تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا الحديث صححه المتأخرون منهم ابن حبان (3518)، والحاكم في المستدرك 1/ 427 فقال: ((صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه))، والبغوي في شرح السنة (1755)، وصححه أيضاً العلامة الألباني في تعليقه على ابن خزيمة 3/ 226، والشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على المسند الأحمدي 16/ 284، والدكتور بشار في تعليقه على ابن ماجه 3/ 172، بينما نجد جهابذة المتقدمين أعلوا هذا الحديث بالوقف وعدوه من أوهام هشام بن حسان، وإن الصواب في الحديث الوقف. قال البخاري: ((لم يصح)) التأريخ الكبير 6/ 251، وقال أيضاً: ((لا أراه محفوظاً)) نقله عنه تلميذه الترمذي عقب (720)، وقال أبو داود: ((قلت له -يعني الإمام أحمد- حديث هشام، عن محمد، عن أبي هريرة؟ قال: ليس من هذا شيء)) سؤالات أبي داود: 292، وقال البيهقي: ((وبعض الحفاظ لا يراه محفوظاً)) السنن الكبرى 4/ 219، ونقل الزيلعي عن مسند إسحاق بن راهويه: ((قال عيسى بن يونس زعم أهل البصرة أن هشاماً وهم في هذا

الحديث)) نصب الراية 2/ 449، وقال الدارمي: ((زعم أهل البصرة أن هشاماً أوهم فيه، فموضع الخلاف ههنا)) سنن الدرامي 1/ 25، ووجه توهيم هشام بن حسان: أن الحديث محفوظ موقوفاً، ورفعه وهم توهم فيه هشام. قال البخاري: ((ولم يصح وإنما يروى هذا عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه، وخالفه يحبى بن صالح، قال: حدثنا يحيى، عن عمر بن حكيم بن ثوبان سمع أبا هريرة، قال: ((إذا قاء أحدكم فلا يفطر فإنما يخرج ولايولج)) التاريخ الكبير 1/ 251، وهذا نظر عميق من البخاري في إعلال الرواية المرفوعة بالرواية الموقوفة، وإن سبب الوهم الذي دخل على هشام إنما كان بسبب رواية عبد الله بن سعيد المتروك، وقد وافق البخاري على هذا الإعلال الإمام النسائي، فقد قال: ((وقفه عطاء))، ثم ذكر الرواية الموقوفة. السنن الكبرى عقب (3130)، وقد خالف الشيخ ناصر الدين الألباني ذلك فصحح الحديث في تعليقه على صحيح ابن خزيمة 3/ 229 معتمداً على متابعة حفص بن غياث - وهي عند ابن ماجه (1676)، والحاكم 1/ 426، والبيهقي 4/ 429 - لعيسى بن يونس قال: ((وإنما قال البخاري وغيره:بأنه غير محفوظ لظنهم أنه تفرد به عيسى بن يونس، عن هشام)) إرواء الغليل 3/ 53.

قلت: وهذا بعيد جداً؛ لأنه يستبعد عن الأئمة الحفاظ السابقين الذين حفظوا مئات ألوف من الأسانيد أنهم لم يطلعوا على هذه المتابعة، فأصدروا هذا الحكم، بل إن العلة عندهم هي وهم هشام لا تفرد عيسى بن يونس كما صرح به البخاري في تاريخه؛ فإنه قال: ((إن حديث هشام عندهم وهم لا يلتفت إليه)) التاريخ الكبير 1/ 19، وقد تقدم قول عيسى بن يونس في توهيم هشام ونقله عن أهل البصرة ذلك، وإقرار الدارمي ذلك، ومما يدل على أن المتابعة التي ذكرها الشيخ الألباني معروفة لديهم أن أبا داود الذي سأل الإمام أحمد بن حنبل عن حديث هشام قد أشار إلى متابعة حفص لعيسى، إذ قال: ((ورواه أيضاً حفص بن غياث، عن هشام مثله)) السنن عقب

(2380).

إذن فإعلال جهابذة المحدثين ومنهم: أحمد والبخاري والدارمي والنسائي -وَهُمْ مَنْ هُمْ في الحفظ والإتقان -لا ينفعه ولا يضره تصحيح المتأخرين.

ومن الأمثلة الأخرى التي من خلالها يظهر لنا جليا تباين منهج المتقدمين والمتأخرين في التصحيح والتعليل حديث رواه الترمذي الجامع الكبير (2651)، قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا نوح بن قيس، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((يأتيكم رجال من قبل المشرق يتعلمون، فإذا جاءوكم فاستوصوا بهم خيراً) قال: فكان أبو سعيد إذا رآنا، قال: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير