تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الطعن في حديث لطم موسى ملكَ الموتِ

ـ[أبو حفص المصمودي]ــــــــ[02 - 06 - 10, 08:49 م]ـ

ينكر بعض الناس صحة حديث " لطم موسى ملك الموت" *، والذي أورده الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة أن رسول الله r قال: جاء ملك الموت إلى موسى u فقال له: أجب ربك، قال: فلطم ([1]) موسى u عين ملك الموت ففقأها، قال: فرجع الملك إلى الله تعالى، فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت، وقد فقأ عيني، قال: فرد الله إليه عينه، وقال: ارجع إلى عبدي فقل: الحياةَ تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور ([2]) فما توارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة، قال: ثم مه ([3]) قال: ثم تموت، قال: فالآن من قريب رب أَمِتْنِي من الأرض المقدسة ومية بحجر ([4]) قال رسول الله صلى عليه وسلم: " والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق ([5]) عند الكثيب ([6]) الأحمر".

وزعموا أن هذا الحديث مخالف للعقل والشرع، واستدلوا على دعواهم بعدة استشكالات حول هذا الحديث وهي:

ـ أن هذا الحديث جاء في الصحيحين من طريق عبد الرزاق بن همام الصنعاني وهو منسوب إلى التشيع، وقد اختلط في آخر عمره بعدما عمي، ثم إن مداره على أبي هريرة، وقد تفرد به، وقد كان يأخذ عن كعب الأحبار الإسرائيلي ويروي بالمعنى وليس هو من جملة الفقهاء.

ـ كيف لموسى u أن يقفأ عين ملك الموت، وقد جاءه بأمر الله؟ فإن كان قد عرفه فهذا استخفاف منه به، وعدم انقياد لأمر الله؛ وإن لم يكن يعرفه فلماذا لم يقتص الله منه للملك؟

ـ هل الملائكة تعرض لهم العاهات التي تعرض للبشر من عور أو عمى؟

ـ وهل لنبي من أولى العزم أن يكره الموت، في الوقت الذي أحب فيه الصالحون لقاء الله؟

ـ كيف لملك الموت أن يخالف أمر الله في المرة الأولى في تنفيذ قضائه بقبض موسى u، وهل في قضاء الله بالموت على أحد رجعة أو تخيير والآية تقول: ژ????ہہہہھھژ (الأعراف: 34).

رامين من وراء هذه الطعون والتساؤلات إلى الطعن في صحة هذا الحديث بما يوجب رده، وإثارة الشكوك حول الأحاديث الصحاح.

وهذا الكلام ساقط من وجوه

نوردها إجمالا فنقول:

1 ـ حديث لطم موسى لملك الموت في أعلى درجات الصحة، رواه الثقات العدول من أئمة الإسلام والحديث، ونسبة عبد الرزاق ـ أحد رواته ـ للتشيع لا تقدح في روايته، وغمز أبي هريرة رضي الله عنه برواية الإسرائيليات إغفال للحق، وقصد غير سبيل المؤمنين، فقد أجمعت الأمة على حفظه، لتواتر عدالته ـ وعموم الصحيح ـ عن الله ورسوله، فلا يسعنا إلا أن نسلم بما صح عن رسول الله r، ولا يرد بمجرد استشكال العقل القاصر.

2 ـ تمثل ملك الموت في صورة بشر أمر غير مستغرب ولا ممتع، فقد دلت نصوص القرآن والسنة على ظهور الملائكة في صورة البشر، بما يخفى حالهم على الأنبياء ـ فضلًا عن عموم الناس ـ ولا يلزم من ذلك خروج الملك عن ملكيته, وفقء موسى لعين ملك الصورة البشرية التي تمثل فيها ملك الموت رد فعل طبيعي، يتصف بالشرعية مع رجل غريب اقتحم بيته بغير إذنه يطلب روحه.

3ـ كراهية الموت أمر جبلي فطر الله الناس، عليه ولو سلمنا بأن موسى u كره الموت ـ مع أن المدقق يرى خلاف ذلك ـ فإن ذلك لا يشينه، فقد سمى الله الموت في القرآن مصيبة وبلاء، وقد أقر النبي r قول الصحابي: " كلنا يكره الموت"، وبين لهم أن كراهية الموت ليست هي كراهة لقاء الله، ونهاهم عن تمني الموت.

ومع كل هذا فموسى u لم يخرج عن بشريته لكونه نبيًّا مرسلًا.

4ـ لطم موسى لملك الموت لا يعد اعتراضًا على قضاء الله لثبوت عدم معرفته لملك الموت ابتداء، دل على ذلك اختياره جوار ربه في المرة الثانية لما خُيِّر بين الموت والبقاء، وليس هذا اضطرابًا في الآجال كما يزعم البعض، فقد سبق في علم الله أن قبض موسى u لا يكون إلا بعد هذه المراجعة والتخيير، وإن لم يطلع ملك الموت على ذلك أولًا.

كان هذا هو الموجز وإليك الجواب بالتفصيل:

أولاً: الحديث في أعلى درجات الصحة، وتلقته الأمة بالقبول والتسليم:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير