[من صور نصرة العلماء للسنة في العصر الحديث]
ـ[العوضي]ــــــــ[22 - 05 - 10, 02:53 م]ـ
من صور نصرة العلماء للسنة
في العصر الحديث
بقلم: أبو زيد محمد
إنَّ محاولات تشكيك المسلمين في السنة النبوية التي هي الأصل الثاني لهذا الدين في مجموع بنيته: عقيدةً وشريعةً وأخلاقاً، قد أخذ أساليب متعددة ومسارب مختلفة، منذ عهد مبكر من تاريخ المسلمين.
1. فتارةً عن طريق التشكيك في ثبوتها، وأنها آحادية وليست متواترة.
2. وتارةً أخرى عن طريق اختلاف الروايات التي تُظهر الأحاديث بمظهر السطحية والسذاجة في التفكير، ومخالفة الواقع المحسوس، أو العقل الصريح، أو النقل الصحيح، أو التجربة المسلَّمة.
3. وتارةً بالطعن في حملتها الأولين ورواتها الأقدمين من الصحابة والتابعين.
4. و منهم من طعن في حجية السنة النبوية وقيمتها التشريعية.
5. ومنهم من أثار الارتياب في الأسانيد وقيمتها العلمية.
6. ومنهم من ادَّعى تأخر كتابة الأحاديث إلى قرن أو أكثر، ومن ثم فإنه لا يمكن الاعتماد عليها، لأن الذاكرة -بضعفها الطبيعي - لابد أن تكون قد خانت في نقلها الأحاديث شفاهاً، وقصرت في الحفاظ عليها خلال هذه المدة الطويلة.
7. ومنهم من ادَّعى أنَّ الأحاديث الفقهية - على وجه الخصوص -، كانت من وضع الفقهاء في القرنين الثاني والثالث ليدعموا مذاهبهم الفقهية!!
8. وجاء آخرون ليقرروا أنَّ السنة كانت أحكاماً مؤقتةً لعصر النبي صلى الله عليه وسلم، وأصبحت الآن عديمة الجدوى، وتسربت هذه الفكرة إلى البلاد الإسلامية، وأخذت شكلاً منظماً، فظهر في شبه القارة الهندية منذ أوائل القرن الرابع عشر الهجري، جماعة تنادي بعدم الاحتجاج بالسنة، وسَمَّوا أنفسهم بـ (أهل القرآن) لاكتفائهم بأخذ الأحكام من القرآن وحده دون السنة، وأَلَّفوا كتباً ورسائل كثيرة لنشر أفكارهم ومعتقداتهم.
وكان في مقدمة من أثار هذه الطعون وعرض لها بالبحث والدراسة المستشرقون.
وممَّا يؤسف له غاية الأسف، أنَّ سياسة (التدجين والتفريغ)، التي عمل عليها الاستشراق - في بعض مدارسه- في العالم الإسلامي، أفضت إلى وجود بعض المتغربين من المسلمين المعاصرين الذين رددوا تلك الشبهات والمقولات والطعون، بصيغ وطروحات وأشكال مختلفة، وتتباين كذلك في جهارتها وخفائها، ومِنْ هؤلاء مَنْ تلقَّف هذه الشبهات والطعون ونسبها إلى نفسه زوراً وبهتاناً، فكان كلابس ثوبيْ زُور، وبعض الناس من الجهلة المتعالمين لم ينتحلها لنفسه، ولكنه تبناها وارتضاها، ومَكَّنَ لها ودافع عنها.
وقد واجه علماء المسلمين ومفكروهم، هذه الطروحات المشكَّكة والطاعنة منذ بدايات ظهورها، فناقشوها ودفعوها بحجة وعلم وبرهان، وكشفوا زيفها، ووهن بنائها، مع بيانهم للدوافع والمقاصد التي كانت وراءها.
و من الموضوعات التي اهتم بها العلماء والباحثون في هذه الفترة الزمنية المعاصرة، وأولوها عنايتهم، موضوع (تاريخ السنة النبوية وعلوم الحديث):
1. حيث عرضوا لمراحل كتابة الحديث النبوي، ثم جمعه وتدوينه ثم تصنيفه، ومناقشة ما أثير حول ذلك تفصيلاً - وبخاصة من قبل المستشرقين -، وذكر الأدوار التاريخية التي مر بها.
2. كما عرضوا للمراحل التي مر فيها فَنُّ (علوم الحديث)،منذ نشأته في عصر الصحابة رضوان الله عليهم، وما كان فيه من ظهور أصول قوانين الرواية وتوثيق الحديث سنداً ومتناً، إلى وقتنا الحاضر.
3. كما بحثوا طويلاً في مسألة ظهور الوضع في الحديث، وأطواره، وبيان أسبابه، ووسائل مواجهته، وجهود العلماء في مقاومته.
4. كما اتجه بعضهم للتأريخ للسنة النبوية وعلومها في رقعة جغرافية من رقاع العالم الإسلامي بخصوصها، وضمن فترة زمانية محددة.
5. واتجه آخرون إلى التأريخ لجهود المرأة في خدمة الحديث النبوي في فترات زمانية محددة.
6. و إذا كان (علم أصول الفقه) هو ميزان المعقول، فإنَّ (علم أصول الحديث) هو ميزان المنقول، وكلا العلمين يمثل إضافة حقيقية هامة ومتفردة في التأصيل للفكر المنهجي، والتحصين الثقافي، والتميز الحضاري للمسلمين، ففيهما وقع الردّ على تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
¥