تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[وجوه تقييد الجرح]

ـ[سراج الأفغاني]ــــــــ[15 - 12 - 09, 09:57 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد.

[وجوه تقييد الجرح]

بادئ ذي بدء أقدِّمُ شرحًا موجزاً لمفرداتِ العنوان:

وجوه: جمع وجه، والمقصود منها هنا: نواحي وجوانب تقييد الجرح. ()

تقييد: التقييد ضد الإطلاق، فالمطلَق: الدَّالُّ على الماهيَّة بلا قيدٍ، وضده المقيَّد: وهو الدَّال على الماهيَّة بقيدٍ من قيودها ()، إذاً فالجرحُ المطلقُ: أن يذكُرَ الإمام الرَّاويَ بالجرح دون تقييد، فيكون قادحا فيه بكل حال، والجرحُ المقيَّد: أن يذكر الإمام الراوي بالجرح بالنسبة لشيء معيَّن من شيخ، أو طائفة أو نحو ذلك مما سيأتي بيانه بالتفصيل.

الجَرحُ لغةً: -بفتح الجيم- التأثير في الجسم بالسلاح ()، وفي علم الجرح والتعديل: وصفُ الراوي في عدالته أو ضبطه بما يقتضي تليين روايته أو تضعيفها أو ردَّها. ()

فالمقصود من العنوان: دراسةُ الجوانب أو النَّواحي التي يكون فيها جرحُ الإمامِ للرَّاوي مقيَّداً بالنسبة لشيءٍ معين، كشيخ الراوي ومكان سماعه، وزمان تحديثه ونحو ذلك.

[وجوه تقييد الجرح]

وقفتُ للجرح المقيَّد على وجوهٍ عديدة, وهي:

أ: تجريحُ الراوي في بعض الأوقات دون بعض, وهذا الوجه على أربعة أضرب:

الضرب الأول: تضعيف حديث الراوي أو تليينه بعد التغيُّر, وتصحيح حديثه أو تحسينه قبل ذلك, والتغيُّر غالبًا ما يعتري الراوي في آخر عمُره فينقص حفظُه وينسى بعض محفوظه ويهم في الإسناد في اسم شيخه أو غيره, أويُلقَّن فيقبل التلقين () , أما التغيُّر الذي يوجدُ في مرض الموت فليس بقادح في الثقة, لأنَّ غالب الناس يعتريهم في مرض الموت نحو ذلك, ويتم لهم وقت السِّياق وقبله أشد من ذلك () , والتغير ونقصُ الحفظ غير الاختلاط () الذي سيأتي بيانه, وقد يراد به الاختلاط أيضا. ()

مثاله: عبد الرزاق بن همّام الصنعاني:

ذكره الحافظ ابن رجب (رحمه الله تعالى) فيمن أضر في آخر عمره وقال: "أحد أئمة الحديث المشهورين، وإليه كانت الرحلة في زمانه في الحديث, حتي قيل: إنه لم يرحل إلى أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رحل إلى عبد الرزاق.

قال الإمام أحمد في رواية إسحاق بن هانئ: ((عبد الرزاق لا يُعبأ بحديث من سمع منه, وقد ذهب بصره, كان يلقن أحاديث باطلة, وقد حدث عن الزهري أحاديث كتبناها من أصل كتابه وهو ينظر جاؤوا بخلافها)).

ونقل عنه الأثرم معنى ذلك.

وقال في النيسابوري يعني محمد بن يحيى الذهلي: ((قدم على عبد الرزاق مرتين: إحداهما بعدما عمي)).

وذكر الأثرم عن أحمد أنه ذكر له حديث: "النار جبار" فقال: هذا باطل, ليس من هذا شئ. ثم قال: ومن يحدث به عن عبد الرزاق؟ قلت: حدثني [به] أحمد بن شبويه، قال: ((هؤلاء سمعوا بعدما عمي، كان يلقن فلقنه، وليس هو في كتابه، وقد أسندوا عنه أحاديث في كتبه كان يلقنها بعدما عمي)).

قال أبو عبد الله: ((حكوا عنه عن الحلواني أحاديث أسندها)).

وقد ذكر غير واحد أن عبد الرزاق حدث بأحاديث مناكير في فضل علي وأهل البيت، فلعل تلك الأحاديث مما لقنها بعد أن عمي، كما قاله الإمام أحمد، والله أعلم، وبعضها مما رواه عنه الضعفاء ولا يصح عنه.

وقال النسائي: ((عبد الرزاق ما حدث عنه بآخره ففيه نظر)).

وذكر عبد الله بن أحمد أنه سمع يحيى بن معين قيل له: تحفظ عن عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أنه مسح على الجبائر)) فقال يحيى: ((باطل، ما حدث به معمر قط)).

ثم قال يحيى: ((عليه مائة بدنة مقلدة إن كان معمر حدث بهذا قط، هذا باطل، ولو حدث بهذا عبد الرزاق كان حلال الدم، من حدث بهذا عن عبد الرزاق؟ قالوا: فلان، وفي بعض النسخ قالوا: محمد بن يحيى قال: لا والله ما حدث به معمر، وعليه حجة من ههنا إلى مكة إن كان معمر يحدث بهذا)).

قال عبد الله بن أحمد: ((هذا الحديث يروونه عن إسرائيل عن عمرو بن خالد عن زيد عن علي عن أبانه عن علي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعمرو بن خالد لا يساوي شيئاً)).

قال عبد الله وسمعت يحيى يقول: ((ما كتبت عن عبد الرزاق حديثاً قط إلا من كتابه، لا والله ما كتبت عنه حديثاً قط إلا من كتابه)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير