استشهد البخاري في "صحيحه" بأبي صالح، بل قد روى عنه حديثا وقال: حدثني عبد الله بن صالح، وهذا ثابت في بعض النسخ المتقنة، فقال في أول الحديث: قال الليث حدثنا جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة بحديث الذي استدان من رجل ألف دينار، فقال: ائْتِنِي بِكَفِيلٍ، قال: كَفَى باللهِ وَكِيلا والحديث مشهور، علقه البخاري في غير موضع.
وقد استشكل المحدثون قبلنا في تفسير الفتح من "الصحيح".
حدثنا عبد الله حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن هلال، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو، فذكر حديث: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا.
فقال أبو نصر الكلاباذي، والوليد بن بكر الأندلسي، وهبة الله اللالكائي: عبد الله هذا هو عبد الله بن صالح العجلي الكوفي.
وقال أبو علي بن السكن في روايته الصحيح عن الفربري، عن البخاري، حدثنا عبد الله بن مسلمة -يعني القعنبي- حدثنا عبد العزيز. . فذكره.
وقال أبو مسعود الحافظ في "الأطراف": عبد الله هو عبد الله بن رجاء، ثم قال: والحديث عند عبد الله بن رجاء، وعند عبد الله بن صالح.
وقال أبو علي الغساني الحافظ بل هو عبد الله بن صالح كاتب الليث.
قال لنا أبو الحجاج الحافظ: وهذا أولى الأقوال بالصواب، قال: لأن البخاري رواه في كتاب "الأدب" في باب الانبساط إلى الناس، فقال: حدثنا عبد الله بن صالح، عن عبد العزيز. ذكره عقيب حديث محمد بن سنان العوقي، عن فليح، عن هلال. ورواه في البيوع من "الجامع الصحيح" عن العوقي. فالحديث عند البخاري عن الرجلين في "الأدب" وفي "الصحيح" ...
إلى أن قال: فإذا تقرر أنه سمعه من الرجلين، وقع الاشتراك في قوله: حدثنا عبد الله بن صالح بين العجلي الكوفي، وبين الجهني الكاتب، فكونه الكاتب أولى، لأنا تيقنا أن البخاري قد سمع من كاتب الليث، وأكثر عنه في "تاريخه" وفي أماكن، وهذا معدوم في حق العجلي، فإن البخاري ذكر له ترجمة صغيرة مختصرة جدا في "تاريخه" لم يرو عنه فيها شيئا، ولا وجدنا أبدا له رواية متيقنة عنه لا في "الصحيح" ولا في شيء من تواليفه، بل قد روى في "تاريخه" عن رجل عنه. نعم ولم نجد للعجلي رواية عن عبد العزيز بن أبي سلمة سوى حديث واحد، متنه: الظلم ظلمات رواه عنه إبراهيم الحربي بخلاف كاتب الليث، فإنه مكثر عن ابن أبي سلمة.
قلت: وأيضا فإن غير واحد روى الحديث المذكور عن كاتب الليث، فتعين أنه هو.
وفي الجهاد من "الصحيح" أيضا: حدثنا عبد الله، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن صالح بن كيسان، عن سالم، عن أبيه قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قفل من حج. . وذكر الحديث.
فقال أبو علي بن السكن: حدثنا الفربري: حدثنا البخاري، حدثنا عبد الله بن يوسف فذكر. . رواه ابن السكن في "مصنفه".
وقال أبو مسعود في "الأطراف": هذا الحديث يرويه الناس عن عبد الله بن صالح. قال: وقد روى أيضا عن عبد الله بن رجاء، فالله أعلم أيهما هو.
وقال الغساني: بل هو كاتب الليث.
قال ابن حبان: كان أبو صالح كاتبا على مغل الليث، منكر الحديث جدا، وكان في نفسه صدوقا، سمعت ابن خزيمة يقول: كان له جار يعاديه، فكان يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح، ويكتب في قرطاس بخط يشبه خط عبد الله، ويطرحه في داره بين الكتب، فيجده عبد الله، فيحدث به على التوهم أنه خطه.
ثم قال ابن حبان: روى عبد الله بن صالح، حدثنا يحيى بن أيوب، عن يحيى بن سعيد، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: حَجَّةٌ لِمَنَ لَمْ يَحُج خَيْرٌ مِن عَشْرِ غَزَوَاتٍ، وغَزْوَةٌ لِمَنْ حجَ َّخيْرٌ مِنْ عَشْرِ حِجَج، وغَزْوَةٌ في البَحْرِ خَيْرٌ مِن عشرةٍ في البَرِّ حدثناه أبو عروبة، حدثنا علي بن إبراهيم بن عزون، حدثنا عبد الله.
¥