ثانيًا: لن ألتزم بنص عبارة المؤلف -رحمه الله- بل قد أذكرها بالمعنى، وقد أذكرها نصًّا، وأرجو أن أتمكن من ذكر هذا في موضعه -إن شاء الله-.
ثالثًا: هناك بعض التأويلات التي وقع فيها الشارح -رحمه الله-، سأذكرها معقبًا عليها -بإذن الله-.
رابعًا: الفوائد متنوعة، بين الفقه والحديث واللغة والفوائد المنثورة، مثل ثناء المؤلف على كتاب أو إمام أو غير ذلك.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[07 - 04 - 10, 01:31 ص]ـ
1 - (1/ 209) - نقل النووي عن ابن بطال قوله: "وهذا المعنى [أي زيادة الإيمان ونقصانه] أراد البخاري -رحمه الله-، إثباته فى كتاب الإيمان وعليه بَوَّب أبوابه كلها، فقال: "باب أمور الإيمان"، وباب "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، وباب "إطعام الطعام من الإيمان"، وباب "من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، وباب "حب الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الإيمان"، وباب "الصلاة من الإيمان"، وباب "الزكاة من الإيمان"، وباب "الجهاد من الإيمان"، وسائر أبوابه، وإنما أراد الرَّد على المرجئة في قولهم [1]: إن الإيمان قول بلا عمل، وتبيين غلطهم وسوء اعتقادهم ومخالفتهم للكتاب والسُّنَّة، ومذاهب الأئمة". انظر: شرح ابن بطال (1/ 79).
2 - (1/ 210) - قال: "نفس التصديق يزيد بكثرة النظر وتظاهر الأدلة، ولهذا يكون إيمان الصديقين أقوى من إيمان غيرهم، بحيث لا تعتريهم الشبه، ولا يتزلزل إيمانهم بعارض"، وإنما ذكر هذا ليرد على من قال إن نفس التصديق لا يزيد ولا ينقص.
3 - (1/ 211) - ذكر الشارح أن المقتصر على لا إله إلا الله أنه ليس مسلمًا على المشهور من مذاهب العلماء، وقال بعضهم يكون مسلمًا ويطالب الشهادة الأخرى، فإن أبى صار مرتدًا، ويحتج أصحاب هذا القول بقوله -صلى الله عليه وسلم- "أمرت أن أقاتل الناس ... " وهذا محمول على قول الشهادتين، وإنما اقتصر على إحداهما لارتباطهما.
4 - (1/ 213، 214) - قال رحمه الله: "اعلم أن مسلما - رحمه الله - سلك في هذا الكتاب طريقة في الإتقان والاحتياط والتدقيق والتحقيق مع الاختصار البليغ، والإيجاز التام، في نهاية من الحسن مصرحة بغزارة علومه، ودقة نظره وحذقه، وذلك يظهر في الإسناد تارة، وفي المتن تارة، وفيهما تارة، فينبغي للناظر في كتابه أن يتنبه لما ذكرته؛ فإنه يجد عجائب من النفائس والدقائق تقر بآحاد أفرادها عينُه، وينشرح لها صدره، وتنشطه للاشتغال بهذا العلم، واعلم أنه لا يعرف أحد شارك مسلما في هذه النفائس التي يشير إليها من دقائق علم الإسناد، وكتاب البخاري وإن كان أصح وأجل وأكثر فوائد في الأحكام والمعاني، فكتاب مسلم يمتاز بزوائد من صنعة الإسناد".
ثم ذكر مثالا على هذا في حديث رقم (8).
قال مسلم: (حدثني أبو خيثمة)، وقال في الطريق الآخر: (حدثنا عبيدالله بن معاذ)، ففرقَ بين (حدثني)، و (حدثنا)، للقاعدة المعروفة: أنه يقول (حدثني) إذا سمعه وحده من لفظ الشيخ، ويقول (حدثنا) فيما سمعه مع غيره، ويقول (أخبرني) فيما قرأه على الشيخ وحده، ويقول (أخبرنا) فيما قرئ على الشيخ وهو حاضر.
