تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" فغاية ما قيل فيه الإفراط في ولاء على رضي الله عنه , ومقام الحاكم عندنا أجل من ذلك " _ أي وصفه بالرفض والله أعلم _.

وقال أيضاً:

" إن الرجل عنده ميل إلى علي رضي الله عنه يزيد على الميل الذي يطلب شرعاُ "

وقال ايضاً:

" لا أقول إنه ينتهي أن يضع من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما , فإني رأيته في كتابه " الأربعين " عقد باباً لتفضيل أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم , وأختصهم من بين الصحابة , وقدم في المستدرك ذكر عثمان على علي رضي الله عنهما "

قال الشيخ سعد الحميد حفظه الله:

" من أهم الأسباب التي دعت من تكلم فيه إلى اتهامه بالتشيع:

1_) تعمده لعدم ذكر بعض خصوم علي من الصحابة رضي الله عن الجميع في كتاب " معرفة مناقب الصحابة " من كتاب المستدرك , كمعاوية وعمرو ين العاص رضي الله عنهم , بل إنه أوذي بسبب ذلك فقيل به من باب المشورة: لو أمليت في فضائل هذا الرجل _ أي معاوية _؟ فقال: " لا يطاوعني قلبي " (1)

2_) إخراجه لبعض الأحاديث التي فيها نصرة للشيعة وتساهله في تصحيحها مثل: حديث الطير , وحديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " , وحديث " النظر إلا علي عبادة" , وغيرها من الأحاديث. "

مناهج المحدثين [180]

ثم أخذ الشيخ بتفنيد هذه الأسباب مبيناً أنها ليست على الإطلاق , ولا تعتبر كافية في نسبته إلى التشيع , وقد استدل الشيخ لإثبات أن عدم إخراجه لفضائل معاويةلا يكون سبباً لنسبته للتشيع على الأطلاق , بعدم إخراج النسائي أحاديث في فضائل معاوية , فعندما سئل ـــ أي النسائي ـــ أخبرهم أنه لم يصح عنه إلا حديث " لا أشبع الله بطنه " , وهذا الحديث ليس من فضائله رضي الله عنه وأرضاه وفي فضائله ما يغني عن التكلف عند من جعله ــ أي الحديث ــ من فضائله , وسوف أفرد مقالاً بإذن الله في فضائله , فلعل الحاكم كان له نفس السبب.

ولكن يرد على ذلك القصة التي ذكرها الشيخ وقد ذكرها بن كثير ــ كما في الحاشية ــ وفيها أن السبب الذي دعا الحاكم إلا عدم إخراج أحاديث في فضائل معاوية ليس عدم ثبوتها عنده كما هو حال النسائي, حيث قال مبيناُ السبب عدم إخراجه لفضائل معاوية رضى الله عنه: " لا يجئ من قلبي , لا يجئ من قلبي ".

و من أسباب إلصاق تهمة الشيع به هو تصحيحه لأحاديث موضوعة ومنكرة في فضائل على رضى الله عنه , ولكن يرد على ذلك أيضاً تصحيحه لأحاديث ضعيفة في فضائل أبي بكر وعمر رضى الله عنهما , ومما عرف عن الحاكم أيضاًُ تساهله في التصحيح , فلا يعتبر تصحيحه لتلك الأحاديث دليلاً.

هذا ويجدر التنبيه هنا إلى ما نبه إليه الشيخ سعد حفظه الله حيث قال:

" .... بل هو أحسن حالاً من كثير من أهل السنة ممن نسب إلى التشيع القليل من أهل السنة , فإن أؤلئك كانوا يقدمون علي على عثمان رضي الله عنهما , وإما الحاكم قدم عثمان على علي _ رضي الله عن الجميع _ , فذكر فضائل أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي _ رضوان الله عليهم أجمعين _. "

مناهج المحدثين [182].

قال الإمام بن تيمية:

وذلك في معرض رده لحديث الطير:

"الثاني: أن حديث الطير من المكذوبات الموضوعات عند أهل العلم والمعرفة بحقائق النقل {وقد جمع غير واحد من الحفاظ طرق الحديث للاعتبار والمعرفة كالحاكم النسابوري , وأبي نعيم , وبن مردويه , وسئل الحاكم عن حديث الطير فقال لا يصح}. [2]

هذا مع أن الحاكم منسوب إلى للتشيع , وقد طلب منه أن يروي حديثاً في فضل معاوية فقال: ما يجي من قلبي , ما يجي من قلبي , وقد ضربوه على ذلك ولم يفعل." أ. هـ

إلى أن قال " لكن تشيعه وتشيع غيره من أهل العلم بالحديث كالنسائي وبن عبد البر وأمثالهما , لايبلغ إلى تفضيله على أبوبكر وعمر , فلا يعرف من يفضله عليهما بل غاية التشيع منهم أن يفضله على عثمان ".ا. هـ[3]

نخلص مما سبق من أقوال آهل العلم وكلام الشيخ سعد حفظه الله إلى آن الحاكم أبو عبد الله كان فيه تشيع , ولكن ليس ذلك التشيع بمفهومه الحالي , حاشاه ذلك ولكن كما بين الشيخ حفظه الله.

والشاهد من هذا المقال هو التنبيه على حاله , خصوصاُ وقد رأينا من اتخذ كتابه ــ وبلأخص من الشيعة ــ مرجعاُ له ينقل منه أحاديث في فضائل على رضي الله عنه وأرضاه , مستشهداً وناقلاً تصحيح الحاكم لهذه الأحاديث؛ فإذا عرف ما سبق , فلا حجة في تصحيح الحاكم لهذه الإحاديث , ولا يصح الإحتجاج بتصحيحه.

هذا بالإضافة إلى أنه ــ كما سيأتي في مقال آخر إن شاء الله ــ متساهل في الأحاديث الأخرى؟ فكيف بأحاديث فضائل على رضي الله عنه وأرضاه مع تشيعه؟

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

(1) يقصد الشيخ والله أعلم القصة التي ذكرها بن كثير في البداية والنهاية (6/ 433) طبعة دار المعرفة. حيث قال: قال ابو عبد الرحمن السلمي: دخلت على الحاكم وهو مختف من الكرامية لا يستطيع أن يخرج منهم فقلت له: لو خرجت حديثاً في فضائل معاوية لاسترحت مما أنت فيه , فقال: لا يجئ من قلبي , لا يجئ من قلبي. أ. هـ

(2) وقد أستشكل الذهبي كلام الحاكم حيث أنه صحح الحديث في المستدرك؛ راجع سير أعلام النبلاء [17 ــ 168].

(3) كتاب مختصر منهاج السنة النبوية في الرد على الشيعة والقدرية [2ــ 764] اختصار الشيخ عبد الله الغنيمان.

والله الموفق؛

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير