تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[ابن معين]ــــــــ[09 - 03 - 03, 02:05 م]ـ

المسألة السادسة: رأيه في الاضطراب.

قال ابن حزم في الإحكام (1/ 138):

(وقد علل قوم أحاديث بأن رواها ناقلها عن رجل مرة، وعن رجل مرة أخرى،

قال علي: وهذا قوة للحديث، وزيادة في دلائل صحته، ودليل على جهل من جرح الحديث بذلك!!).

قلت: ثم مثّل ابن حزم على ذلك بمثالين لا يؤثر فيهما وجود الاختلاف على التحقيق!

إلا أن الناظر في كلامه السابق يرى تعميمه بعدم التعليل بالاختلاف مطلقاً، وهذا صنيعه في حكمه على الآثار والأخبار، فإنه لا يرى التعليل باختلاف الثقات مطلقاً، لأنه يرى وجوب قبول أخبار الثقات (كلها) على ما قدمت لك!

بل صرح بهذا في كتابه الإعراب فيما نقله عنه الزركشي في نكته (2_228_234):

قال ابن حزم في كتاب الإعراب: (إذا اختلفت الألفاظ من طرق الثقات أخذ بجميعها ما أمكن ذلك، فإن تعذر عليه أخذ بالزائد في حكمه!

قال: وكم من خبر شديد الاضطراب قال به العلماء!، كالخبر في إيجاب الزكاة في عشرين دينارا فصاعداً ..

إلى أن قال: وإنما وقع في هذا قوم من أئمة الحديث إما غلطاً فيجتنب! وإما على سبيل المذاكرة لا على رد السنة!!

والحق الذي لا يجوز مخالفته أن ما رواه الثقة بالإسناد المتصل يجب الأخذ به، ولا يرد بأنه قد اختلف فيه رواته!! ولا بأنه قد رواه قوم ضعفاء، ولا بأنه قد أرسله رواته! ولا بأن واقفه أكثر!).

ومن الأمثلة التي صرح فيها بعدم اعتداده بالاختلاف في حديث الثقة ما أنقله لك في هذا المثال:

قال ابن حزم في المحلى (2/ 221):

(ومن ادعى أن سفيان أخطأ في هذا الحديث فهو المخطىء بدعواه ما لا دليل له عليه.

فإن قيل: قد خالفه زهير بن معاوية.

قلنا: سفيان أحفظ من زهير، ولو لم يكن _ (أي ولولم يكن سفيان أحفظ من زهير) _ لما كان في خلاف بعض الرواة لبعض دليل على خطأ أحدهم!!، بل الثقة مصدق في كل ما يروي!!! وبالله تعالى التوفيق).

قلت: وأما أهل الحديث فإن لهم تفصيلاً في التعليل بالاختلاف في الأسانيد والمتون، وقد أجاد الكلام عليه الحافظ العلائي فيما نقله ابن حجر عنه في نكته على مقدمة ابن الصلاح، فانظره غير مأمور: (2/ 777_810).

يتبع

ـ[ابن معين]ــــــــ[09 - 03 - 03, 02:17 م]ـ

المسألة السابعة: رأيه في تعليل حديث الثقة.

يرى ابن حزم رحمه الله أن الراوي إذا كان ثقة فإنه يجب قبول خبره كله، وأنه لا يصح رد خبره بدعوى الخطأ إلا ببرهان واضح ودليل قاطع!

قال ابن حزم في مواضع كثيرة ومنها ما في هذا الموضع _ المحلى (9/ 70) _: (ولا سبيل إلى القطع بالوهم والخطأ على رواية ثقة إلا بيقين لا يحتمل غيره!).

وقد قدمت لك في المسألة الأولى ما هي الأدلة التي يستدل بها ابن حزم على تخطئة الثقة، وإذا هي أدلة لا يعرفها أهل الحديث! ولو أراد محدث تطبيقها لما أعل بها حديثاً قط!!

فلا وجود لعلم العلل عنده البتة!!

ومن الأمثلة التي تبين عدم اعتداد ابن حزم بتعليل أئمة الحديث:

قال ابن حزم في المحلى (5/ 165):

(ولم يخف علينا قول جمهور أصحاب الحديث أن خبر همام هذا خطأ، ولكنا لا نلتفت إلى دعوى الخطأ في رواية الثقة إلا ببيان لا يشك فيه!!).

وقال في المحلى (6/ 270):

(لم يخف علينا قول من قال: إن جرير بن حازم أخطأ في هذا الخبر، إلا أن هذا ليس بشيء، لأن جريراً ثقة، ودعوى الخطأ باطل، إلا أن يقيم المدعي له برهان على صحة دعواه، وليس انفراد جرير بإسناده علة لأنه ثقة).

وقال في المحلى (8/ 265):

(وقالوا: قد قال أبو داود السجستاني: هذه الزيادة " فإن عرف عفاصها ووكاءها وعددها فادفعها إليه " غير محفوظة.

قال أبو محمد: وهذا لا شيء! ولا يجوز أن يقال فيما رواه الثقات مسنداً: هذا غير محفوظ!! ولا يعجز أحد عن هذه الدعوى فيما شاء من السنن الثوابت!!).

قلت: وأما علم العلل عند أهل الحديث فهو أجل فنونهم وأدق علومهم، لأنه يختص ببيان ما أخطأ فيه الثقات وزل فيه الأثبات، فإنه ما من ثقة معصوم!

قال الإمام مسلم بن الحجاج في كتابه التمييز: (ليس من ناقل خبر وحامل أثر من السلف الماضين إلى زماننا _ وإن كان أحفظ الناس وأشدهم توقياً وإتقاناً لما يُحفظ ويُنقل _ إلا الغلط والسهو ممكن في حفظه ونقله).

وقال الذهبي في السير: (وما ثمّ أحد بمعصوم من السهو والنسيان … فأرني إماماً من الكبار سلم من الخطأ والوهم؟! فهذا شعبة _وهو في الذروة _له أوهام، وكذلك معمر والأوزاعي ومالك رحمة الله عليهم).

يتبع

ـ[خالد الفارس]ــــــــ[09 - 03 - 03, 10:52 م]ـ

موضوع مفيد جدا.

ارى ان يوضع على ملف وورد بعد انتهائه

ـ[ابن معين]ــــــــ[10 - 03 - 03, 07:09 م]ـ

بارك الله فيك أخي الفاضل خالد على تعقيبك.

تتمة للمسألة السابقة:

ثم وقفت بعد ذلك على كلام شنيع لا بن حزم يصرح فيه برد تعليلات الأئمة المتقدمين، وطرح كلامهم ورده، ما لم يقيموا دليلا (من جنس أدلة ابن حزم!) على ما ذهبوا إليه، وقد تعرض فيه لابن معين، فآذى ابن حزم نفسه بذلك!

قال ابن حزم في المحلى (6/ 21):

(والعجب ممن يعترض في هذا الخبر بتضعيف يحيى بن معين لحديث حماد بن سلمة هذا (وهو حديث أبي بكر الصديق في الصدقات)، وليس في كل من رواه عن حماد بن سلمة ممن ذكرنا أحد إلا وهو أجل وأوثق من يحيى بن معين!!!

وإنما يؤخذ كلام يحيى بن معين وغيره إذا ضعفوا غير مشهور بالعدالة!

وأما دعوى ابن معين أو غيره ضعف حديث رواه الثقات، أو ادعوا فيه أنه خطأ من غير أن يذكروا فيه دليلاً فكلامهم مطرح مردود!!

لأنه دعوى بلا برهان وقد قال الله تعالى: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)!! .. ).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير