وقد رواه البيهقي من طريق أخرى عن الحسن وقال البيهقي: هكذا جاء مرسلاً - ومراسيل الحسن عندهم ليست بشيء - ورواه أيضًا من حديث أبي أمامة بلفظ: (إن لله عند كل فطر عتقاء من النار). وقال: غريب جدًّا. ورواه أيضًا من حديث ابن مسعود بلفظ: (لله تعالى عند كل فطر من شهر رمضان كل ليلة عتقاء ستون ألفًا فإذا كان يوم الفطر أعتق مثلما أعتق في جميع الشهر). ورواه الديلمي باللفظ الأول. وهو وإن كان يروي للضعفاء إلا أن اضطراب الحديث في رواياته وما فيه من التغرير وتجريء العوام على انتهاك الحرمات واقتراف السيئات ومن الغلو في المبالغة الذي هو من علامات الوضع , ومن فساد المعنى بالنسبة لأشهر الروايات وهما رواية ألف ألف ورواية ستمائة ألف ولم يكن الذين يصومون رمضان في عهده صلى الله عليه وسلم يبلغون عدد عتقى ليلة واحدة - كل ذلك يدلنا على أن تعدد الروايات لا ينافي وضع الحديث واختلاقه. فبعدًا لخطباء الجهالة الذين يقرأونه على المنابر يغرّون به الناس.
- ومنها حديث: (لو أذن الله لأهل السموات والأرض أن يتكلموا لبشروا صوَّام رمضان بالجنة). رواه العقيلي عن أنس مرفوعًا وقال: (إسناد مجهول وحديث غير محفوظ). وهو مما يذكره الخطباء.
- ومن الأحاديث الواهية التي يذكرها الخطباء على المنابر حديث: (نوم الصائم عبادة وصمته تسبيح وعمله مضاعف ودعاؤه مستجاب وذنبه مغفور) , رواه البيهقي والديلمي وابن النجار من حديث عبد الله بن أبي أوْفى الأسلمي. قال البيهقي عقيب إيراده: معروف بن حسان - أي أحد رجاله - ضعيف , وسليمان بن عمر النخعي أضعف منه. وقال العراقي: سليمان النخعي أحد الكذابين.
ونقول: يا لله العجب من هؤلاء الذين ألفوا دواوين الخطب الجمعية كيف تحرَّوْا الأحاديث الموضوعة والواهية , ومن أين جمعوها , ولمَ عادوا الأحاديث الصحيحة واجتنبوها؟!
- ومنها حديث: (إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين). رواه ابن حبان عن ابن عمر مرفوعًا وقال: لا أصل له.
- ومنها حديث: (ثلاثة لا يسألون عن نعيم المطعم والمشرب - المفطر والمتسحر وصاحب الضيف , وثلاثة لا يسألون عن سوء الخلق المريض والصائم والإمام العادل). قال في الذيل: فيه مجاشع يضع. أي فهو مكذوب.
- ومنها حديث: (أنه يسبح من الصائم كل شعرة وتوضع للصائمين والصائمات يوم القيامة تحت العرش مائدة من ذهب) إلخ في إسناده أبو عصمة وضّاع.
- ومنها حديث: (صوموا لتصحوا). قال الصغاني: موضوع , وقال في المختصر: ضعيف.
- ومنها حديث: أن أنسًا أكل البَرَد وهو صائم وقال: إنه ليس بطعام فقرره صلى الله عليه وسلم على ذلك. قال في الذيل: فيه عبد الله بن الحسين يسرق الحديث.
- ومنها حديث: (إنما سمي رمضان لأنه يرمض الذنوب , وإن فيه ثلاث ليال ليلة سبع عشرة وليلة تسع عشرة وليلة إحدى وعشرين من فاتته فاته خير كثير , ومن لم يغفر له في شهر رمضان ففي أيّ شهر يغفر له). قال في الذيل: في إسناده زياد بن ميمون كذّاب.
- ومنها حديث: (أن الله أوحى إلى الحفظة أن لا تكتبوا على صوام عبيدي بعد العصر سيئة). رواه الخطيب عن أنس مرفوعًا. قال الدارقطني: إبراهيم بن عبد الله المروزي ليس بثقة حدّث عن قوم ثقات بأحاديث باطلة هذا منها. ونقول: هو إباحة للمعاصي في ذلك الوقت قاتل الله واضعه ما أشد إغواءه وإضلاله.
- ومنها حديث: (إذا سلمت الجمعة سلمت الأيام وإذا سلم رمضان سلمت السنة) , رواه الدارقطني والبيهقي عن عائشة مرفوعًا , وفي إسناده عبد العزيز بن أبان وهو كذاب. ووراه أبو نعيم في الحلية بإسناد آخر فيه أحمد بن جمهور وهو متهم بالكذب.
- ومنها حديث: (من أفطر على تمرة من حلال زيد في صلاته أربعمائة صلاة) , رواه تمام في فوائده عن أنس مرفوعًا , وفي إسناده موسى الطويل كان يضع الحديث.
- ومنها حديث: (من تأمل خلق امرأة حتى يبين له حجم عظمها وراء ثيابها وهو صائم فقد أفطر). رواه ابن عدي عن أنس مرفوعًا وهو موضوع فيه كذابان.
- ومنها حديث: (خمس يفطرن الصائم وينقضن الوضوء الكذب والنميمة والغيبةوالنظر بشهوة واليمين الكاذبة). قال في اللآلي: موضوع , سعيد - يعني ابن عنبسة - كذاب والثلاثة فوقه مجروحون. أقول: وله طرق أخرى فيها وضاعون أيضًا إلا طريق داود بن رشيد فهو متقارب ليس فيه من رمي بالكذب لكن فيه محمد بن حجاج ضعيف , وأورده الإمام الغزالي في الإحياء بناء على أنه ضعيف يعمل به في التنفير عن الرذائل التي لم يشرع الصوم إلا لاتقائها.
- ومنها حديث: (من أفطر يومًا من رمضان فليهد بدنة , فإن لم يجد فليطعم ثلاثين صاعًا من تمر للمساكين) , رواه الدارقطني عن جابر مرفوعًا وفي إسناده مقاتل بن سليمان كذاب , و الحارث بن عبيدة الكلاعي ضعيف.
- ومنها حديث: (من أفطر يومًا من رمضان من غير رخصة ولا عذر كان عليه أن يصوم ثلاثين يومًا , ومن أفطر يومين كان عليه ستون يومًا ومن أفطر ثلاثًا كان عليه تسعون يومًا). رواه الدارقطني عن أنس مرفوعًا وقال: لا يثبت , عمر بن أيوب المفضل لا يحتج به , و محمد بن صبيح ليس بشيء.
- ومنها حديث: (من فطر صائمًا على طعام وشراب من حلال صلت عليه الملائكة) رواه ابن عدي عن سليمان مرفوعًا. قال ابن حبان: لا أصل له , وفي إسناد ابن عدي متروكان , وفي إسناد ابن حبان متروك.
¥