي ليس فيها معارضة هي الأكثر، وهي الغالب من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- فهذه تسمى يسمى الواحد منها حديثا محكما، فالحديث المحكم هو الحديث السالم من المعارضة، لكن الحديث الذي فيه معارضة، نحن ننظر في هذه المعارضة، فإن كانت المعارضة مؤثرة لا يمكن أن يجمع بينها، فهذا يعني له مبحث سيأتينا بعد قليل إن شاء الله، لكن إذا كانت المعارضة اجتهدنا، فأمكن الجمع بينها فهذا يسمى مختلف الحديث مثل الحافظ ابن حجر لهذا بحديث لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر مع حديثه -صلى الله عليه وسلم- فر من المجذوم فرارك من الأسد

ونحن نعرف أن هناك أحاديث يعني لو جمعناها في مسألة العدوى كثيرة كلها تدور حول هذا الاختلاف المذكور منها أحاديث تثبت العدوى، ومنها أحاديث تنفي العدوى، فمثلا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل حين سأله عن الإبل يجرب الواحد منها فتجرب بقية الإبل فقال: فمن الذي أعدى الأول ومثل أنه -عليه الصلاة والسلام- أكل مع المجذوم، وقال: بسم الله توكلا على الله أو بمعنى الحديث، وهو هنا عليه الصلاة والسلام يقول: فر من المجذوم فرارك من الأسد وكذلك أيضا تذكرون حديثه -صلى الله عليه وسلم- في البلد التي يقع فيها الطاعون، فهو -صلى الله عليه وسلم- فرق فيما لو كان الرجل داخل البلد أو خارجه، فإن كان الرجل وقع الطاعون وهو في البلد نفسه فنهاه النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الخروج من البلد التي وقع فيها الطاعون، وإن كان خارج البلد، فأمره -صلى الله عليه وسلم- ألا يدخل إلى ذلك البلد الذي وقع فيها الطاعون، وهكذا في جملة أحاديث كلها تدور على مسألة العدوى.

طبعا يعني مثل حديث الطاعون الفهم أو المعنى الذي ذكره العلماء لهذا الحديث أن الرجل لو وقع الطاعون، وهو في البلد ثم خرج عنها يترتب عليه ماذا؟ أن ينتشر الطاعون في بقية البلاد الأخرى لكن إذا بقي في البلد نفسه فمعنى ذلك أنه ما يسمى يمكن بالحجر الصحي -إن صح التعبير- أما إذا لم يكن في داخل البلد، فلا يقدم عليه حتى لا يصاب بذلك المرض، فهذا فيه إثبات عدوى أو ما فيه إثبات عدوى؟.

ظاهرا الآن فيه إثبات عدوى اختلف العلماء في محاولة التوفيق بين هذه الأحاديث التي ظاهرها التعارض، أحاديث تنفي العدوى وأحاديث تثبت العدوى، فهل من المعقول أن ينقض حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بعضه بعضا؟ نقول: لا لكن الاختلاف دائما يأتي في أفهام الناس، وإلا فأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- جميعها محكمة، لكن بعض الناس عقولهم لا تدرك المعنى المراد من تلك الأحاديث، فيقع اللبس والخوض في فهم تلك الأحاديث على وجهها الصحيح، ومن الأمثلة التي تدلنا على هذا هذه الأحاديث نجد العلماء اختلفوا فيها، فالحافظ ابن حجر كما هو واضح أمامكم يرى أنه ليس هناك عدوى إطلاقا نعم، ويحمل الأحاديث التي فيها إثبات العدوى على أنها من باب سد الذريعة فيقول: فر من المجذوم فرارك من الأسد.

ليس معنى هذا أن فيه عدوى، ولكن سدا لذريعة خشية أن يصاب بالمرض أصلا من الله دون عدوى، فيظن أن هذا الذي أصابه بسبب العدوى فيقع في إشكال في معتقده، هذا هو توجيه الحافظ ابن حجر لكن هل هذا التوجيه يسلم له به أو لا يسلم؟ أقول: لا لا يسلم له به، والتوجيه الصحيح ما ذكره ابن القيم -رحمه الله- تعالى في شرح سنن أبي داود، وفي غيره والحقيقة أنني قدم عهدي به، ولكن أتذكر معناه أنه يقول: الجميع كله من الله -جل وعلا- الذي حصل أولا والذي حصل بسبب انتقال العدوى، فهذا المرض كله من الله، ولذلك لا عدوى يعني معنى ذلك أن المرض الذي أصاب الأول والأخير ليس بسبب العدوى كلها أو لا ينبغي للإنسان أن يعتقد أنه لولا العدوى لما أصيب بالمرض، لا لكن الأحاديث الأخرى تبين أن الله -جل وعلا- هو الذي أنزل المرض أساسا، ثم جعل هذا المرض ينتقل لآحاد الناس الآخرين بسبب العدوى، فالعدوى سبب وليست هي الفاعلة، أظن يعني إن شاء الله واضح المعنى على هذا، فكلام ابن القيم هذا هو الذي يحصل به التوفيق بين الأحاديث كلها، أما كلام الحافظ ابن حجر لو قبل في بعض الأحاديث، فإنه لا يقبل في بعضها الآخر بالإضافة إلى أن فيه شيئا من الضعف في التوجيه؛ ولذلك أول ما يوجه به الحديث هذا التوجيه الذي يسلم من المعارضة، ففعلا يعني المرض يمكن أن ينتقل بالعدوى، ولكن لا ينبغي لك أيها الإنسان أن تعتقد أنه لولا العدوى لما أصابك المرض، قد يصيبك المرض أساسا دون عدوى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير