الشرط الأول: أنه متصل محمول على السماع إذا تعاصروا، إذا تعاصر الراوي ومن روى عنه، وأيضا يشترط فيه في الراوي ماذا؟ البراءة من وصمة التدليس، البراءة من وصمة التدليس يعني لا يقول: قال، وحدث، وذكر فلان، وروى فلان، وهو لم يسمعه منه، هذا معناه سيأتي معنى التدليس، إذن ذكر ابن الصلاح شرطين ثم قال: وقد ادعى الشيخ أبو عمرو الداني المقرئ إجماع أهل النقل على ذلك، وكاد ابن عبد البر أن يدعي ذلك أيضا.
ادعوا الإجماع على قبول ماذا؟ الإسناد المعنعن إذا جمع هذين الشرطين، بس -يعني- فقط الآن التنبيه على أي شيء؟ هو أن ابن كثير -رحمه الله- اختصر كلام ابن الصلاح، الإجماع المُدَّعى على قبول الإسناد المعنعن إذا جمع هذين الشرطين، بل على قبول الإسناد المعنعن في الجملة.
وبعد ذلك يأتي البحث في الشروط، الشروط -يعني- كثير من المحدثين اشترط شرطا ثالثا، ذكره ابن الصلاح وهو ماذا؟ مع البراءة مع المعاصرة، أن يثبت، لا يكفي المعاصرة، وإنما أن يثبت أنه لقي من روى عنه ولو مرة واحدة، -يعني- يثبت ولو في حديث واحد صحيح أو في إسناد هو صحيح أنه يقول: حدثنا فلان، لا يكفي أن يعاصره فقط، وإنما يثبت في حديث صحيح، وفي إسناد صحيح أنه سمع منه.
ثم بعد ذلك يشترط أيضا أن يكون بريئا من التدليس، فهذه ثلاثة شروط، ويدخل الشرط الأول المهم قوله: إذن دعوى الإجماع هذه ليست على قبول الإسناد المعنعن بالشرطين، وإنما على قبول الإسناد المعنعن مطلقا في الجملة، وأما الشروط فيأتي بعد ذلك الاختلاف المشهور، فجمهور العلماء -كما نقله ابن الصلاح عنهم- اشترطوا كم من شرط؟ ثلاثة شروط، وإن كان واحد يدخل الثاني: المعاصرة، وأن يكون قد سمع منه، هذا يدخل واحد في الثاني، والثالث: أن يكون بريئا من وصمة التدليس.
ومن العلماء من اكتفى بكم؟ بشرطين، إذن مهم هذا الأمر -يعني كما ذكرت- ابن كثير اختصر قليلا، فالإجماع المذكور على قبول الإسناد المعنعن في الجملة، هذا لا إشكال فيه، نقله ابن عبد البر، وكلمته ما أطيل في تحليلها، لكن أكتفي -يعني- أكتفي بها بالتنبيه هذا، وهو أن الإجماع المذكور هو على قبول الإسناد المعنعن في الجملة، وبعد ذلك تأتي الشروط أو التفصيل في الشروط التي ذكرها العلماء.
فجمهور العلماء اشترطوا شرطين أو ثلاثة، ومن العلماء من يكتفي بشرطين، وهما اللذان ذكرهما، الاكتفاء بأي شيء؟ بالمعاصرة -يعني- لا يُشترط أن نقف على حديث واحد يقول فيه الراوي: حدثنا فلان، يكتفي بالمعاصرة مع إمكان اللقي، والبراءة من وصمة التدليس، وهذا مَن الذي قال بهذا القول؟ معروف هذا القول عمن؟ ذكره ابن كثير قال: وهذا هو الذي اعتمده مسلم في صحيحه، وشنع في خطبته على من يشترط مع المعاصرة اللقي.
إذن مسلم يكتفي بالمعاصرة، وقال ابن كثير -رحمه الله-: إن الذي شنع عليه مسلم يظهر أنه ابن المديني، أنه ابن المديني؛ لأن البخاري -يقول ابن كثير- لأن البخاري لا يشترط ثبوت اللقي في أصل الصحة، وإنما اشترطه في أي شيء؟ في صحيحه، وهذا الذي قاله ابن كثير نوقش فيه كثيرا، وقالوا: إن البخاري لا فرق عنده بين الصحيح خارج كتابه وبين الصحيح في كتابه، فهو يشترط ثبوت اللقي في صحيحه وخارج -أو في خارج- صحيحه، هذا الذي قاله ابن كثير.
أما قضية من يريد مسلم بهذه المناقشة، بالتشنيع والمناقشة، فهذا أمر آخر لا أطيل بذكره، أو لا أطيل فيه، ويعني يحتاج الأمر إلى تفصيل، لكن أشير هنا هذا الذي ذكره، أو -يعني نعم-، هذا الذي يتعلق بهذه الفقرة أو بهذا الموضوع، والذي ذكره ابن الصلاح، ووافقه ابن كثير من التفريق بين مذهب البخاري ومذهب مسلم.
هذا هو الصحيح أن بينهما فرق، بينهما فرق في هذه القضية الخاصة، وهي أن البخاري يشترط ثبوت اللقي، ومر بنا أن ابن كثير ذكر من مميزات صحيح البخاري التي قُدم فيها على صحيح مسلم ماذا؟ أن البخاري يشترط ثبوت اللقي ولو مرة واحدة، وهذا هو الصحيح مهما قيل في هذه المسألة ومهما كُتب، فالصحيح أن بين البخاري وبين مسلم فرقا يسيرا في هذه النقطة المعينة، وهو -يعني- اشتراط ثبوت اللقي.
ومسلم -رحمه الله- أطال في المقدمة في التشنيع على هذا القول، ومناقشة هذه المسألة -يعني- تحتاج إلى وقت، أو تحتاج إلى شرح طويل. اكتفي بهذا.
يبقى النقل عن أبي عمرو الداني، وعن القابسي، -يعني- متى أبو عمرو الداني هذا؟ في أي عصر والقابسي كذلك؟ كلاهما في عصر متأخر، -يعني- هذه الشروط: اشتراط أبي عمرو الداني أن يُعرف بطول الصحبة، أبو الموفر السمعاني هو الذي اشترط طول الصحابة -يعني- هذه لم يؤخذ بها، فلو يلقاه مرة واحدة وهو ثقة، ويروي عنه، بل لو يكاتبه، فهذا كافٍ في -يعني- الرواية عنه، أو في اتصال الإسناد، وكذلك أن يكون معروفا بالرواية عنه، هذا أيضا يكتفى.
بعض المحدثين لا يسمع من شيخه إلا كم من حديث؟ إلا حديث، ويصرح هو ويقول: لم أسمع منه الحديث الفلاني، أو يقول العلماء: لم يسمع منه إلا الحديث الفلاني، وهذا كثير، ليس بالقليل، فهذه الشروط اشتُرطت متى؟ في وقت متأخر، ولا اعتبار لها، فهذا يذكره المحدثون في كتب المصطلح -كما ذكرت-، يذكرون أمورا خارج كلام المحدثين الأوائل، أو خارج ما اصطلحوا عليه، أو ما اشترطوه من باب الفائدة.
وكذلك قول القابسي: أدركه إدراكا بينا، هذا يدخل في شرط مسلم، فمسلم يشترط أن يدركه إدراكا، -يعني- يسميه إمكان اللقي، قال: وأمكن لقاء بعضهم بعضا، الآن عندنا عنوان جديد أدخله أيضا ابن كثير في المعضل، الآن الذي مر قبل قليل، ما هو الذي أدخله في المعضل أيضا؟ هو المعنعن، الآن عندنا إسناد آخر، مصطلح آخر يسمونه المؤنن أو المؤنأن، -يعني- الذي فيه الرواية بصيغة أن فلانا قال مثلا، أو أن فلانا ذكر، أو أن فلانا دخل.
والله تعالى أعلم ...
¥