وأمَّا السنة فالآثار الثابتة كلها في هذا الباب تقضي على صحة قول أهل الحجاز [1]، وقد روى أهل العراق فيما ذهبوا إليه آثاراً لا يصح شيء منها، عند أهل العلم بالحديث، وقد أكثر النَّاس في تعليل تلك الأحاديث، وفي الاستظهار بتكرير الآثار في تحريم المسكر. التمهيد: (1/ 154).
37 – قال أحمد بن شعيب في أول كتابه: إنَّ أول من أحل المسكر من الأنبذة إبراهيم النخعي، وهذه زلة من عالم، وقد حُذِّرْنا من زلة العالم، ولا حجة في وقول أحد مع السنة. التمهيد: (1/ 158).
38 – وقد زعمت طائفة أن أبا جعفر الطحاوي – وكان إمام زمانه – ذهب إلى إباحة الشرب من المسكر، مالم يسكر، وهذا لو صح عنه لم يحتج به على من ذكرنا قولهم من الأئمة المتبعين في تحريم المسكر، ما ثبت من السنة.
وأنا أذكر ما حكاه الطحاوي ليتبين لك أنَّ الأمر ليس كما ظنوا، قال أبو جعفر في كتابه الكبير في الاختلاف:
اتفقت الأمة أنَّ عصير العنب إذا أشتدَّ وغلا وقذف بالزبد فهو خمر، ومستحله كافر، واختلفوا في نقيع التمر إذا غلا وأسكر، قال: فهذا يدل على أنَّ حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي كثير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:" الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة ". غير معمول به عندهم، لأنَّهم لو قبلوا الحديث، لكفَّروا مستحل نقيع التمر، فثبت أنَّه لم يدخل في الخمر المحرمة غير عصير العنب الذي أشتدَّ وبلغ أن يسكر.
قال:ثُمَّ لا تخلوا الخمر من أن يكون التحريم معلقاً بها فقط، غير مقيس عليها غيرها، أو يجب القياس عليها، فوجدناهم جميعاً قد قاسوا عليها نقيع التمر إذا غلا وأسكر كثيره، وكذلك نقيع الزبيب، قال: فوجب قياساً على ذلك أن يحرَّم كل ما أسكر من الأشربة. التمهيد: (1/ 158).
39– قال في تعليقه عن حديث مالك بن أنس الذي رواه في الموطأ عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك، قال: كنتُ اسقي أبا عبيدة بن الجرح وأبا طلحة الأنصاري وأبي بن كعب شراباً من فضيخ وتمر، قال: فجاءهم آتٍ فقال: إنَّ الخمر قد حُرمتْ، فقال أبو طلحة: يا أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها، فقال: فقمتُ إلى مهراس لنا، فضربتها بأسفله حتى تكسرت.
وقد روى هذا الحديث عن أنس جماعة يطول ذكرهم، منهم: سليمان التيمي وقتادة وعبد العزيز بن صهيب والمختار بن فلفل، وثابت البناني وأبو التياح، وأبو بكر بن أنس، وخالد بن الفزاز لم يذكر واحد منهم كسر الجرار، إلاَّ إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وحده، وإنَّما في حديثهم أنَّه كفأها، ولا بأس بالاستمتاع بظروف الخمر بعد تطهيرها، وغسلها بالماء وتنظيفها إلاَّ أنَّ الزقاق التي قد بالغتها الخمر وداخلتها إن عرف أنَّ الغسل لا يبلغ منها مبلغ التطهير لها، لك ينتفع بشيء منها. التمهيد: (1/ 159).
40 – الأصل في ثوب المسلم وفي أرضه وفي جسمه الطهارة حتى يستيقن بالنجاسة، فإذا تيقنت وجب غسلها، وكذلك الماء أصله أنَّه محمول على الطهارة حتى يستقين حلول النجاسة فيه.
ومعلوم أنَّ النجاسة لا يطهرها النضح، وإنَّما يطهرها الغسل، التمهيد: (1/ 164).
[1] أي في تحريم مسكر الأنبذة
أخوكم من بلاد الشام
أبو محمد السوري
يتبع إن شاء الله تعالى
ـ[أبو محمد السوري]ــــــــ[13 - 03 - 10, 10:46 م]ـ
لحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد:
31 – قال في تعليقه على حديث أنس رضي الله عنه في نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم:
- الذي أوتي النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الآية المعجزة، أوضح في آيات الأنبياء وأعلامهم مما اُعطي موسى عليه السلام، إذ ضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، وذلك أنَّ من الحجارة ما يُشاهد انفجار الماء منها، ولم يشاهد قد أحدٌ من الآدميين يخرج من بين أصابعه الماء غير نبينا صلى الله عليه وسلم. التمهيد: (1/ 136).
32 – قال في تعليقه على حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الطويل والذي قاله فيه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم حرام يوماً فأطعمته وجلست تفلي رأسه ..
¥