تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[28 - 03 - 02, 09:10 م]ـ

مقال الشيخ الدكتور: حمزة المليباري.

قال في كتابه المستطاب ((الموازنة بين المتقدمين والمتأخرين)) [الطبعة الثاني]:

من هم المتقدمين ومن هم المتأخرين من المحدثين؟

وما حاجتنا إلى معرفة ذلك في قسمي علوم الحديث: النظري والتطبيقي؟

وهل يصح أن نضفي على المناهج والمفاهيم المتفق عليها لدى المتأخرين شرعية مطلقة لتفسير نصوص المتقدمين وتأويل مصطلحاتهم في مجال التصحيح والتضعيف، أو في مجال الجرح والتعديل؟

وما مصداقية ذلك التفسير إذا لم تعتبر فيه الخلفية العلمية لتلك المصطلحات، وأساليب أصحابها في استعمالها؟

ومن الجدير بالذكر أن معرفة الإجابة الدقيقة عن هذه التساؤلات أمر لا بد منه لمن يتعامل مع نصوص المتقدمين في مجال التصحيح والتضعيف والجرح والتعديل، التي تزخر بها مصادر الحديث وكتب الرجال، وذلك لتفادي التلفيق بين المناهج المختلفة عند تحديد مفاهيم المصطلحات ودلالات النصوص ذات الطابع النقدي.

ولذا نرى من الضروري أن نشرح مواقف الأئمة تجاه مسألة التفريق بين المتقدمين و المتأخرين بوجه عام في قسمي علوم الحديث: النظري والتطبيقي، ثم نسلط الضوء على الأمور التاريخية التي أدت إلى تباين المنهج بينهم في ذلك عموما، حتى تكون الإجابة على تلك التساؤلات واقعية دقيقة.

التفريق بين المتقدمين و المتأخرين واقع تاريخي يجب احترامه:

سبق لي ذكر مسألة التفريق بين المتقدمين والمتأخرين في كتابي " نظرات جديدة في علوم الحديث"، لكني أعيدها هنا بشيء من التفصيل لأمرين:

الأول: استدراك بعض النقائص التي دفعت ببعض الإخوة إلى إساءة الظن بنا، وتعكير صفاء هذا الموضوع الذي نحن بحاجة ماسة إلى بلورته وإثرائه، من أجل التحرر من الإشكالات المعقدة كافة حول كثير من أنواع علوم الحديث، وفهم ما تحويه مصطلحاتها من الأبعاد النقدية فهما صحيحاً متكاملاً، والتأصيل لمنهج المحدثين النقاد في تصحيح الأحاديث وتعليلها، دون خلطه بمناهج الفقهاء وعلماء الكلام والأصول، بإذن الله سبحانه وتعالى.

الثاني: أن هذه المسألة تشكل نقطة أساسية لموضوع هذا البحث.

إن قضية التفريق بين المتقدمين والمتأخرين في قسمي علوم الحديث: النظري والتطبيقي، ليست فكرة محدثة كما يتصورها بعضنا، ولا هي بدعة منكرة، ولا هي مجرد خاطرة خطرت ببالنا كما اتهمنا بها بعض آخر، وإنما هي فكرة قديمة نوه بها قبلنا علماء التحقيق والتدقيق من المتأخرين أنفسهم. وما دعاني إلى إثارتها من جديد إلا إحياء منهج المحدثين النقاد المتقدمين في تصحيح الأحاديث وتعليلها، بعد أن لمست في كثير من البحوث والدراسات المعاصرة انتهاج منهج ملفق بين منهج المحدثين النقاد وبين منهج الفقهاء وعلماء الأصول، ثم إلصاقه بنقاد الحديث.

موقف العلماء من التفريق بين المنهجين:

ونسوق هنا من النصوص ما يحدد لنا بدقة مواقف العلماء تجاه قضية التفريق بين المتقدمين والمتأخرين في التصحيح والتضعيف وما يتعلق بهما من القضايا والمسائل.

قال الحافظ الذهبي (رحمه الله تعالى): " يا شيخ ارفق بنفسك والزم الإنصاف ولا تنظر إلى هؤلاء الحفاظ النظر الشزر ولا ترمقنهم بعين النقص، ولا تعتقد فيهم أنهم من جنس محدثي زماننا حاشا وكلا، وليس في كبار محدثي زماننا أحد يبلغ رتبة أولئك في المعرفة فإني أحسبك لفرط هواك تقول بلسان الحال إن أعوزك المقال: من أحمد؟ وما ابن المديني؟ وأي شئ أبو زرعة وأبو داود؟ فاسكت بحلم أو انطق بعلم، فالعلم النافع هو ما جاء عن أمثال هؤلاء ولكن نسبتك إلى أئمة الفقه كنسبة محدثي عصرنا إلى أئمة الحديث فلا نحن ولا أنت، وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذو الفضل 1.

ثم قال في ترجمة الإسماعيلي صاحب المستخرج على صحيح البخاري: " صنف (يعني الإسماعيلي) مسند عمر رضي الله عنه، طالعته و علقت منه وابتهرت بحفظ هذا الإمام، وجزمت بأن المتأخرين على إياس من أن يلحقوا المتقدمين 2.

والجدير بالذكر أن الذهبي قد أدرج الإسماعيلي المتوفى سنة 371 هـ، من المتقدمين، على الرغم من قوله بأن " الحد الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين ثلاث مائة سنة " 3.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير