تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا خلاف أنه لا يجوز نكاح بدون مهر لغير النبي صلى الله عليه وسلم والأصل في ذلك قوله تعالى وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين فأخبر تعالى أن ذلك خالص للنبي صلى الله عليه وسلم دون سائر المؤمنين فلا يحل ذلك لغيره ومن جهة السنة أن المرأة قالت له يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك فلم ينكر ذلك عليها فلو كان منكرا لأنكره عليها ولم يقرها عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقر على الباطل ثم أنه لما سأل القائم نكاحها لم يجعل له إلى ذلك سبيلا دون صداق مع حاجة القائم وفقره وعدم ما يصدقها إياه حتى أنكحه إياها بما معه من القرآن ولو جاز أن يخلو نكاح غير النبي صلى الله عليه وسلم من عوض لما منعه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مع شدة الفقر والحاجة.

(مسألة) إذا ثبت ذلك فهو على ضربين قال ابن حبيب إن عنى به هبة النكاح ولم يعن به هبة الصداق فهذا يفسخ قبل البناء وبعده ولها صداق المثل قال وإن عنى به نكاحها بغير صداق فلا يجوز وما أصدقها ولو ربع دينار فأكثر فجائز ولها لازم تجبر على ذلك قبل البناء وبعده وهذا الذي قاله فيه عندي نظر وإنما يجب إذا وهبت نفسها للرجل ولم ترد به النكاح وإنما أرادت به بذل البضع أن لا يكون هناك نكاح يثبت قبل البناء وبعده وإنما هو سفاح يثبت فيه الحد ولا يلحق فيه النسب وأما ما أراد به عقد النكاح من غير صداق ففي المدونة عن ابن القاسم قولان أحدهما أنه يفسخ قبل الدخول والثاني أنه يفسخ قبل الدخول وبعده وقال القاضي أبو الحسن وهو الصحيح عندي وقال الشيخ أبو إسحاق فيه ثلاث روايات الروايتان اللتان تقدمتا والثالثة أنها بمنزلة نكاح التفويض وهذا يقتضي إمضاءه قبل البناء وبعده.

(فرع) فإذا قلنا يفسخ بعد البناء فقد قال أشهب لها ثلاثة دراهم وقال أصبغ لها مهر المثل وإذا قلنا يثبت بعد البناء فقد قال مالك لها مهر المثل.

(الباب الثاني)

في حكم النكاح بلفظ الهبة مع ذكر العوض. وذلك أن يقول وهبتك وليتي على أن تصدقها مائة دينار أو ما اتفقا عليه ويقع العقد بذلك فقد حكى القاضي أبو محمد في إشرافه أن النكاح ينعقد بكل لفظ يقتضي التمليك المؤبد كالهبة والبيع دون ما يقتضي التوقيت وزاد القاضي أبو الحسن ولفظ الصدقة قال وسواء عندي ذكر المهر أو لم يذكره في لفظ الهبة والبيع والصدقة إذا علم أنهم قصدوا النكاح وبهذا قال أبو حنيفة وقال الشافعي لا ينعقد إلا بلفظ النكاح أو التزويج ورواه عن مالك المغيرة ومحمد بن دينار والدليل على صحة ما ذهب إليه مالك ما روى عبد العزيز بن أبى حازم عن أبيه عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث المتقدم للقائم قد ملكتكها بما معك من القرآن ووجه الدليل من الحديث أنه صلى الله عليه وسلم زوجه إياها بلفظ التمليك وذلك لا يجوز عند الشافعي ودليلنا من جهة القياس أن هذا لفظ يقتضي إطلاقه عقد تمليك مؤبد فجاز أن ينعقد به النكاح كلفظ النكاح والتزويج.

(فصل) وقوله فقام رجل فقال زوجنيها يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة دليل على جواز الخطبة التي قد أجابت إلى النكاح باستئذان الذي أجابته وأن المنع من أن يخطب أحد على خطبة أخيه إنما هو لحق الناكح فإذا استؤذن في الخطبة وصرف الأمر إليه في ذلك فلا حرج وهذا يقتضي أن النكاح مباح للفقير إذا وجد المهر، والنكاح في الجملة مندوب إليه ولا يتعين وجوبه إلا أن يخاف العنت ولم يجد ما يتسرى به وقد يتعلق المنع بذلك إذا استغنى عنه وعجز عن المهر.

(فصل) وقوله صلى الله عليه وسلم هل معك شيء تصدقها إياه مع ما يأتي بعده من نسق الكلام دليل على أن النكاح لا يجوز أن يعرى عن صداق وقوله وما عندي إلا إزاري إظهار لفقره وإخبار بأنه لا يملك غيره وقوله صلى الله عليه وسلم إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك يقتضي معنيين أحدهما أنه لا يصح أن يصدقها إياه ولو صح ذلك لما احتج عليه بتعذر تسليم الإزار إليها والثاني أنه لا يجوز أن يسلمه لأن ذلك يؤدي إلى البقاء على حالة لا يجوز بها البقاء عليها من كشف العورة والتعري عن جميع الملبس ولذلك لا يباع هذا من الثياب في دين ولا يقضى به حق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير