ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[26 - 03 - 02, 08:52 م]ـ
بارك الله فيك
وأوافقكم في كل ما ذكرتم
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[26 - 03 - 02, 08:53 م]ـ
قال الشيخ المحدث (عبد الله السعد) في تقديم للكتاب المستطاب ((منهج المتقدمين في التدليس)) للشيخ الفاضل: ناصر الفهد.
ومعرفة هذا المنهج – أعني منهج المتقدمين – في هذه المسألة وغيرها من قضايا الصناعة الحديثية أمر لا بد منه كما في باقي العلوم الشرعية (1)؛ لأن أهل العلم ليسوا على منهج واحد في الصناعة الحديثية، بل على مناهج متعددة، فعلى هذا لا بد من معرفة طريقتهم ثم السير عليها.
* قال أبو الفرج ابن رجب رحمه الله تعالى:
(وكذا الكلام في العلل والتواريخ قد دونه أئمة الحفاظ وقد هجر في هذا الزمان درس حفظه وفهمه، فلو لا التصانيف المتقدمة فيه لما عرف هذا العلم اليوم بالكلية، ففي التصانيف فيه ونقل كلام الأئمة المتقدمين مصلحة عظيمة جداً، وقد كان السلف الصالح مع سعة حفظهم وكثرة الحفظ في زمانهم يأمرون بالكتابة للحفظ، فكيف بزماننا هذا الذي هجرت فيه علوم سلف الأمة وأئمتها ولم يبق منها إلا ما كان منها مدوناً في الكتب لتشاغل أهل الزمان بمدارسة الآراء المتأخرة وحفظها) اهـ. من (شرح العلل) ص 74 بتحقيق / السامرائي.
*وقال أبو الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى مبيناً جلالة المتقدمين في هذا الفن وعلو كعبهم في هذا العلم.
(وبهذا التقرير يتبين عظم موقع كلام الأئمة المتقدمين، وشدة فحصهم، وقوة بحثهم، وصحة نظرهم، وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم (2) في ذلك، والتسليم لهم فيه) اهـ من (النكت) 2/ 726.
* وقال أبو الوفا بن عقيل مبيناً اختلاف الفقهاء والمحدثين في الحكم على الأحاديث بعد أن ذكر حديثاً ضفعه أحمد بعد أن سئل عنه وهو حديث معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن غيلان أسلم وعنده عشر نسوة) قال أحمد: (ليس بصحيح، والعمل عليه، كان عبد الرزاق يقول: عن معمر عن الزهري مرسلاً).
قال ابن عقيل: (ومعنى قول أحمد (ضعيف) على طريقة أصحاب الحديث، وقوله (والعمل عليه) كلام فقيه يعول على ما يقوله الفقهاء من إلغاء التضعيف من المحدثين لأنهم يضعفون بما لا يوجب ضعفاً عند الفقهاء، كالإرسال والتدليس والتفرد بالرواية، وهذا موجود في كتبهم، يقولون: وهذا الحديث تفرد به فلان وحده …) اهـ من (الواضح في أصول الفقه) 5/ 21 - 22.
قول ابن عقيل في تفسير كلام أحمد في قوله (والعمل عليه): (كلام فقيه يعول على ما يقوله الفقهاء من إلغاء التضعيف من المحدثين …) ليس بصحيح فالإمام أحمد ضعف هذا الحديث لأن معمراً حدث به بالبصرة فأخطأ فيه ووصله وعندما حدث به في اليمن أرسله كما رواه عنه عبد الرزاق، وحديث معمر باليمن أصح من حديثه بالبصرة، وقد خالف الحفاظ من أصحاب الزهري معمراً في هذا الحديث، ولذلك ذهب أكثر الحفاظ إلى تضعيف حديث معمر كما قال أحمد، فقال البخاري عنه (هذا الحديث غير محفوظ) وحكم مسلم في كتابه (التمييز) على معمر بالوهم فيه، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: (المرسل أصح). ينظر (تلخيص الحبير) 3/ 192.
وأما قول أحمد (والعمل عليه) فلا شك في هذا لأن القرآن والإجماع يدلان على ذلك وليس كما قال ابن عقيل أن أحمد يأخذ بقول الفقهاء في تصحيح هذا الحديث. فميز ابن عقيل بين طريقة المحدثين والفقهاء.
* وقال شيخه القاضي أبو يعلى في (إبطال التأويلات) 1/ 140 تعليقاً على كلام أحمد في حكمه على حديث عبد الرحمن بن عايش بالاضطراب، قال: (فظاهر هذا الكلام من أحمد التوقف في طريقه لأجل الاختلاف فيه، ولكن ليس هذا الكلام مما يوجب تضعيف الحديث على طريقة الفقهاء) اهـ.
والشاهد من هذا اختلاف مناهج أهل العلم في الصناعة الحديثية، وأنهم ليسوا على منهج واحد كما يقول بعض الإخوان وأن في هذا تفريقاً للأمة، وأنه ليس هناك من له منهج خاص في الصناعة الحديثية إلا محيي الدين النووي، فهذا القول لاشك في بطلانه وحكايته في الحقيقة تغني عن رده.
¥