ثم صحح الطبقة التى تلى هذه أيضا , فصحح الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطى حديث جابر_ مرفوعا _:"ماء زمزم لما شرب له" فى جزء جمعه فى ذلك , أورده من رواية عبد الرحمن بن أبى الموال عن محمد بن المنكدر عن جابر.
ومن هذه الطريق رواه البيهقى في "شعب الإيمان".
وإنما المعروف: رواية عبد الله بن المؤمل عن ابن المنكدر كما رواه ابن ماجه , وضعفه النووى وغيره من هذا الوجه.
وطريق ابن عباس أصح من طريق جابر.
ثم صححت الطبقة التى تلى هذه وهم شيوخنا, فصحح الشيخ تقى الدين السبكى حديث ابن عمر فى "الزيارة" فى تصنيفه المشهور كما أخبرنى به.
ولم يزل ذلك دأب من بلغ أهلية ذاك منهم , إلا أن منهم من لا يقبل ذاك منهم. وكذا كان المتقدمون ربما صحح بعضهم شيئا فأنكر عليه تصحيحه والله أعلم.
* ابن حجر:
"وفيه أمور:
الأمر الأول: قوله: ((عما يشترط في الصحيح من الحفظ)) فيه نظر، لأن الحفظ لم يعده أحد من أئمة الحديث شرطاً للصحيح وإن كان حكى عن بعض المتقدمين من الفقهاء. كما روينا عن يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت أشهب يقول: سئل مالك عن الرجل الغير فهم يخرج كتابه ويقول: هذا سمعته؟.
قال: لا يؤخذ إلا عمن يحفظ حديثه أو يعرف.
ورواها الحاكم في ((علوم الحديث)) من طريق ابن عبد الحكم عن أشهب بلفظ آخر، قال: ((سئل مالك أيؤخذ العلم ممن لا يحفظ حديثه وهو ثقة صحيح))؟. قال: ((لا)).
قيل: فإن أتى بكتب فقال: سمعتها وهو ثقة.
قال: لا يؤخذ عنه أخاف أن يزاد في حديثه بالليل.
هذا وإن كان صريحاً في أنه لا يؤخذ عمن لا يحفظ، فإن العمل في القديم والحديث على خلافه، لا سيما منذ دونت الكتب وقد ذكر المؤلف في ((النوع السادس والعشرين)) أن ذلك من مذاهب أهل التشديد.
هذا إن أراد المصنف بالحفظ حفظ ما يحدث به الراوي يعينه، وإن أراد أن الراوي شرطه أن يعد حافظاً، فللحافظ في عرف المحدثين شروط إذا اجتمعت في الراوي سموه حافظاً:
وهي:
1 - الشهرة بالطلب. والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف.
2 - والعرفة بطلبات الرواة ومراتبهم.
3 - والمعرفة بالتجريح والتعديل وتمييز الصحيح من السقيم حتى يكون ما يستحضره من ذلك مما لا يستحضره مع استحضار الكثير من المتون.
فهذه شروط إذا اجتمعت في الراوي سموه حافظاً. ولم يجعله أحد من أئمة الحديث شرطاً للحديث الصحيح.
نعم , والمصنف لما ذكر حد الصحيح لم يتعرض للحفظ أصلاً فما باله يشعر هنا بمشروطيته!.
ومما يدل على أنه أراد حفظ ما يحديث به بعينه: أنه قابل به من اعتمد على ما في كتابه فدل على أنه يعيب من حدث من كتابه ويصوب من حدث عن ظهر قلبه.
والمعروف عن أئمة الحديث كالإمام أحمد وغيره خلاف ذلك.
الأمر الثاني: أن من اعتمد في روايته على ما في كتابه لا يعاب بل هو وصف أكثر رواة الصحيح من بعد الصحابة وكبار التابعين لأن الرواة الذين للصحيح على قسمين:
(أ) قسم كانوا يعتمدون على حفظ حديثهم، فكان الواحد منهم يتعاهد حديثه ويكرر عليه فلا يزال متقناً له، وسهل ذلك عليهم قرب الإسناد وقلة ما عند الواحد منهم من المتون حتى كان من يحفظ منهم ألف حديث يشار إليه بالأصابع. ومن هنا دخل الوهم والغلط على بعضهم لما جبل عليه الإنسان من السهو والنسيان.
(ب) وقسم كانوا يكتبون ما يسمعونه ويحافظون عليه ولا يخرجونه من أيديهم ويحدثون منه. وكان الوهم والغلط في حديثهم أقل من أهل القسم الأول إلا من تساهل منهم فحدث من غير كتابه، أو أخرج كتابه من يده إلى غيره فزاد فيه ونقص وخفى عليه. فتكلم الأئمة فيمن وقع له ذلك منهم.
وإذا تقرر هذا، فمن كان عدلاً، لكنه لا يحفظ حديثه عن ظهر قلب واعتمد على ما في كتابه فحدث منه، فقد فعل اللازم له وحديثه على هذه الصورة صحيح بلا خلاف. فكيف يكون هذا سبباً لعدم الحكم بالصحة على ما يحدث به؟!. هذا مردود ـ والله أعلم ـ.
الأمر الثالث: قوله: ((فآل الأمر إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمد المشتهرة ... ")) إلى آخره.
فيه نظر، لأنه يشعر بالاقتصار على ما يوجد منصوصاً على صحته ورد ما جمع شروط الصة إذا لم يوجد النص على صحته من الأئمة المتقدمين.
¥