رسول الله.
ومن هنا لا بد من لفت النظر إلى هذه الحقيقة العقدية الإسلامية وهي كما قال تعالى (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله , حتى رسول الله @ يقول: (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء).
وهذا يفيد أن علم الغيبيات أمر مستحيل مغلق بابه لا يعرفه أحد من الرسل المصطفين الأخيار إلا بوحي السماء , فإذا علم مسلم ما أن هناك فتحين فلا يمكن أن يكون قد عرفه إلا ممن ينزل الوحي عليه وهو رسولنا @ >.
قال الرسول @: بل قسطنطينية.
وفتح قسطنطينية معروف لديكم صار من التاريخ حيث فتحها ذلك الملك العثماني المعروف عثمان الفاتح * إذا بقي أمام المسلمين فتح آخر الفتح الأكبر وهو فتح عاصمة النصارى عاصمة إيطاليا هي روما اليوم , ولا بد أن يكون هذا الفتح ولكن للأسف أن أقول: ليس بأيدينا , لعله يكون بأيدي أجيال أو جيل يأتي من بعدنا , هذا الجيل لابد أن يكون قد اتصف بصفتين اثنتين جيلنا الحاضر دخل في طريق إحدى الصفتين , أما الصفة الأخرى فهو مع الأسف الشديد بعيد عنها.
أما الصفة الأولى فهي ما يعرف اليوم بالصحوة الإسلامية , نحن لا نشك بأن المسلمين اليوم هم خير من ناحية الصحوة مما كانوا عليه من قبل ربع قرن من الزمان , فأنتم تعلمون أنه أصبح معروفا لدى كثير من عامة الناس فضلا عن طلاب العلم أن هناك كتاب وسنة , وأن العلم هو ما جاء في الكتاب والسنة , وليس أن يقول قال الشيخ فلان أو العالم فلان أو الدكتور فلان هذا أصبح في خبر كان ومن ذلك قول الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله: الذي يعود إليه بعد شيخه ابن تيمية قبل هذه الصحوة في الحقيقة؛ لأنه كان يعيش في جو جاهلي محض حينما دعا من حوله علماء وطلاب علم وعوام إلى أن يعودوا إلى الكتاب والسنة كما كان تعلمون , فنحن الآن نعيش في بدء هذه الصحوة لأن الجمهور من المسلمين لا يزالون في تقليدهم القديم , لا يزالون إذا قلت لهم: يا أخي هذا ما يجوز , هذا خلاف الحديث يجابهونك بأن هذا مذهبي , أو مذهب إمامي إلى آخره.
4
لكن الحمد لله التفتح الآن موجود في كثير من المسلمين لا أعني العلماء أو بعض العلماء ولا حتى طلاب العلم بل حتى العوام منهم صار أحدهم يقول: هذه المسألة أعليها دليل؟ مع أنه لا يفهم الدليل لكن صار عنده وعي وانتباه.
أما الشيء الثاني وهو الذي أقول لابد من التصفية والتربية , نحن الآن في دور التصفية , أما التربية فمع الأسف الشديد , نحن بعيدون كل البعد , وهذا ظاهر حتى في بعض طلاب العلم الذين يتهافتون لتأليف رسائل ونشرها , ليظهروا أمام الناس بأنهم مؤلفون , وهذا أيضا بحث طويل وطويل جدا.
إذا هذا الحديث يبشرنا بأن أمام المسلمين فتحا عظيما جدا وهو فتح روما عاصمة إيطاليا.
من يفتح روما؟
المسلمون الذين جمعوا بين التصفية والتربية , ويعودون كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المعروف صحته (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم , كمثل الجسد الواحد , إذا اشتكى له جرح تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر). يومئذ يفرح المسلمون بنصر الله.
إذا عرفنا هذه النصوص وهي تدل دلالة قاطعة على أن الحديث النبوي قد بدء بتسجيله في عهده عليه الصلاة والسلام وليس كما يزعم المستشرقون وأذنابهم.
حينئذ .. نعود وقول حقيقة لا تضرنا وهي: هل كتب الحديث كله في عهد الرسول @؟
الجواب: لا, ولا يضرنا ذلك, إنما أردت أن أبطل دعوى باطلة لأولئك المستشرقين حينما يتكئون فيها على قوله عليه السلام (لا تكتبوا الحديث عني).
لنقول هذا حديث صحيح , وأنه فعلا كما جاء في سؤال السائل , روي موقوفا وروي مرفوعا , وكل من الموقوف والمرفوع صحيح , ولا يضر الوقف في الرفع , ذلك لأن العبرة في نهاية المطاف هل صح المرفوع , أم شذ رافعه.
فإن كان لم يشذ رافعه وإنما حفظه حينئذ يقول فقهاء الحديث في الحديث: لا ضير أن يروى الحديث موقوفا ومرفوعا , وأن يصح موقوفا ومرفوعا , فإن الراوي تارة ينشط لرفع الحديث , وتارة لا ينشط , تارة يقنع بأن يذكر الحديث , لا لأنه لم ينشط لرفعه وإنما لأنه يكون في جو يغنيه على التصريح برفعه , أي جو علم وطلاب علم فيقول: جاء مثلا عن أبي سعيد الخدري أنه قال: (لا تكتبوا الحديث عني).
¥