تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[20 - 04 - 05, 01:30 م]ـ

إن الموضوع المطروح من قبل الأخ المكثر عبد الرحمن الفقيه لهو موضوعٌ جد دقيق وشائك، ولا أظن أن مشاركات مقتضبة عبر هذا الموقع أو غيره يمكن أن تحمل في طياتها الجواب الشافي، وما تم تسطيره من مشاركات هي جهود مشكورة لفهم كلام القدماء في هذه المسألة.

وهذه القضية أي ((لا يروى إلا من هذا الوجه)) أو ((لم يروه إلا فلان)) و ((لم يروه مرفوعاً إلا فلان)) و ((لا يُتابع على حديثه))، ونظير هذه العبارات التي يقرؤها كل ممارس لعلم الحديث ويجد خلافها هل يحق له أن يستدرك على الحفاظ القدماء ويفرح بوجود ما لم يجدوا، أم أن الأمر قد أغلق وباب الاجتهاد في هذا الجانب قد انتهى، نظير ما ذكره ابن الصلاح من عدم إمكانية تصحيح الأحاديث في الأعصر المتأخرة، وخالفه محدثو عصره ومن جاء بعدهم، وفي هذا الصدد ستأتي مشاركتي هذه من شقين، أرى أنهما جديران بالتوقف عندهما بالإضافة إلى ما سبقني إلى تسطيره الأخوة الفضلاء في مداخلاتهم.

أولاً: يجب أن ندرك إدراكاً تاماً أن الإنسان مهما علا كعبه في العلم لابد له من بعض الأخطاء والأوهام، وأن العصمة لله وحده، ولرسوله ? فيما يبلغه عن ربه، فقد يهم الحافظ، ويخطئ الثقة، وتخونه ذاكرته أحياناً، ولهذا يمكن أن نحمل بعض أقوالهم في نفي المتابعة أو وجود طريق أخرى للحديث على هذا الوجه، وبخاصة إذا روى من نفى ما يلغي نفيه، مثل أن يقول الحاكم مثلاً: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ويثبت أن البخاري ومسلماً أو أحدهما قد روى الحديث، فهذا وهم وخطأ واضح لا يمكن لأحد أن يلتمس له مخرجاً، كحديث ((كان النبي ? إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه)) قال ابن حجر (فتح الباري: 1/ 189): وللترمذي والحاكم في المستدرك حتى تعقل عنه، ووهم الحاكم في استدراكه وفي دعواه أنَّ البخاري لم يخرجه. وقال كذلك في (خلاصة البدر المنير: 2/ 54): حديث أنه ? نهى عن بيع الصبرة من التمر، رواه مسلم من رواية جابر ? واستدركه الحاكم وهو عجيب منه. والحديث في صحيح مسم رقم (1530)، وعند الحاكم في المستدرك 2/ 44، من نفس الطريق.

وأوضح من ذلك وألصقه بما نحن بصدده ما رواه الترمذي في الدعوات من حديث أبي هريرة مرفوعاً ((أعمار أمتي بين الستين إلى السبعين) وقال: غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه، وقد رواه قبل ذلك في الزهد من طريق أخرى عن أبي هريرة!!، ولهذا نقل المناوي (فيض القدير: 2/ 11) أن ابن حجر قال وهو عجيب منه فقد أخرجه أيضاً في الزهذ أيضاً من طريق أخرى عن أبي هريرة.

إذاً هناك نسبة وقد تكون قليلة جداً ناشئة عن الخطأ والوهم، ولكن السؤال من الذي يحدد هذا الخطأ أو ذاك الوهم؟ فهذا يحتاج إلى روية وإحاطة، وقد ألف الحفاظ قديماً في أوهام الثقات، وهذا يعد من أعز أنواع العلل.

ثانياً: ما يمكن أن نطلق عليه حكماً نهائياً على الحديث، ونفي وجود طريق أخرى للحديث أو متابعة له، إنما يراد به عدم وجود طريق يعتد بها أو ومتابعة تصلح للاعتبار، فقد تكون هذه الطريق أو المتابعة خطأً، فينفي الحافظ معرفته بها، أو ينكر وجودها لأنه خطأ، وهذا نظير ما وقع للإمام البخاري يرحمه الله عندما ورد إلى بغداد وقرر أهلها امتحانه بأن قلبوا له مئة حديث وسألوه عنها وكان يجيب على كل حديث بقوله (لا أعرفه)، مع أنهم يذكرون له إسناداً ومتناً (والقصة مبسوطة في أكثر من كتاب من كتب المصطلح).

وأبين من ذلك عندما كان يسأل الترمذي الأمام البخاري عن أحاديث ويذكر له إسنادها فيجيب البخاري رحمه الله: هذا حديث خطأ، إذا فأخطاء الرواة ولو كانوا من الثقات، والمقلوبات من الأحاديث لا تعد من الأحاديث ولا هي مما يعتبر به للتقوية أو رفع الغرابة، وبهذا يمكننا أن نفهم شيئاً من مرادهم بقولهم (لا نعرفه إلا من هذا الوجه) أو (لا يتابع على حديث)، لأن المراد من إيراد الطرق وبيان المتابعات التقوية، فإذا كانت الطريق لاتصلح للاعتبار فما الفائدة من ذكرها؟!

ـ[عبد]ــــــــ[20 - 04 - 05, 02:18 م]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير