1 - إنَّه موسوعة فقهية بحق: فإنَّ الفقيه يجد فيه بغيته من البحوث الفقهية المتنوعة والتي طالت جميع أبواب الفقه، ومن المنافع الكبرى لهذا الكتاب - في هذا الجانب - أنَّه لا يصب الأحكام الفقهية على القارىء صباً، بل نراه يسلك به سبيل المناقشة العلمية، ومناقشة أدلة كل مذهب وترجيح الأقوى منها .. وهكذا.
صحيح أنَّه ما خرج - حتى الآن حيث أنا في نهاية الجزء الرابع من الاجزاء العشرة - عن مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى في الترجيح، إلاَّ أنَّه مع ذلك لا ترى عليه هذا التعصب المذهبي المقيت الذي قد نجده عند غيره، اللهمَّ إلاَّ في موضع واحد حتى الآن.
2 - كما إنَّ الإمام ابن عبد البر رحمه الله تعالى من أبرع العلماء في الجمع بين الأدلة التي ظاهرها الاختلاف، وهذا يدل على خصوبة فكره، وتضلعه في فقه الأثر والحديث، ولا يخفى على أحد صعوبة وخطورة هذه المباحث، لأجل ذلك ألفت في هذا الباب المؤلفات، ككتاب:" مختلف الحديث ". لابن قتيبة، و:" مشكل الآثار ". للطحاوي.
ولا أخفي عليكم أخي - فلاح البغداي - أني أنوي أن أجمع هذه الأحاديث التي ظاهرها التعارض، و التي قام بالجمع فيما بينها الإمام ابن عبد البر رحمه الله تعالى، في مصنف مستقل، كي تكون في متناول ايدي طلاب العلم، واجعل عنوانها:" اختلاف الحديث عند ابن عبد البر ". والله أسأل أن يكون ذلك قريباً.
3 - كما أنَّ الإمام ابن عبد البر رحمه الله تعالى، إمام كبير من أئمة العلل، على طريقة الأئمة الكبار، كالإمام أبي زرعة والإمام أبو حاتم الرازي والإمام أحمد بن حنبل والإمام البخاري والإمام علي بن المديني والإمام الدارقطني، إذ أنَّي قد وجدتُه يعلَّ الأحاديث على طريقة هؤلاء الأئمة في إظهار العلة الخفية للحديث، وهذا نادر في زمن ابن عبد البر رحمه الله تعالى، ولعلَّ الله تعالى أن يمنَّ عليَّ بجمع هذه الأحاديث في مصنف مستقل بعنوان:" علل الحديث لابن عبد البر ".
4 - كما أنَّ لابن عبد البر رحمه الله تعالى اطلاع كبير وواسع على رجال الرجال ومعرفة طبقاتهم وأحوالهم، ويمكن أن يُستخرج مصنف في هذا المجال أيضاً من كتابه التمهيد.
5 - كما أنَّي أرى أنَّ كتاب التمهيد من أهم الكتب التي نقلت مذهب الصحابة والتابعين - إضافة إلى مذهب فقهاء الأمصار التي اندرست مذاهبهم - وفي الغالب يكون نقل الإمام ابن عبد البر رحمه الله تعالى عن هؤلاء الصحابة والتابعين بالأسناد، وهذا يعطينا فرصة جيدة لمعرفة الثابت من أقوال الصحابة أوالتابعين، و لهذا أهميته كبرى في مجال الفقه المقارن، كما لا يخفى.
6 - ومسك الختام في هذه الملاحظات، أنَّه على مذهب أصحاب الحديث في الاعتقاد، ومن وقف على شرحه على حديث النزول، يعرف هذه الحقيقة، ولعلَّ الله تعالى أن ييسر لي إتمام التعليق على هذا الشرح النفيس لهذا الحديث العظيم - حديث النزول - حيث قمتُ باستخراجه من كتابه التمهيد، وعلقتُ عليه بما فتح الله تعالى عليَّ، وسيخرج بإذن الله تعالى في رسالة مستقلة قريباً إن شاء الله تعالى.
أقول:
إنَّ الإمام ابن عبد البر يكتب كل ذلك بلغة واضحة و سهلة بعيدة عن التعقيد أو الحشو، فرحمة الله تعالى عليه إنَّه إمام بحق.
ملاحظة: لقد كتبتُ هذه الملاحظات من الذاكرة لذلك اعتذر عن ايراد الأمثلة على كل ملاحظة من هذه الملاحظات، والنية متجهة نحو كتابة بحث مستفيض عن كتاب التمهيد بعد الانتهاء من قراءة الكتاب بالكامل، حتى تكون الصورة أوضح، والحكم أدق، ولكن نزولاً عند رغبة الأخ الفاضل:" فلاح حسن البغدادي ", قدمتُ ما قدمت .. وبارك الله تعالى في الجميع.
أخوكم من بلاد الشام
أبو محمد السوري
ـ[فلاح حسن البغدادي]ــــــــ[05 - 07 - 10, 05:53 ص]ـ
بارك الله فيك على هذه الفوائد العزيزة التي تستحق أن يشد إليها الرحال، ووالله إنها لدرر أسأل الله أن يجعلها في سجل حسناتك، ووفقك الله لإتمام ما أنت فيه، وأن ييسر لك ويبارك في وقتك، وأن يجعل لك القبول في الأرض
ـ[أبو محمد السوري]ــــــــ[07 - 08 - 10, 01:51 م]ـ
الحمد لله رب العاليمن .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد:
¥