قلت: يمكن الإفادة من كتاب: "عبقرية الإمام مسلم" لـ د. حمزة المليباري.
ومن أمثلة حسن صناعة الإمام مسلم:
5 - (1/ 214) - قال الشارح "قال في الطريق الأول: (حدثنا وكيع عن كهمس عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر) ثم في الطريق الثاني أعاد الرواية (عن كهمس عن ابن بريدة عن يحيى) فقد يقال: هذا تطويل لا يليق بإتقان مسلم واختصاره، فكان ينبغي أن يقف بالطريق الأول على وكيع، ويجتمع معاذ ووكيع في الرواية عن كهمس عن ابن بريدة وهذا الاعتراض فاسد لا يصدر إلا من شديد الجهالة بهذا الفن؛ فإن مسلما رحمه الله يسلك الاختصار لكن بحيث لا يحصل خلل، ولا يفوت به مقصود، وهذا الموضع يحصل في الاختصار فيه خلل، ويفوت به مقصود؛ وذلك لأن وكيعا قال: عن كهمس، ومعاذ قال: حدثنا كهمس، وقد علم بما قدمناه في باب المعنعن أن العلماء اختلفوا في الاحتجاج ولم يختلفوا في المتصل، فأتى مسلم بالروايتين كما سمعتا ليعرف المتفق عليه من المختلف فيه وليكون راويا باللفظ الذي سمعه".
6 - (1/ 215) - وقال الشارح: "وهنا مقصود آخر: وهو أن في رواية وكيع قال: عن عبد الله بن بريدة، وفي رواية معاذ قال: عن ابن بريدة، فلو أتى بأحد اللفظين حصل خلل فإنه إن قال: ابن بريدة لم ندر ما اسمه، وهل هو عبد الله هذا، أو أخوه سليمان بن بريدة؟ وإن قال: عبد الله بن بريدة كان كاذبا على معاذ فإنه ليس في روايته عبد الله والله أعلم".
وقال الشارح: "ومن ذلك قوله: (وحدثنا عبيد الله بن معاذ وهذا حديثه)، فهذه عادة لمسلم - رحمه الله - قد أكثر منها وقد استعملها غيره قليلا وهي مصرحة بما ذكرته من تحقيقه وورعه واحتياطه ومقصوده أن الراويين اتفقا في المعنى واختلفا في بعض الألفاظ وهذا لفظ فلان والآخر بمعناه والله أعلم".
7 - (1/ 215، 216) - قال الشارح رحمه الله: "فهذا ما حضرني في الحال في التنبيه على دقائق هذا الإسناد وهو تنبيه على ما سواه، وأرجو أن يتفطن به لما عداه ولا ينبغي للناظر في هذا الشرح أن يسأم من شيء من ذلك يجده مبسوطا واضحا فإني إنما أقصد بذلك -إن شاء الله الكريم الإيضاح والتيسير والنصيحة لمطالعه وإعانته وإغناءه من مراجعة غيره في بيانه، وهذا مقصود الشروح، فمن استطال شيئا من هذا وشبهه فهو بعيد من الإتقان، مباعد للفلاح في هذا الشأن، فليعز نفسه لسوء حاله، وليرجع عما ارتكبه من قبيح فعاله، ولا ينبغي لطالب التحقيق والتنقيح والإتقان والتدقيق أن يلتفت إلى كراهة أو سآمة ذوي البطالة، وأصحاب الغباوة والمهانة والملالة، بل يفرح بما يجده من العلم مبسوطا، وما يصادفه من القواعد والمشكلات واضحا مضبوطا، ويحمد الله الكريم على تيسيره، ويدعو لجامعه الساعي في تنقيحه وإيضاحه وتقريره. وفقنا الله الكريم لمعالي الأمور، وجنبنا بفضله جميع أنواع الشرور، وجمع بيننا وبين أحبابنا في دار الحبور والسرور، والله أعلم".
يتبع إن شاء الله.
ـــــــــــــ
[1] كذا في شرح النووي، ووقع في شرح ابن بطال: لقولهم.
¥